إعداد :
سعود الديحاني النهضة العمرانية التي حدثت في السكن الخاص عمل بها أناس قدموا للكويت قبل خمسين عاماً فادركوا التحول العمراني واصبحوا شهود عيان لهذا التغيير ضيفنا اليوم كان أحد أولئك العمال البسطاء الذين يعملون باليومية ثم تدرجوا بمهن المقاولات حتى صار لهم عمل خاص بهم يحدثنا قدم علي عن عمله وعن المناطق التي كانت محل ذهابه وعودته ثم يسترسل معنا عن المواد الخام التي كانت متوافرة في تلك الأيام وكم كانت أجرة العامل البسيط بها أحاديث متنوعة مع ضيفنا اليوم فلنترك له ذلك:
ولدت في بلدة شهر كوت التي تقرب من اصفهان فليس بينها الا تسعون كيلومتراً والموارد الاقتصادية في بلدنا ومعظم القرى المحيطة بنا هي الزراعة التي تعتبر عصب الحياة لنا ولمن سكن في منطقتنا، فالسماء الأمطار لا تنقطع منها والانهار موجودة وهناك قناة لتجميع الأمطار والمواد الغذائية هي التي تزرع عندنا في البلاد الى جانب العنب والارز والذرة، بدأت حياتي العملية في الزراعة ولم يكن للدرس والتعليم مرحلة في حياتي لذلك انخرطت في العمل وعمري تسع سنوات الى جانب والدي الذي أنا وحيد له فليس لي اخوان وكانت يومية العامل سبعة تومان لذلك عملت مع غير الوالد بالزراعة ثم أخذت انتقل من بلد الى بلد اعمل في البناء فوصلت الى اصفهان فهي مدينة كبيرة بالقرب من بلدنا شهر كوت ثم انتقلت الى طهران.
عبادان
انتقل عملي الى مدينة عبادان وهي مدينة صناعية وعملت أنا بها في البناء وبها سمعت عن الكويت ان العمل بها متوافر وشغل مناسب وبلد ناشئ فيه أعمال كثيرة لذلك قررت ان اذهب اليها ولأن مدينة عبادان تقع على ساحل البحر كانت السفن التي تنقل المسافرين متوافرة فسألت عن أهل تلك السفن فاتفقت من احداها ودفعت له عشر تومان وهي العملة الايرانية وركبت وكنا ثلاثة انفار والمسافة التي قطعناها استغرقت الساعات الطوال حتى الى الكويت وقت الظهيرة.
قصر
نزلنا بالنقعة التي كانت محاذية لقصر السيف ورأيت الكويت وهي العمران تستبدل بالمباني القديمة نزلت من السفينة التي نقلتنا وكنا على وشك وقت العصر فتوجهت الى احد المطاعم وتناولت وجبة الغداء ثم سألت عن جماعتنا الذين سبقونا الى الكويت فقالوا لي انهم في النقرة وحولي فذهبت وجئت عندهم وسكنت في هذه المنطقة بالقرب من مسجد العثمان ورأيت المباني العربية والأحواش التي استبدلت اليوم بالمجمعات والعمارات والاسواق كانت البيوت عندما جئت لهذه المنطقة متفرقة هناك حولي والنقرة لم انتقل من هذه المنطقة الى المنطقة الأخرى بالقرب من مسجد الطواري لذلك كانت جميع أعمالي في البناء بالقرب من حولي والنقرة والمناطق المحاذية لهما ولم أذهب الا مرة لمنطقة الفحيحيل لبناء ملحق في أحد البيوت وخرجت مرة أخرى لخيطان ومرات متفاوتة لكن الغالب بالمناطق المجاورة لسكني كالقادسية والخالدية والعديلية والدعية والروضة والشويخ وكيفان والمناطق التي جوار تلك المناطق لكن أكثر منطقة اشتغلت بها كانت القادسية والخالدية.
الوصول
بدأت حين وصولي بالعمل في البناء عاملاً باليومية احمل الطابوق حسب ما يريد المقاول ويدفع لي ديناراً أو دينار ونصف الدينار حتى انني اذكر اول مقاول عملت معه حسين علي مولابي ومن بعده علي فضل الله وعندهما تدرجت في أعمال البناء والمقاولة.
