الديموقراطية في الكويت تمثل حالة لافتة جداً ليس فقط في منطقة الخليج، ولكن في عالمنا العربي كله، فلم يعرف العالم العربي تجربة سياسية برلمانية ديموقراطية متميزة في نسبة الممارسة السياسية، كما في الكويت.
ورغم أن الشعب الكويتي يظهر أحياناً تذمره وأحياناً كراهيته من نتائج ديموقراطيته التي تتسبب في عدم استقرار الحكومات وتغيرها كثيراً، ومن ثم حل مجلس الأمة أحياناً، إلا أن الكثير من الشعوب العربية تنظر إلى ما يحدث في الكويت بإعجاب وتتطلع إلى يوم تجد فيه ديموقراطية برلمانية، كما في الكويت.
البعض في الكويت أظهر غضبه بشدة لسلاح الاستجوابات الذي يظهره أعضاء البرلمان للحكومة ويحرجونها سياسياً به، والبعض طالب بتقليمه، والآخر طالب بوقفه عند حده، والبعض تمادى فطالب بوقفه، ولكن الكثير من الشعوب العربية والمهتمين بالعمل العام في وطننا العربي يتعجبون من هذا النقد للاستجوابات ويتمنون اليوم الذي يقف فيه عضو البرلمان في بلدهم يسأل الحكومة ويحرجها سياسياً، وإن لم يسقط وزيراً ويدفعه إلى الاستقالة فعلى الأقل يحقق هدفه من الاستجواب بإعلان ما يريد حتى وإن فلتت الحكومة، ولم تسقط في فخ الاستجواب وتتغير. إنها أمنيات في كثير من البلاد العربية، ومن المفارقات أن تلك الأمنيات يتذمر منها البعض في الكويت.
صحيح أن ما يحدث في ديموقراطية الكويت ليس مثالياً، وأن عدم الرد على الاستجوابات يحدث إشكالية بين البرلمان والحكومة، ثم إن حل البرلمان وتغيير الحكومة ليسا حلاً مقبولاً عند البعض، فقد تم حل البرلمان خلال عام، ولم تتغير علاقته المتأزمة مع الحكومة الكويتية، لكن إن كان البعض يعتبر أن الحل مرفوض، وأن تغيير الحكومة هو المطلوب، فعلى الرافضين أن يدركوا أنهم فعلوا ما لم يفعله نظراؤهم في المنطقة العربية فقد وصلوا إلى درجة من الديموقراطية البرلمانية، وإن كان البعض يعتبرها غير فعالة، لكنها درجة مقبولة جداً.
لا أقول عدم استخدام الحق البرلماني فالسكوت على ما يراه عضو البرلمان أخطاء أياً كان حجمها غير مقبول. فالتصدي للأخطاء أمانة في عنق عضو البرلمان يجب أن يؤديها بصدق والعضو البرلماني الساكت عما يراه خطأ فهو في حكم المتواطئ على الخطأ. ولكن لا يغيب أن مدينة فاضلة خالية من الفساد والأخطاء أمنية يسعى المخلصون إلى تحقيقها على قدر ما يستطيعون في كل مكان.
ويبقى أنه يوجد بعض القصور في تطبيق الديموقراطية البرلمانية في الكويت. لكن هنا ينبغي على الجميع دائماً تذكر حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لا تنظروا إلى من هو فوقكم ولكن انظروا إلى من هو دونكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعم الله عليكم». نعم، فالواقع العربي مؤلم في الحريات السياسية وعلى الذين يشكون ويتذمرون من قصور التطبيق الديموقراطي في الكويت أن ينظروا خارج حدود الكويت ويتأملوا في تجربة نظرائهم وليخرجوا أكثر بعيداً عن الحدود إلى بلدان لا توجد فيها أصلاً تجربة ديموقراطية برلمانية، والاستبداد دائماً متربص بكل حرية سياسية ليجلس مكانها فانتبهوا يرحمكم الله.
ومع انتخابات جديدة وبرلمان جديد وحكومة جديدة يعتقد البعض أنه لا جديد إذا ظل الوضع على ماهو عليه، ولكنني أعتقد أن تصويت الشعب لمصلحة نوابه الصادقين هو أكبر نصر للحرية في الكويت.
