| بيروت - من محمد حسن حجازي |
علاقة سينمائية ربطت بين التاريخ اللبناني القريب والسينما من خلال قصة واقعية حصلت في الستينات حين تمكنت المخابرات اللبنانية (الشعبة الثانية) من رصد شبكة تجسس اسرائيلية والقبض على رئيستها شولا كوهين (تلعب الدور في الفيلم دارين حمزة) وأفرادها من اللبنانيين يتقدمهم محمود العارف (طارق تميم) الذي عرف باسم بائع المعلومات او سمسارها بين باقة من تلاوين المخابرات: السورية، الاردنية، المصرية وغيرها، اثر عملية رصد وتحر طويلة خاضها ضابط المخابرات اللبناني جورج بركات (سامر الغريب) الذي دخل في علاقة عاطفية مع شولا التي احبته، ما سمح له بالدخول الى عالمها ومعرفة الكثير من التفاصيل التي افضت الى القبض عليها وعلى فريقها في لبنان.
المخرج فؤاد خوري تولى اخراج الشريط «شولا كوهين اللؤلؤة» الذي كان معداً ليكون شريطاً تلفزيونياً الا انه حُوّل سينمائياً وعرض على الجماهير بدءاً من التاسع من ابريل الجاري على 11 شاشة محلية.
المشكلة الوحيدة في الفيلم هي الايقاع. فشريط له هذه السمة الجاسوسية ولا مؤثرات خاصة او مشهدية فيه يعتبر نقصاً عوض عنه الكاتب انطوان فرنسيس بتكثيف المادة المكتوبة والاحداث المتداخلة التي سمحت بالتعويض عن الايقاع لكنه لم يسد كافة الثغرة.
دارين حمزة لعبت الدور الرئيسي لـ «شولا»، وخدمها غموض انثوي خاص في سحنة الوجه والتعابير، ولم تكن ممثلة محترفة بمعنى استخدام مهارات فنية في التمثيل، فعوّضت فراسة الوجه عن قدرات الفنانة.
العميل اللبناني المزدوج: العارف (تميم) كان دوره محورياً في الشريط فهو التقى معظم قيادي اجهزة المخابرات ابان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وفي سورية، وفي الاردن، وكان يبيع المعلومات للجميع، وقد ادى الممثل الكوميدي اصلاً دوره بتقنية متميزة جعلته بحق محور الاحداث، خصوصاً وانه يعتمد على فطرة خاصة في حواراته وبدا جلياً انه ابتكر الكثير من التعابير خلال التصوير.
ثالث الحاضرين سامر الغريب، في دور ضابط الشعبة الثانية الذي اوقع شولا بعدما التهمته بعينيها عندما التقته صدفة في احدى المناسبات البيروتية الرسمية والتي كانت شولا تدعى اليها جميعاً وتحظى بعلاقات ودية واسعة مع شخصيات متعددة المستويات.
والمعروف ان هذه الاحداث وقعت ابان رئاسة الراحل رشيد كرامي للحكومة في الستينات، حين اعطى اوامره بمراقبة موظف المالية محمود العارف بعد ظهور بوادر اختلاس من صندوق وزارة المال، وهو امر افضى الى خيوط مرتبطة باليهودية شولا كوهين التي تشغل اليوم منصب نائب في الكنيست الاسرائيلي، لان هذه المرأة التي اعتقلت في عز تنفيذها لمهامها في بيروت امضت ست سنوات قبل ان تندلع حرب العام 76 وتطلب اسرائيل عبر احد مندوبي الصليب الأحمر الدولي استرجاع عميلتها كوهين، وتوافق السلطات اللبنانية التي تسترجع في المقابل معدات تقنية تعود للبنان.
يلحظ الفيلم حصول حالات تهريب يهود يعيشون في وادي ابو جميل في بيروت، الى اسرائيل عن طريق نقاط حدودية مع لبنان، وبواسطة سيارات مدنية لبنانية كانت تقلهم الى هناك حيث يكون في استقبالهم ضباط اسرائيليون للاهتمام بهم.
كما يلحظ الشريط مغادرة شولا عدة مرات لبيروت عن طريق البحر الى حيفا، للقاء ضباط الموساد الذين طلبوا منها، وهي طلبت بدورها من الضابط بركات تصوير مجموعة من وثائق وزارة الدفاع اللبنانية تشير الى مشتريات لبنان من الأعتدة العسكرية المتقدمة لدعم قدرات الجيش اللبناني، اضافة الى لحظ عمليات تعقب ومراقبة لحركة ضباط لبنانيين كانوا يسافرون الى اميركا واوروبا للتفاوض على شراء اسلحة للجيش.
المعلومات تشير الى ان كل هذه العمليات كانت تتم باشراف مباشر من قائد الشعبة الثانية يومها انطوان منيّر يساعده مروان مراد (يلعب دوره في الفيلم نزيه يوسف).
يلحظ الشريط مشاركة عدد من نجوم لبنان في التمثيل وان في ادوار ضيوف شرف (انطوان كرباج، غسان رحباني، رفعت طربيه، جاهدة وهبة، فادي رعيدي).
حين التبادل عند الحدود اللبنانية - الاسرائيلية تنظر شولا الى ارض لبنان وتقول: راجعة.