العمل
عملي في البناء يتحتم علي النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً فلابد أن أكون الساعة الخامسة صباحاً جاهزاً فإذا كان هناك حفر بدأنا به واذا كان بناء طابوق عملنا به واذا كان هناك صبة بالخلطة الايرانية عملنا بها على حسب توافر العمل لدى المقاول وصل اليه وقد أخذت أكثر من خمسة عشر عاماً وأنا اعمل مع المقاولين حتى عرفت العمل عن قرب واحتكاك وساعد في هذا الأمر هو ان مناطق الكويت الحديثة قد نهضت جميعها التي نراها اليوم فالبناء كان منتشراً في الخالدية والقادسية والحكومة تدعم ذلك ولم يكن هناك توقف بل العمل متواصل وكل العمالة كانت من ايران كنا نرى السوريين والمصريين والعراقيين قلة حتى الهنود كانوا لا يعملون في البناء وكذلك الباكستانيين أيضاً قلة واليوم نرى المساح خاص بالمصريين لا يعمل بهذا العمل إلا هم بالأول كان الايرانيون هم أهل المساح والسراميك نرى اليوم أن الباكستانيين هم الذين يعملون به بالأول كان الايرانيون يعملون به حقيقة كل البناء كانت به العمالة الايرانية...
الاقامة
إقامتي كانت على علي الربيعة أخ محمود وهو رجل طيب جداً ثم نقلتها الى جاسم مبارك صاحب مطبعة الرسالة واليوم أنا على اقامته أكثر من عشرين سنة وهو رجل طيب جداً.
الأكل
المقاول يأتي بالأكل للعمال الذين يعملون معه والأهالي كانوا أيضاً يأتون بالأكل لكن البعض منهم فنحن عملنا يستمر حتى المساء اذا كان العمل متوافراً.
البيوت
أكثر البيوت التي كنت أعمل في البناء بها كانت في منطقة القادسية ولم تكن البيوت مثل اليوم فالحوش كان أساسياً في البيت ولا تتجاوز البيوت دورين أو ثلاثة ادوار قليلة وليس في المناطق جمعيات متوافرة بل دكاكين وبقالات ايرانية وقيمة بناء البيت لا تتجاوز 19 الف دينار او 20 الف دينار بيت مسكر اي المقاول يتكفل بكل شيء والبيت لا يتجاوز بناؤه اربعة أشهر اذا كانت الفلوس موجودة كان لا يتأخر البيت معنا أكثر من سنة... والتكييف كان عادياً والسنترال قليلاً جداً ولابد من بلكونات في البيت واحدة أو اثنتين... وكل غرفة تجد بها مروحة والابواب كانت من الخشب او الحديد ليس هناك ألمنيوم تصنع منه الابواب والشبابيك كل من الابواب والشبابيك حديد... وبعض البيوت تضع بجانب الباب غرفة صغيرة لا تتجاوز متراً في المتر هذه للقمامة... والبورسلان ليس مثل اليوم 15/15 أو 20/20 كان متراً في المتر أو 80/80
الحلال
اترسمت البيوت بها حلال وغنم والمطر كان كثيراً... حتى ان عقود البيوت التي نعمل بها كانت قليلة، الناس على الثغر، ولم نكن نرى بيوتا بحجم البيوت التي نتناول بها البنيان يتراوح مساحتها ما بين 750 مترا و1000 متر والعمل يكون في فصل الشتاء لأن الصيف متعب، وأنا من طبعي عندما صرت مقاول آخذ بيتا أو بيتين ولا أجمع أكثر من ذلك.
الخبرة
كانت قيمة الخبرة الإيرانية 10 فلوس والخروف بسبعة دنانير والسيارات قليلة ليست كثيرة والمقار بالنزهة وأدركت التعامل بالروبية لكن الدينار هو الأكثر لانني جئت إلى الكويت سنة 1961.
