عندما تخرجت في عام 1996 تقدمت بطلب للدائرة الاقتصادية في معهد الكويت للأبحاث العلمية والتي كانت ترأسها الدكتورة رولا دشتي. كنت مفعمةً بالحيوية وطموح الشباب آنذاك لم يخطر ببالي دور الانتماء في شغل الوظائف الدنيا والعليا، ولم تكن تربطني ولا المقربين مني أي صلة برئيسة الدائرة.
هذه الإنسانة التي وظفتني فوراً بناء على إمكاناتي وشهادتي الجامعية وولعي بتخصصي وأمنيتي أن أكون شخصاً منتجاً لوطن تكفل بتعليمي بمراحل حياتي كلها. أن يكون أول رئيس لك في عملك إنسان يهتم بك فكرياً ويفعل المستحيل لصقلك وإظهار أحسن ما عندك هو فرصة عظيمة لا يحظى بها الكثيرون.
كانت الدكتورة رولا دشتي قدوة وأمل لكل من تدرب تحت يديها. تهديك وقتها وجهدها وتستمع لشكواك وتذمرك بكل صدر رحب. تعطي الكل شعورا أن لا أحد مهما إلا أنت.
كانت معظم المشاريع التي نقوم بدراستها في معهد الأبحاث تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العام للدولة. ولما لتوصيات هذه الدراسات من أهمية كانت الدكتورة رولا دشتي تسعى جاهدةً لتأهيل كوادر قادرة على التحليل مقدرة أهمية العمل الجاد ومتفانية لإيجاد الحلول المناسبة.
كانت الدكتورة من خلال التدريب العملي في هذه المشاريع تعطينا الفرصة لإبداء الرأي والاختلاف فيه وتحرص على اشراك الكل في المناقشة الإيجابية وخلق الأفكار للخروج بأفضل وأنسب التوصيات التي بالإمكان تطبيقها على أرض الواقع. كانت تغرس فينا مبادئ وأخلاقيات البحث العلمي مهما كانت العواقب والضغوط السياسية.
لقد مهدت الدكتورة لي الطريق للارتقاء بتعليمي لمرحلة الماجستير وتدرجت في المناصب القيادية في القطاع الخاص حتى أصبحت على رأس عملي. أدين لأشخاص قلة لما وصلت إليه اليوم، والنجاح الذي أحظى به اليوم مبني على حجر أساس بنته هذه الإنسانة في بداية طريقي لتمهد لي الدرب حتى هذا اليوم. لا تزال هذه الإنسانة منبعاً أستقي منه ولا يزال الدين يتراكم.


سارة النصار