أتمنى أن أفك شفرة أحد النواب في المجلس المنحل لأقرأ ما يدور في عقله، لكني أستطيع ان اعبر عن تفكيره بالتالي:
• صج ان ربع الديوانية اخدعوني عندما شجعوني على النزول وصوروا لي الأمر بالسهولة.
• في البداية كان الأمر جميلا وسهلا، ووجدت الصحف تتسابق على وضع صورتي ونقل كلامي وشعرت فجأة بأني صرت مهما.
• بدأت الصحف تساومني على نقل ندواتي وكلامي مقابل نشر إعلانات لديهم، ورحبت في البداية، لكن اكتشفت انها اغلى من بيع السوق.
• حتى إيجار الخيام والاتفاق مع مطاعم خسرني مبالغ كبيرة، والمشكلة اني اسمع تعليقات من الناس ان «بوفيهي» (يلوّع الكبد) (سيئ) ويقارنونني بالهوامير، وأغلب من يحضرون المخيم للأكل.
• مشكلة اهل الكويت انهم ما يقولون للمرشح ما نبيك، بل الكل يوعدني أو يقول (يصير خير)، واكتشفت بان العدد الذي ضمنته لانتخابي تقلص إلى الربع.
• لكن بفضل الله تعالى فزت في آخر القائمة، وعندما شالني الناس على أكتافهم، شعرت بأني عظيم زماني ولم اعلم بأنهم انما يحملونني إلى قبري.
• فرحت بمقابلة كبار رجالات الدولة وبالسيارة (BMW) التي اعطوني اياها بعد سيارتي (الكحيانة) وبخط الهاتف.
• بدأت الصحف التي كانت تنقل اخباري تهاجمني دون ان اعلم عن السبب، وكتّاب مقالات وجدوني لقمة سائغة للاستهزاء اليومي بي.
• بدأت الطعونات في نتائج الانتخابات وكنت مهددا بالطرد بعد شهر واحد من الفوز وهو شعور مؤلم ففرحة النائب لا تتم ابدا.
• حسبت ما أنفقته على الانتخابات فوصلت الفاتورة إلى 200 الف دينار استدنت نصفها من ربع الديوانية والنصف الآخر اقساط مؤجلة على الصحف والمطاعم وغيرها، ولكن قلت في نفسي: ولا يهمك، اربع سنوات تكفي لتعويض ما فات، ويمكن يعينوني وزيرا فأدخل في قائمة اثرياء الكويت.
• دخلت المجلس في حفل الافتتاح فاذا الامور غير مما يتصوره الانسان، الكل يحفر للآخر والكل يصرخ على الآخر، وتنافس على المناصب ومساومات على الصوت، رشحت اسمي لجميع اللجان ولكن لم أفز بأي منها، وزميلي قال لي: هذا جزاء من يعيش مستقلا، ومن لا شيخ له فالشيطان شيخه (مثل صوفي).
• لم يمض على بدء المجلس اكثر من اسبوعين حتى دخلنا في سبات عميق وفي عطلة اربعة أشهر لا ادري ما الهدف منها، رجعنا في أواخر شهر اكتوبر، وجلسنا شهرا او شهرين فتخانق النواب مع الحكومة وحلوا الحكومة، وظللنا ننتظر شهرين لا ندري ماذا سيفعل بنا، هل سنذهب إلى بيوتنا ام سيسمحون لنا بالإكمال؟!
• منّت علينا الحكومة واعطتنا مهلة اخرى مع اننا لاذنب لنا فيما حدث، ودخلنا المجلس بروح غير ما كانت عليه في السابق، فالكل متحفز والكل متوتر، وكنا ننتظر عود كبريت لنشتعل، وتحرك نواب (ما أدري من وين جاءوا) لزيادة التأزيم وصب الزيت على النار، واستجواب وراء استجواب، ونحن نناديهم: يا جماعة حرام عليكم ان لم تخافوا على البلد فعلى الاقل خافوا على الفلوس اللي دفعناها للانتخابات.
• وحدث ما كنا نتوقعه واتصلوا بنا لارجاع السيارة BMW والهاتف النقال، حتى سكرتاريتنا جاءهم الترحيل القسري، ورأينا الناس في الشوارع وفي الفضائيات يشتموننا وكأننا خسرنا معركة الجهراء، والمشكلة هي اننا نحن العقلاء الذين نأينا بأنفسنا ولم ندخل في المعمعة اصبحنا عند الناس نحن الحكوميين ونحن المتخاذلين، بينما الذين أزّموا الاوضاع هم الابطال الذين دافعوا عن البلد، وخرجنا من المولد بلا حمص.
• اما الـ200 الف دينار التي صرفتها على الانتخابات فقد اصبحت هباء منثورا، وياليتني ما صدقت ربع الديوانية فقد كانت تسعة اشهر من عمري اسوأ من جميع المصائب التي مررت بها.


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com