الكشف
لم يكن هناك مكاتب هندسية، بل البلدية هي التي تقوم بالكشف ومتابعة البنيان عندما نعمل القواعد... والبيوت لا تضع بها سراميك بل فرش، أما هناك الرخام غيره.
السيارة
أنا كنت أقود السيارة وأنا في بلدي إيران وعندما جئت للكويت استخرجت رخصة قيادة واشتريت سيارة صالون مازدا ثم اشتريت وانيت وهي موجودة عندي من سنة 1980 إلى اليوم ولونها أحمر.
الرخص
لم يكن أيام الستينات هناك أسمنت كويتي بل مستورد من اليابان وقيمة كيس الأسمنت 300 فلس ومتر الكاش 150 فلسا وطن الحرير وهو مستورد 19 دينارا... حتى الفلوس كانت قليلة بيد الناس واذا كان صاحب البيت الذي نحن نبنيه غير فاهم يتعبنا ويدقق على أمور هو ليس فاهمها وقد يزعجنا، أما إذا كان فاهما في البنيان نرتاح نحن ولأن المجاري من الدولة والبنية التحتية غير موجودة كانت هناك بيارات وبواليع لأن المجاري نحن نضعها في البيت... لم نكن نرى الخادمات في البيوت التي نعمل لها ترميما، قليل في الستينات الخادمات... والبيوت لا يوجد أمامها مظلات... والواجهات كانت مساح وجيري والسرداب قليل في البيوت وليس هناك ديكور كثير مثل هذه الأيام.
الحداد
كان متر الحداد دينارين والبناء هو أغلى، العمالة يوميته ثلاثة دنانير والرمل نأتي به من الكويت والصلبوخ من العراق وكذلك رجع اليوم من الخارج وقيمة الرمل كانت دينارا والصلبوخ 17 ديناراً وليس هناك خلطة جاهزة بل كله خلطة إيرانية والخشب كان ايضا من الخارج.
الشاعر سعد الضحيك (1783 - 1938)
من الشعراء الأفذاذ الذين عرف شعرهم بالقوة والجزالة وحسن سبك الأبيات وغزارة المعنى، فيخرج نظمه دررا ذات جمال ومتعة، وقد ذهبت بعض أبياته مضربا ومثالا بين الناس، وما ذلك إلا لجودة شعره وحسن سبكه.
ومن هذه الأبيات:
النجر لولا دنته ويش أبيبه
ولي يشير بقظتبه لا يجيني
ومنها:
اللي صار ما ربع لبيتك يسجّون
ما ينفع الرجال فعله وطيبه
وبما انه من رجالات البحر الذين أمضوا زهرة شبابهم وعنفوان فتوتهم فيه بكل كفاح وصبر، كان للبحر نصيب كبير من شعره، ومنه هذه الأبيات الشهيرة التي سرت بها الركبان وتناقلتها الرواة وسطرتها بعض المصنفات.
وتعود حكايتها أنه في أحد مواسم الغوص، وبينما كان يغوص على عادة الغاصة رأى أحد زملائه البحرية من الغاصة قسمه جرجور (سمك القرش) إلى نصفين، فتأثر بذلك وحزن حزنا شديدا وجلس متأملا، كيف يترك البر ويأتي إلى الموت الذي يشاهده بأم عينيه، فرفع رأسه إلى السماء وشاهد بعض الطيور العابرة إلى الصحراء حرة طليقة، فأنشد هذه الأبيات.