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب مصري
Elsharia5@hotmail.com
ورغم أن الشعب الكويتي يظهر أحياناً تذمره وأحياناً كراهيته من نتائج ديموقراطيته التي تتسبب في عدم استقرار الحكومات وتغيرها كثيراً، ومن ثم حل مجلس الأمة أحياناً، إلا أن الكثير من الشعوب العربية تنظر إلى ما يحدث في الكويت بإعجاب وتتطلع إلى يوم تجد فيه ديموقراطية برلمانية، كما في الكويت.
البعض في الكويت أظهر غضبه بشدة لسلاح الاستجوابات الذي يظهره أعضاء البرلمان للحكومة ويحرجونها سياسياً به، والبعض طالب بتقليمه، والآخر طالب بوقفه عند حده، والبعض تمادى فطالب بوقفه، ولكن الكثير من الشعوب العربية والمهتمين بالعمل العام في وطننا العربي يتعجبون من هذا النقد للاستجوابات ويتمنون اليوم الذي يقف فيه عضو البرلمان في بلدهم يسأل الحكومة ويحرجها سياسياً، وإن لم يسقط وزيراً ويدفعه إلى الاستقالة فعلى الأقل يحقق هدفه من الاستجواب بإعلان ما يريد حتى وإن فلتت الحكومة، ولم تسقط في فخ الاستجواب وتتغير. إنها أمنيات في كثير من البلاد العربية، ومن المفارقات أن تلك الأمنيات يتذمر منها البعض في الكويت.
صحيح أن ما يحدث في ديموقراطية الكويت ليس مثالياً، وأن عدم الرد على الاستجوابات يحدث إشكالية بين البرلمان والحكومة، ثم إن حل البرلمان وتغيير الحكومة ليسا حلاً مقبولاً عند البعض، فقد تم حل البرلمان خلال عام، ولم تتغير علاقته المتأزمة مع الحكومة الكويتية، لكن إن كان البعض يعتبر أن الحل مرفوض، وأن تغيير الحكومة هو المطلوب، فعلى الرافضين أن يدركوا أنهم فعلوا ما لم يفعله نظراؤهم في المنطقة العربية فقد وصلوا إلى درجة من الديموقراطية البرلمانية، وإن كان البعض يعتبرها غير فعالة، لكنها درجة مقبولة جداً.
لا أقول عدم استخدام الحق البرلماني فالسكوت على ما يراه عضو البرلمان أخطاء أياً كان حجمها غير مقبول. فالتصدي للأخطاء أمانة في عنق عضو البرلمان يجب أن يؤديها بصدق والعضو البرلماني الساكت عما يراه خطأ فهو في حكم المتواطئ على الخطأ. ولكن لا يغيب أن مدينة فاضلة خالية من الفساد والأخطاء أمنية يسعى المخلصون إلى تحقيقها على قدر ما يستطيعون في كل مكان.
ويبقى أنه يوجد بعض القصور في تطبيق الديموقراطية البرلمانية في الكويت. لكن هنا ينبغي على الجميع دائماً تذكر حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لا تنظروا إلى من هو فوقكم ولكن انظروا إلى من هو دونكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعم الله عليكم». نعم، فالواقع العربي مؤلم في الحريات السياسية وعلى الذين يشكون ويتذمرون من قصور التطبيق الديموقراطي في الكويت أن ينظروا خارج حدود الكويت ويتأملوا في تجربة نظرائهم وليخرجوا أكثر بعيداً عن الحدود إلى بلدان لا توجد فيها أصلاً تجربة ديموقراطية برلمانية، والاستبداد دائماً متربص بكل حرية سياسية ليجلس مكانها فانتبهوا يرحمكم الله.
ومع انتخابات جديدة وبرلمان جديد وحكومة جديدة يعتقد البعض أنه لا جديد إذا ظل الوضع على ماهو عليه، ولكنني أعتقد أن تصويت الشعب لمصلحة نوابه الصادقين هو أكبر نصر للحرية في الكويت.
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب مصري
Elsharia5@hotmail.com