فصل آخر انجز اليوم بالضربة التي حصلت في مكان لم يتوقعه احد. كان لا بد من تذكير اللبنانيين بأن عليهم ان يخففوا من تفاؤلهم بالوصول الى حل، وان يتخلوا عن الاعتقاد، ولو للحظة، بأن لهم دورا اساسيا في الاستحقاقات الكبيرة.ضربة في مكان لم يتوقعه احد، فالصفقة لم تنضج الى درجة «التلزيم». صحيح اننا لم نتوقع من احد ان يرسي المناقصات الختامية علينا بهذه السرعة، وصحيح اننا لم نقف مكتوفي الايدي حتى يحين الوقت وبادرنا الى «التلزيم بالباطن» لمتعاونين وشركاء، لكن الصحيح ايضا ان كل ما قمنا به اوصلنا الى هذه النتيجة وليس العكس، وان معايير البسطاء في السياسة الذين يتساءلون عن المصلحة في استمرار السلوك نفسه هي معايير سطحية... يكفي ان يقارنوا فقط اين كنا قبل عام واين اصبحنا اليوم!اعتقدوا انفسهم اذكياء. وافقوا على تسوية عنوانها قائد الجيش بعدما كانوا يرفضون تعديل الدستور ظنا منهم انهم يستطيعون حشر الجميع والخروج بنتيجة تحفظ الحد الادنى من التماسك. اعتقدوا اننا سنحرج امام العالم اذا عرقلنا لكنهم لم يعرفوا ان العالم يحتاجنا اليوم ونحن نلعب معه على المكشوف في اكثر من مكان. امن هنا، تسوية هناك، تقارب في مكان ثالث... اعجبه اعجبه، لم يعجبه فليبلط البحر لانه سيخسر هو ومن يسانده بينما نحن اقوياء اكثر من اي وقت آخر.جاؤوا ورحلوا، ثم جاؤوا فرحلوا. خيموا في بيروت ومارسوا السياحة السياسية بين المرجعيات. لم يبق الا ان ينعقد مجلس الامن في لبنان. حتى ان الاخ الاكبر جورج بوش لم ينس ان يذكر لبنان في افتتاح مؤتمر انابوليس وكأنه يريد ان يقول لحلفائه هناك بان اي تسوية لن تكون على حسابهم. ثم خرجت كلمة سر: المشروع الوحيد المتاح الان امام اللبنانيين هو مشروع الفراغ يليه مشروع الفوضى تليه الحرب لاستكمال انهيار الدولة وحين تسقط الدولة تسقط قرارات كثيرة. تصرفوا على اساس ان التسوية مهما حملت من تنازلات الا انها تبقى افضل من المشروع البديل،وان ترميم البلد يبقى متاحا في ظل رئيس معتدل توافقي، وان عجلة الدولة لا بد ان تتحرك والتحالفات لا بد ان تتغير. وافقوا على ميشال سليمان ثم اكتشفوا ان ادوات التعطيل اكثر بكثير مما يظنون، فهناك من اعطى سلفة ولا بد ان تعاد له... ومع فوائدها، وهناك من ضحى بالكثير ولا بد ان يحصد الثمن، وهناك من عطل وشل وخنق واقفل الابواب ولا بد ان نردها له بالافراح.ناموا على اسم رئيس. اتفقوا على مخرج. تعطل الاتفاق لان بعض الشركاء تسرع كعادته وكان لا بد من لقاء ليلي يعيد البوصلة الى ما كانت عليه. دخل الجميع في ازمة التعديل على وقع مطالب يومية لم تنته ولن تنتهي: تعدل الدستور الحكومة ام المجلس؟ من سيكون رئيس الحكومة المقبل؟ من سيكون قائد الجيش؟ ما مدة الرئيس؟ كيف ستوزع الحقائب الوزارية؟ قانون الانتخاب المقبل؟اكتشفوا ان القصة ليست قصة رئيس بل قصة نظام. هم لعبوا الورقة كما يريدون ونحن لعبناها كما نريد. الثمن الذي حصلنا عليه حتى الآن لا يكفي، هناك الكثير الكثير ليفعلوه خصوصا اننا صرنا في منتصف الطريق الى ما كنا عليه وشركاؤنا يستحقون ألا نخذلهم. عموما نحن لسنا من يبيع التحالفات في سوق التسويات بل غيرنا يفعل.اتفقوا على ان الجيش هو الحل، ها هي الضربة تطال احد اقوى عناصر الحل، وتقول للمرشح التوافقي ان الالغام يمكن ان تتضاعف خصوصا اذا تركزت النية على زرعها في عقر داره. الحل لم ينضج بعد. الاحراج لا يهم. الارتباك دائما دائما عند غيرنا... وآخر ما نحتاج اليه هو ان يعطينا احد درسا في السلوك في منطقة لا تستدرج تنازلات دولية الا بالعنف.القضية قضية نظام لا رئيس... فالنظام اولا، وعليهم قراءة رسالة «تفجير اليوم» بهذا المعنى، لان «الأمر لي» حتى اشعار آخر.
مقالات
علي الرز / الأمر له ... حتى إشعار آخر
12:53 م