يا طير ما تردفن يا طير
أبي المراويح عن جنة
الموت والله بوسط الهير
وأبوالمخابيط للجنه
يا مطير يا مدورين الخير
يا حلو موت على السنه
وقال أيضاً وهو محاذيا منطقة الجبيل البحرية محاكيا جماعته وبني عمومته مطير ذاكرا لهم حياة غاصة البحر:
يا ناشد عني تراني تدوكرت
وسط البحر يا مطير كني هبيلي
يضيع فكري بالمجاديف والشرت
وإن خايروا من عند خور الجبيلي
أنا ليا مني تذكرت وافكرت
ليا جرت المجداف ما تستويلي
وقال أيضاً هذه الأبيات الجميلة موجهها إلى أخيه محمد أحد رجالات البحر الكبار الذين تدرجوا في مراتبه المختلفة إلى أن أصبح أحد الطواويش الذين يبيعون ويشترون نتاجه من اللؤلؤ «القماش»، وارتبط مع كبار طواويش زمانه من أمثال شملان بن علي وحسين بن علي الرومي، فيخاطبه قائلاً:
باتل قلبي يا محمد من أقصاه
يوم الشراع بفرملة يرفعونه
لا طنب النهام روعني غناه
مثلي طيور البر ما يفهمونه
وجدي على ربعي هل الكيف وجداه
اللي صحاصيح الفضا ينزلونه
برهان يرعون العشاير بلاشاه
وحريبهم عن دارهم يزحمونه
عسى الحياء بديارهم ينتشر ماه
منت رامه القصيا تحدر مزونه
يمطر على أم جريف والجرع يملاه
ويملي صفيه والجويات دونه
حيثه مرب للعشاير ومشهاه
وقروم ربعي دائم يدهلونه
يازين دقلتهم مع العصر زيناه
متنحرين شيخهم ينشدونه
كل أبلج سو المنايا بيمناه
وكل على مشاه تمشي ضعونه
وجدي عليهم وجد من تاهت ارياه
قليل مال ولابته يطلبونه
ماله غدوبه يا محمد دناياه
مصطور مار بكثرهم يضهدونه
وهذه أبيات أخرى ردية بينه وبين أحد رجالات البحر من الشعراء الكبار الشاعر جارالله بن مصيول قالاها وهما مع النوخذة حبيب المناور، حيث رآه غارقا في الهواجيس فخاطبه سعد بهذه القصيدة:
إذا كان بك هاجوس فيه هواجيس
لا شك أكنه ما تبين لغيري
شفي مع اللي يبدعون المناطيس
اللي يردون الكمي للمغيري
لا صاح صياح بروس الطعاميس
واختفت الجدعا وركب الأميري
تطامروا من فوق قب قرانيس
وردوا للدنات القنا والشقيري
ركبوا على اللي يفصمن المضاريس
حيل محاصرهن درازن حريري
محلا تخافقهن حلول الغطاليس
ودقله ضعاينهم وطرخ النشيري
يازين تصويخ العشاير معابيس
ليا سلهمن لعيالهن بالدريري
كم خايع داسوه وخطر ولانيس
داجوا ابغراته ودربه عسيري
والخيل بأطراف الرعيا مقاويس
غادن لهن وسط الرعيا نثيري
ما قط ركبوا بالشواعي خماميس
وأرزاقهم في كل دوتسيري
فرد عليه الشاعر جارالله بن مصيول:
إن كان تطري كاسبين النواميس
ياعنك مافيهم لنا نوخيري
العام جيناهم ورحنا مفاليس
تبخلوا والله عليهم مخيري
إن طعتني عانق رجال الغواويس
في غبة خضرا وماها غزيري
ليا صرت فقري بارسك نعاطيس
اركب على اللي بالبحر يستديري
يوم توميبه هبوب النسانيس
غاد لصدره يوم يمشي عريري
سمح ايداي ونكس الحبل تنكيس
عندك وجلبني على كل هيري
عساني ألقى مثل دانة طليميس
ليا شافها راع الحسد بي يحيري
تمرس قليب اللي يعاديك تمريس
وانا ليا شفتك تبرد ضميري
وليا لفينا من بحرنا ملابيس
نلفي لابو جابر عزيز القصيري
وليا مليت الخرج نبرات والكيس
تصير من عرض الجماعة كبيري
ثم شيّد الربعة ودن المحاميس
اتصير تجذيهن لجمر السعيري
ونجر بصوت للخلاوي لياجيس
بردان جيعان وشره شريري
خل الغدا كبش عصوبه مفانيس
والا فكوك الريق من كمل خيري
والا العشاء صوت لنقاله الفيس
خل الخروف وهات بنت البعيري
