أكمل التاريخ رحلته في ربوع الكويت، والكويت كلها مرابع، لا زرع فيها ولا ضرع، ولا ماء فيها ولا وجه حسن، فيها وجوه تقطع «الخِلفة» من رحم النساء، وتطير النوم من عيون الاطفال... ولانه لم يجد ما يكتب عنه بحث في الصحف، وفي صفحات المجتمع بالذات، واكتشف شيئا غريبا!
فأخرج التاريخ قلمه من غمده، وبلله بلسانه، واخرج جلد غزال من جبته، وراح يكتب: في هذه البلاد تتشابه جميع الاسماء، وسبب تشابه الاسماء ان هذه البلاد، تشبه «عين عذاري» وهي عين في البحرين، وتحكي الروايات انها تسقي البعيد وتترك القريب، وكذلك هذه البلاد، حيث تبني شارعا في «تريناداد وتوباغوا» ولا تستطيع ان تعبد شارعا في حولي، فسبحان مقسم الارزاق والعقول، ولهذا سميت هذه البلاد بالكريمة، وهكذا سميت بناتها!
فقد اكتشفت ان كل النساء في هذه البلاد اسمهن «كريمة» فقد قرأت في صحفهن ان كريمة فلان تزوجت من فلان الفلان، وكريمة علان تخرجت، وكريمة فلان الفلاني عادت من رحلة علاج بصحبة كريمة علان، وصورة مشتركة بين كريمة فلان وكريمة فلنتان!
وقلت لنفسي، وانا الحامل لهم الاجيال، لماذا لا يسمون عزيزة، امينة، غالية، منهوبة، مسلوبة... لماذا مصرون على كريمة؟
وردَ عليّ مواطن من هذه البلاد وقال: يا هذا انها ليست اسماء، بل لقب، وكريمة تعني ابنة، فمن المعيب في شرفنا، وتقاليدنا، ذكر اسماء نسائنا وبناتنا!
فقلت له: ولماذا تنشر المرشحات اسماءهن، ولا تكتب تحت صورهن، كريمة العوضي، وكريمة دشتي، وكريمة الجسار، وكريمة مبارك...؟
وقلت له: انا اكتب التاريخ، وفي التاريخ اكتب اسماء نساء العرب، دون لقب كريمة، وهذا من بداية خلق العربان وركوبهم الابل، وحتى قبل اسبوع، والعربان عادة يفتخرون بأخواتهم، فهناك «اخوان نورة» و«اخوان مريم» ولم اسمع باخوان «كريمة فلان» فما هذا الهراء!
لم يفهم من حدثته معنى كلمة الهراء، لان ما يحصل هراء في هراء... رميت قلمي، بعد ان كتبت، أي نوع من البشر هؤلاء الذين يخجلون من اسماء بناتهم!


جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com