مع الأسف، من نظر إلى التشكيلة الحكومية الجديدة بشكل سلبي، ويحاول أن يصور الأمور على أنها سيئة، وسوف تدفعنا إلى الهاوية، وأن الحل آتٍ لا محالة، وأننا سندخل في دوامة جديدة، رجع بنا إلى نقطة البداية، فلماذا هذا الاستعجال في فرض النظرة السوداوية؟ لماذا لا نؤمن بأن الغد سيكون أفضل من الأمس، طالما أن في بلدنا المخلصين الذين يعملون جاهدين على دفع عجلة التنمية؟
عندما وصل إلى قاعة عبد الله السالم في الانتخابات الأخيرة نواب مؤزومون لم نحبط، ولكن قلنا بالتأكيد ستتغير الأمور وسيحرص هؤلاء النواب على عدم التصعيد أو المعارضة من أجل المعارضة، ولكن المعارضة لمصلحة الوطن والمواطنين. واليوم علينا أن نتفاءل بالحكومة الجديدة، حتى أن كان هناك بعض الأسماء المخيبة للآمال، والتي تنبئ بتكرار ما حدث من تخبط وارتباك وسوء إدارة وخضوع لأصحاب المصالح والنفوذ. ومع ذلك لابد من فتح صفحة جديدة ولا نحكم عليهم بأحكام مسبقة ونبدأ من جديد، وكأننا نرى هذا الوزير للمرة الأولى أيضاً التي نسمع باسم هذا النائب.
في الفترة المقبلة ليس لدينا خيار آخر غير التعاون والتعاون والتعاون، فهو الوحيد الذي يمكنه أن ينتشلنا من هذا المأزق، وهذا التراجع في المجالات كافة، فلماذا لا نكون حريصين على بلدنا ونتعامل مع الأمور بعقلانية شديدة ونتخلى عن العموميات والأفكار السلبية من دون أحكام مسبقة أو انطباعات سابقة، ومن المفترض أن نتعامل مع أي وزير في هذه الحكومة على أنه جديد ونترك له مساحة من الوقت، ليشمر عن ساعديه، ويبدأ مشواره الوزاري وله الحق علينا أن نسانده ونؤازره، بدلاً من سرد الاتهامات والتشكيك في ذمته. له الحق علينا في أن نقول له أحسنت «يعطيك ألف عافية»، وله الحق علينا أن نسدي له النصح مادام في مصلحتنا جميعاً. لا نريد نقداً هداماً. نريد النقد الذي يصلح ولا يفسد؛ يبني ولا يهدم؛ ينصح ولا يجرّح.
ومطلوب من الحكومة، كذلك، أن تضع خطة استراتيجية واضحة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع ومحددة ببرنامج زمني، تعرضها على المجلس وتبدأ بعد إقرارها في التنفيذ. وهذا يسيّر العمل من دون شخصنة أو مصلحة أو ما شابه، فتتم محاسبة الوزير على مدى التزامه بتنفيذ الخطة في إطار قانوني عقلاني بعيد كل البعد عن المصلحة الخاصة والأهواء الشخصية.
نريد أن يعمل الوزراء ويبدعوا فنرى، على سبيل المثال، وزير الكهرباء ينتشلنا من هذا العجز في الطاقة الكهربائية، مع قدوم الصيف الحارق، فيقدم لنا فكرة قابلة للتنفيذ لاستخدام الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء. نريد أن نرى أفكاراً لتنقية المياه المستخدمة لإعادة استخدامها في ري الحدائق والاستخدامات الأخرى غير الشرب، والتي ستوفر لنا في المياه. نريد أن نرى ونلمس التطوير في الخدمات الصحية بزيادة عدد الأسرّة في المستشفيات والجودة في تقديم الخدمات. نريد مسؤولاً عن البيئة يحافظ عليها بعد أن أنهكت بفعل الإنسان أو بالإهمال الذي طال كل شيء في حياتنا؛ وحرق الآبار على يد جار الشمال الغادر، أو بسبب استخراج النفط، أو حتى بإهمالنا في الحفاظ عليها سواء برياً أو بحرياً.
نريد جودة في مخرجات التعليم بحيث تلبي احتياجات سوق العمل وتحد من البطاله التي يعانيها الشاب الكويتي بعد التخرج. نتمنى أن يحصل المتزوج على سكن بشكل فوري. نريد ونريد ونريد، فهل سنتفرغ للإنجاز أم نتفرغ للشجار والعراك والصراع الذي سيكون في غير مصلحتنا جميعاً؟
نريد من نواب الأمة التريث في استخدام الأدوات الدستورية، وأن يتدرجوا في استخدام هذه الأدوات، وأن يتركوا للوزراء الوقت الكافي لتحقيق الإنجازات، وأن يبتعدوا عن المصالح الخاصة، وأن يغفروا للوزراء أي هفوات سابقة (فالله يغفر ويسامح) فما بالكم وأنتم عباد الله الفقراء. كما نريد من الوزراء الهمة والعطاء والبعد عن الشللية والمحسوبية وتعيين الأقارب والأصدقاء من أبناء القبيلة والطائفة. نريد من الجميع التعاون والتآزر من أجل كويت أفضل إن شاء الله... وتفاءلوا بالخير تجدوه.
ملحوظة:
مع الأسف لدينا مصطلحات وتسميات غير صحيحة أصبحت دارجة رغم فداحة الخطأ في استخدامها، ومنها، على سبيل المثال، مصطلح النواب «الإسلاميين»، والصحيح النواب «المتطرفون دينياً»، لأننا جميعاً مسلمون، ولكن هؤلاء يبالغون في الدين ومتطرفون في فكرهم الديني، أو أنهم هم المسلمون ونحن علمانيون أو كافرون؟


د. حنان المطوع
كاتبة كويتية