ماهي هروج الربربة والمراطيس
سعود الديحاني النهضة العمرانية التي حدثت في السكن الخاص عمل بها أناس قدموا للكويت قبل خمسين عاماً فادركوا التحول العمراني واصبحوا شهود عيان لهذا التغيير ضيفنا اليوم كان أحد أولئك العمال البسطاء الذين يعملون باليومية ثم تدرجوا بمهن المقاولات حتى صار لهم عمل خاص بهم يحدثنا قدم علي عن عمله وعن المناطق التي كانت محل ذهابه وعودته ثم يسترسل معنا عن المواد الخام التي كانت متوافرة في تلك الأيام وكم كانت أجرة العامل البسيط بها أحاديث متنوعة مع ضيفنا اليوم فلنترك له ذلك:
ولدت في بلدة شهر كوت التي تقرب من اصفهان فليس بينها الا تسعون كيلومتراً والموارد الاقتصادية في بلدنا ومعظم القرى المحيطة بنا هي الزراعة التي تعتبر عصب الحياة لنا ولمن سكن في منطقتنا، فالسماء الأمطار لا تنقطع منها والانهار موجودة وهناك قناة لتجميع الأمطار والمواد الغذائية هي التي تزرع عندنا في البلاد الى جانب العنب والارز والذرة، بدأت حياتي العملية في الزراعة ولم يكن للدرس والتعليم مرحلة في حياتي لذلك انخرطت في العمل وعمري تسع سنوات الى جانب والدي الذي أنا وحيد له فليس لي اخوان وكانت يومية العامل سبعة تومان لذلك عملت مع غير الوالد بالزراعة ثم أخذت انتقل من بلد الى بلد اعمل في البناء فوصلت الى اصفهان فهي مدينة كبيرة بالقرب من بلدنا شهر كوت ثم انتقلت الى طهران.
عبادان
انتقل عملي الى مدينة عبادان وهي مدينة صناعية وعملت أنا بها في البناء وبها سمعت عن الكويت ان العمل بها متوافر وشغل مناسب وبلد ناشئ فيه أعمال كثيرة لذلك قررت ان اذهب اليها ولأن مدينة عبادان تقع على ساحل البحر كانت السفن التي تنقل المسافرين متوافرة فسألت عن أهل تلك السفن فاتفقت من احداها ودفعت له عشر تومان وهي العملة الايرانية وركبت وكنا ثلاثة انفار والمسافة التي قطعناها استغرقت الساعات الطوال حتى الى الكويت وقت الظهيرة.
قصر
نزلنا بالنقعة التي كانت محاذية لقصر السيف ورأيت الكويت وهي العمران تستبدل بالمباني القديمة نزلت من السفينة التي نقلتنا وكنا على وشك وقت العصر فتوجهت الى احد المطاعم وتناولت وجبة الغداء ثم سألت عن جماعتنا الذين سبقونا الى الكويت فقالوا لي انهم في النقرة وحولي فذهبت وجئت عندهم وسكنت في هذه المنطقة بالقرب من مسجد العثمان ورأيت المباني العربية والأحواش التي استبدلت اليوم بالمجمعات والعمارات والاسواق كانت البيوت عندما جئت لهذه المنطقة متفرقة هناك حولي والنقرة لم انتقل من هذه المنطقة الى المنطقة الأخرى بالقرب من مسجد الطواري لذلك كانت جميع أعمالي في البناء بالقرب من حولي والنقرة والمناطق المحاذية لهما ولم أذهب الا مرة لمنطقة الفحيحيل لبناء ملحق في أحد البيوت وخرجت مرة أخرى لخيطان ومرات متفاوتة لكن الغالب بالمناطق المجاورة لسكني كالقادسية والخالدية والعديلية والدعية والروضة والشويخ وكيفان والمناطق التي جوار تلك المناطق لكن أكثر منطقة اشتغلت بها كانت القادسية والخالدية.
الوصول
بدأت حين وصولي بالعمل في البناء عاملاً باليومية احمل الطابوق حسب ما يريد المقاول ويدفع لي ديناراً أو دينار ونصف الدينار حتى انني اذكر اول مقاول عملت معه حسين علي مولابي ومن بعده علي فضل الله وعندهما تدرجت في أعمال البناء والمقاولة.
