يقول الله تعالى في كتابه الكريم «يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين»، وقد أردت أن أبين رأيي في انسان عرفته أكثر من ثلاثين عاما وعشت معه في الحضر والسفر وأعرف من سيرته ما لا يعرفه الكثيرون، وأعلم أنه قد لا يرضى بما سأذكره عن حياته، ولكن آلمني ما شاهدته في مواقع الانترنت وبعض المقالات من سلخ لرجل أفنى حياته في خدمة الدعوة الإسلامية وفي الصدع بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، وتصويره بأنه تاجر خمور ولحم خنزير.
إنه الأخ خالد سلطان بن عيسى، والذي قد لا يعرفه الكثيرون إلا من خلال مواقفه السياسية، ونعلم جميعا بأن العمل السياسي هو مجال للتنافس الشريف وغير الشريف، ومجال للتجريح وتدمير الخصم مما قد يأخذ أبعادا كبيرة قد تبدو غريبة على مجتمعنا الكويتي الذي لم يتعود على تلك الأمور، ولكن من منا يعرف بأن الأخ أبا وليد قد ترعرع في أسرة غنية ويملك الأموال الكثيرة التي ينفق منها ليلا ونهارا في وجوه الدعوة والتبرع وعمل الخير؟ فهو ليس بحاجة إلى أخذ أموال الناس ولا بحاجة إلى المتاجرة بالمحرمات، بل يحدثني بأن عروضا كثيرة قد جاءته سابقا للدخول في مناقصات للدولة تتم ترسيتها على شركاته بملايين الدنانير مقابل أن يكون لأطراف جزء من العمولة، فكان يرفضها ويقول بأن ما عند الله خير وأبقى.
ومن منا يعرف بأن أبا الوليد يحج كل عام منذ ثلاثين عاما وله حظ كبير من العبادات، ويقضي أغلب شهر رمضان في العمرة، وهو ما يتنافى مع سلوك من يحرص على تجارته وأرباحه؟ ومن منا يعرف بأنه كان من ضمن النواب الذين شرّعوا تحريم الخمر عندما كان في مجلس الأمة عام 81، بل وتصادم مع متنفذين بسبب رفضه للحفلات الماجنة التي كانت تفرض على البلاد؟
ومن منا يعرف بأن أبا الوليد قد ضحى بحياته إبان الغزو الآثم لدولة الكويت، فقد كان يحرس بيوتا سافر أهلها الى ان قبض عليه جنود الاحتلال وسجنوه وعذبوه عذابا شديدا ونتفوا لحيته؟
وهنالك مواقف كثيرة أعلم بأنه سيغضب لو كشفتها للناس عن حياته وسيرته.
لو كان أبو الوليد ممن يشربون الخمر أو يتاجرون فيها لما توقفت لحظة للدفاع عنه، ولو كان قد بادر الى المساهمة في شركة من أساس عملها بيع الخمور لما توقفت لحظة للدفاع عنه، ولكنه كما أوضح له أسهم في الشركة ورثها من أبيه (كما اعتقد) وعملها الاساسي بيع المواد الغذائية، وأنه يساهم فيها دون تدخل منه في ادارتها، كما أنه قد فوجئ بأن الشركة قد استحوذت على شركة في لبنان وكانت تبيع الخمر ولحم الخنزير فبادر إلى مخاطبة القائمين عليها بضرورة التخلص من تلك المحرمات ووعدوه بذلك، واتكل على ذلك الوعد، لا سيما وأنهم قد اشتروا شركات مماثلة في الاردن وفي عمان وتخلصوا من المحرمات فيها.
وأنا أقول بكل صراحة بأن أبا الوليد قد ارتكب خطأ بالاتكال على وعود القائمين على الشركة بالتخلص من المحرمات، وكان الواجب عليه مطالبتهم بالتنفيذ الفوري لذلك ليس فقط لانها كبيرة من الكبائر، ولكن كذلك لان أبا الوليد هو رمز من رموز الدعوة السلفية ورمز سياسي، ومن شأن أي شبهة تثار ضده ان تؤثر في مصداقيته أمام الناس - لا سيما مع تناقل الاخبار دون تثبت من البعض - ومع أن التخلص من المحرمات التي اختلطت بالحلال قد أصبحت صعبة في مجتمعاتنا، فالربا الذي هو أشد حرمة من الخمر يمر بمراحل كثيرة في المجتمع قبل ان يتم التخلص منه، لكن رجلا بمكانة أبي الوليد يجب ألا ينتظر بل ويبادر.
لعلي أكون قد أوفيت ببعض حق هذا الرجل في أن أكشف الجانب المضيء من حياته وكلنا بحاجة الى عفو الله تعالى ورضاه.


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com