أدولف هتلر، دوايت ايزنهاور، ألفريد نوبل، بينيتو موسيليني، بيل غيتس، ناصر عايد المطيري، هؤلاء هم صُنّاع التاريخ. منهم من ودع الحياة بمثل ما استقبل به، ومنهم من ينتظر... حقيقة، أنا لم أكن أعرف ناصر المطيري قبل أن أقرأ لوحات تهانيه «الانتخابية» لأهالي الدائرة الخامسة (بحسب التقسيم الجديد للدوائر) بمناسبة العيد، والتي كتب فيها: «للتاريخ صُنّاعه»، ويبدو أنه صنع التاريخ عندما كنت أنا مدعوّا للعشاء في مخيم «بو عبد الرحمن» على طريق الوفرة، وهناك لعبنا مباراة في كرة الطائرة وأصابني شد عضلي في فخذي الأيسر، ولم أنتبه لناصر وهو يصنع التاريخ. لم أكن موجودا حينها. فالمعذرة.السيد ناصر صنع التاريخ بالفعل كأول مرشح يعلن عن نفسه على اللوحات الاليكترونية، كما تفعل البنوك وشركات الاتصالات. وإذا كان صرف كل هذه الأموال للتهنئة، فكم سيصرف في حملته الانتخابية؟ ومن أين سيسترد هذه المبالغ الطائلة؟ دعواتكم له بالتوفيق.تذكرت وصفا أطلقه الغائب الحاضر وليد الجري الذي يمتلك موهبة توصيف الأمور بطريقة تخلد في الذهن والذاكرة. ومن ضمن توصيفاته: بعض الحملات الانتخابية «إبهار» لا «إخطار»! فأنت عندما تعلن عن نفسك مرشحا، يكفيك لوحات خشبية عادية وبعض الإعلانات في الصحف عن ندواتك. لكن ما رأيناه ونراه في حملات البعض هو تنافس هوليوودي مكلف ماليا. وكأن هذا البعض يريد إرسال رسائل مختصرة: «أنا مدعوم»، «أنا جاهز لشراء الأصوات»، «لا مجال للمنافسة إلا للأثرياء»... هناك أيضا مقولة جميلة لوليد الجري ذكرها في برنامج ستة على ستة التلفزيوني عندما تحدث عن «مرشحي ونواب الحاضنات» الذين اعتادوا على دفء الرعاية. وبالفعل، هؤلاء لا يجرؤون أو قل لا يقامرون، من الأساس، بالخروج من حاضناتهم التي تكفلت بهم انتخابيا من المهد إلى اللحد، ولا يملكون من أمرهم شيئا.* * *منطقيا، يُفترض أن يزداد وقتي المخصص لقراءة الصحف بعد ظهور الصحف الجديدة، لكنني اكتشفت العكس، إذ أصبحت أكتفي بقراءة الصفحات الأوَل، ثم الانتقال بـ «التلفريك» لقراءة انتاج كاتب أو كاتبين فقط في كل جريدة، من دون المرور على أي صفحة أخرى بخلاف صفحة الفن والفنانين... والملاحظ في كتّاب المقالات هو أن حمَلة لقب «الدكتور» منهم غالبا ما توزن مقالاتهم بـ «الطن غرام المربع». ليس من ناحية المحتوى وإنما من ناحية وزنها على كبد القارئ... فالدكاترة أفضل منا نحن «الصلعان» الذين لا نحمل حرف «الدال»، إذ نستخدم نحن الورقة والقلم للكتابة، بينما يستخدمون هم الورقة والقلم والمسطرة والفرجار والكلمات الانكليزية المربربة، دليلا على ثقافتهم وسعة اطلاعهم، فتخرج لنا مقالات يابسة. صعبة القضم. تبارك المولى.* * *مع بدء الغزو الصدامي كان برتبة وكيل ضابط، عندما اقتحمت أوّل حافلة عسكرية تقل عشرين مقاتلا عراقيا معسكر «جي ون» حيث يتواجد.. لحظتها ظهر الولاء للبلد على حقيقته، وظهرت معه المراجل: البعض تخلص من ملابسه العسكرية وهرب رغم تزاحم النجوم على كتفيه، لكن البعض الآخر وفي مقدمهم الوكيل صاحبنا تصدوا للحافلة، أو بالأحرى والأصدق، تصدى هو لوحده للحافلة أمام مرأى ومسمع الجميع، فقتل بعضهم وأسر البقية! بطولته هذه ليست من الخيال، وإنما معروفة ويرددها كل من كان في المعسكر ساعتذاك. وبعدما وصلت الإمدادات الصدامية وسيطرت على مداخل المعسكر ومخارجه، قام فاضل بتغطية انسحاب زملائه، ولم يخرج إلا بعدما تأكد من انسحابهم كلهم، ثم انصرف بعد ذلك لخدمة أهالي محافظة الأحمدي الصامدين طوال السبعة أشهر القاتمة. الكل يعرفه ويعرف بطولاته.والدته كويتية الجنسية وزوجته كذلك، وبطولاته يتغنى بها زملاؤه، ومع ذلك لا يزال يدور ما بين المكاتب للحصول على الجنسية وهو يكفكف دموعه! سبع عشرة سنة، لم تكفنا لإهانة البطل. تبّا لنا ولمبادئنا. ما أحقرنا وأحقرها... أيها البطل فاضل غلوم، هل يفيدك بشيء إن قلنا لك بأننا كلما تذكرنا تضحياتك وجميلك للكويت ونكران أهلها لك، كفكفنا دموعنا مثلك؟ هل يفيدك هذا بشيء؟
محمد الوشيحيalwashi7i@yahoo.com