العمل
عملي في البناء يتحتم علي النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً فلابد أن أكون الساعة الخامسة صباحاً جاهزاً فإذا كان هناك حفر بدأنا به واذا كان بناء طابوق عملنا به واذا كان هناك صبة بالخلطة الايرانية عملنا بها على حسب توافر العمل لدى المقاول وصل اليه وقد أخذت أكثر من خمسة عشر عاماً وأنا اعمل مع المقاولين حتى عرفت العمل عن قرب واحتكاك وساعد في هذا الأمر هو ان مناطق الكويت الحديثة قد نهضت جميعها التي نراها اليوم فالبناء كان منتشراً في الخالدية والقادسية والحكومة تدعم ذلك ولم يكن هناك توقف بل العمل متواصل وكل العمالة كانت من ايران كنا نرى السوريين والمصريين والعراقيين قلة حتى الهنود كانوا لا يعملون في البناء وكذلك الباكستانيين أيضاً قلة واليوم نرى المساح خاص بالمصريين لا يعمل بهذا العمل إلا هم بالأول كان الايرانيون هم أهل المساح والسراميك نرى اليوم أن الباكستانيين هم الذين يعملون به بالأول كان الايرانيون يعملون به حقيقة كل البناء كانت به العمالة الايرانية...
الاقامة
إقامتي كانت على علي الربيعة أخ محمود وهو رجل طيب جداً ثم نقلتها الى جاسم مبارك صاحب مطبعة الرسالة واليوم أنا على اقامته أكثر من عشرين سنة وهو رجل طيب جداً.
الأكل
المقاول يأتي بالأكل للعمال الذين يعملون معه والأهالي كانوا أيضاً يأتون بالأكل لكن البعض منهم فنحن عملنا يستمر حتى المساء اذا كان العمل متوافراً.
البيوت
أكثر البيوت التي كنت أعمل في البناء بها كانت في منطقة القادسية ولم تكن البيوت مثل اليوم فالحوش كان أساسياً في البيت ولا تتجاوز البيوت دورين أو ثلاثة ادوار قليلة وليس في المناطق جمعيات متوافرة بل دكاكين وبقالات ايرانية وقيمة بناء البيت لا تتجاوز 19 الف دينار او 20 الف دينار بيت مسكر اي المقاول يتكفل بكل شيء والبيت لا يتجاوز بناؤه اربعة أشهر اذا كانت الفلوس موجودة كان لا يتأخر البيت معنا أكثر من سنة... والتكييف كان عادياً والسنترال قليلاً جداً ولابد من بلكونات في البيت واحدة أو اثنتين... وكل غرفة تجد بها مروحة والابواب كانت من الخشب او الحديد ليس هناك ألمنيوم تصنع منه الابواب والشبابيك كل من الابواب والشبابيك حديد... وبعض البيوت تضع بجانب الباب غرفة صغيرة لا تتجاوز متراً في المتر هذه للقمامة... والبورسلان ليس مثل اليوم 15/15 أو 20/20 كان متراً في المتر أو 80/80
الحلال
اترسمت البيوت بها حلال وغنم والمطر كان كثيراً... حتى ان عقود البيوت التي نعمل بها كانت قليلة، الناس على الثغر، ولم نكن نرى بيوتا بحجم البيوت التي نتناول بها البنيان يتراوح مساحتها ما بين 750 مترا و1000 متر والعمل يكون في فصل الشتاء لأن الصيف متعب، وأنا من طبعي عندما صرت مقاول آخذ بيتا أو بيتين ولا أجمع أكثر من ذلك.
الخبرة
كانت قيمة الخبرة الإيرانية 10 فلوس والخروف بسبعة دنانير والسيارات قليلة ليست كثيرة والمقار بالنزهة وأدركت التعامل بالروبية لكن الدينار هو الأكثر لانني جئت إلى الكويت سنة 1961.
الكشف
لم يكن هناك مكاتب هندسية، بل البلدية هي التي تقوم بالكشف ومتابعة البنيان عندما نعمل القواعد... والبيوت لا تضع بها سراميك بل فرش، أما هناك الرخام غيره.
السيارة
أنا كنت أقود السيارة وأنا في بلدي إيران وعندما جئت للكويت استخرجت رخصة قيادة واشتريت سيارة صالون مازدا ثم اشتريت وانيت وهي موجودة عندي من سنة 1980 إلى اليوم ولونها أحمر.
الرخص
لم يكن أيام الستينات هناك أسمنت كويتي بل مستورد من اليابان وقيمة كيس الأسمنت 300 فلس ومتر الكاش 150 فلسا وطن الحرير وهو مستورد 19 دينارا... حتى الفلوس كانت قليلة بيد الناس واذا كان صاحب البيت الذي نحن نبنيه غير فاهم يتعبنا ويدقق على أمور هو ليس فاهمها وقد يزعجنا، أما إذا كان فاهما في البنيان نرتاح نحن ولأن المجاري من الدولة والبنية التحتية غير موجودة كانت هناك بيارات وبواليع لأن المجاري نحن نضعها في البيت... لم نكن نرى الخادمات في البيوت التي نعمل لها ترميما، قليل في الستينات الخادمات... والبيوت لا يوجد أمامها مظلات... والواجهات كانت مساح وجيري والسرداب قليل في البيوت وليس هناك ديكور كثير مثل هذه الأيام.
الحداد
كان متر الحداد دينارين والبناء هو أغلى، العمالة يوميته ثلاثة دنانير والرمل نأتي به من الكويت والصلبوخ من العراق وكذلك رجع اليوم من الخارج وقيمة الرمل كانت دينارا والصلبوخ 17 ديناراً وليس هناك خلطة جاهزة بل كله خلطة إيرانية والخشب كان ايضا من الخارج.
الشاعر سعد الضحيك (1783 - 1938)
من الشعراء الأفذاذ الذين عرف شعرهم بالقوة والجزالة وحسن سبك الأبيات وغزارة المعنى، فيخرج نظمه دررا ذات جمال ومتعة، وقد ذهبت بعض أبياته مضربا ومثالا بين الناس، وما ذلك إلا لجودة شعره وحسن سبكه.
ومن هذه الأبيات:
النجر لولا دنته ويش أبيبه
ولي يشير بقظتبه لا يجيني
ومنها:
اللي صار ما ربع لبيتك يسجّون
ما ينفع الرجال فعله وطيبه
وبما انه من رجالات البحر الذين أمضوا زهرة شبابهم وعنفوان فتوتهم فيه بكل كفاح وصبر، كان للبحر نصيب كبير من شعره، ومنه هذه الأبيات الشهيرة التي سرت بها الركبان وتناقلتها الرواة وسطرتها بعض المصنفات.
وتعود حكايتها أنه في أحد مواسم الغوص، وبينما كان يغوص على عادة الغاصة رأى أحد زملائه البحرية من الغاصة قسمه جرجور (سمك القرش) إلى نصفين، فتأثر بذلك وحزن حزنا شديدا وجلس متأملا، كيف يترك البر ويأتي إلى الموت الذي يشاهده بأم عينيه، فرفع رأسه إلى السماء وشاهد بعض الطيور العابرة إلى الصحراء حرة طليقة، فأنشد هذه الأبيات.
يا طير ما تردفن يا طير
أبي المراويح عن جنة
الموت والله بوسط الهير
وأبوالمخابيط للجنه
يا مطير يا مدورين الخير
يا حلو موت على السنه
وقال أيضاً وهو محاذيا منطقة الجبيل البحرية محاكيا جماعته وبني عمومته مطير ذاكرا لهم حياة غاصة البحر:
يا ناشد عني تراني تدوكرت
وسط البحر يا مطير كني هبيلي
يضيع فكري بالمجاديف والشرت
وإن خايروا من عند خور الجبيلي
أنا ليا مني تذكرت وافكرت
ليا جرت المجداف ما تستويلي
وقال أيضاً هذه الأبيات الجميلة موجهها إلى أخيه محمد أحد رجالات البحر الكبار الذين تدرجوا في مراتبه المختلفة إلى أن أصبح أحد الطواويش الذين يبيعون ويشترون نتاجه من اللؤلؤ «القماش»، وارتبط مع كبار طواويش زمانه من أمثال شملان بن علي وحسين بن علي الرومي، فيخاطبه قائلاً:
باتل قلبي يا محمد من أقصاه
يوم الشراع بفرملة يرفعونه
لا طنب النهام روعني غناه
مثلي طيور البر ما يفهمونه
وجدي على ربعي هل الكيف وجداه
اللي صحاصيح الفضا ينزلونه
برهان يرعون العشاير بلاشاه
وحريبهم عن دارهم يزحمونه
عسى الحياء بديارهم ينتشر ماه
منت رامه القصيا تحدر مزونه
يمطر على أم جريف والجرع يملاه
ويملي صفيه والجويات دونه
حيثه مرب للعشاير ومشهاه
وقروم ربعي دائم يدهلونه
يازين دقلتهم مع العصر زيناه
متنحرين شيخهم ينشدونه
كل أبلج سو المنايا بيمناه
وكل على مشاه تمشي ضعونه
وجدي عليهم وجد من تاهت ارياه
قليل مال ولابته يطلبونه
ماله غدوبه يا محمد دناياه
مصطور مار بكثرهم يضهدونه
وهذه أبيات أخرى ردية بينه وبين أحد رجالات البحر من الشعراء الكبار الشاعر جارالله بن مصيول قالاها وهما مع النوخذة حبيب المناور، حيث رآه غارقا في الهواجيس فخاطبه سعد بهذه القصيدة:
إذا كان بك هاجوس فيه هواجيس
لا شك أكنه ما تبين لغيري
شفي مع اللي يبدعون المناطيس
اللي يردون الكمي للمغيري
لا صاح صياح بروس الطعاميس
واختفت الجدعا وركب الأميري
تطامروا من فوق قب قرانيس
وردوا للدنات القنا والشقيري
ركبوا على اللي يفصمن المضاريس
حيل محاصرهن درازن حريري
محلا تخافقهن حلول الغطاليس
ودقله ضعاينهم وطرخ النشيري
يازين تصويخ العشاير معابيس
ليا سلهمن لعيالهن بالدريري
كم خايع داسوه وخطر ولانيس
داجوا ابغراته ودربه عسيري
والخيل بأطراف الرعيا مقاويس
غادن لهن وسط الرعيا نثيري
ما قط ركبوا بالشواعي خماميس
وأرزاقهم في كل دوتسيري
فرد عليه الشاعر جارالله بن مصيول:
إن كان تطري كاسبين النواميس
ياعنك مافيهم لنا نوخيري
العام جيناهم ورحنا مفاليس
تبخلوا والله عليهم مخيري
إن طعتني عانق رجال الغواويس
في غبة خضرا وماها غزيري
ليا صرت فقري بارسك نعاطيس
اركب على اللي بالبحر يستديري
يوم توميبه هبوب النسانيس
غاد لصدره يوم يمشي عريري
سمح ايداي ونكس الحبل تنكيس
عندك وجلبني على كل هيري
عساني ألقى مثل دانة طليميس
ليا شافها راع الحسد بي يحيري
تمرس قليب اللي يعاديك تمريس
وانا ليا شفتك تبرد ضميري
وليا لفينا من بحرنا ملابيس
نلفي لابو جابر عزيز القصيري
وليا مليت الخرج نبرات والكيس
تصير من عرض الجماعة كبيري
ثم شيّد الربعة ودن المحاميس
اتصير تجذيهن لجمر السعيري
ونجر بصوت للخلاوي لياجيس
بردان جيعان وشره شريري
خل الغدا كبش عصوبه مفانيس
والا فكوك الريق من كمل خيري
والا العشاء صوت لنقاله الفيس
خل الخروف وهات بنت البعيري
ماهي هروج الربربة والمراطيس