سأكتب عن رأيي بالحكومة والمجلس، ولكن قبل ذلك لا بد من مقدمة!
نحن قوم حبانا الله بنفس طويل، نتحدث لساعات عن كل شيء عدا الشيء الذي يفترض أن نتحدث فيه، نبدأ بالموضوع ونضع جدولا أشبه بجدول الطائرات، الإقلاع الساعة الثامنة صباحا، والوصول الى الموضوع الساعة الرابعة عصرا!
نتكلم كثيرا ونضع مقدمات كثيرة، لسبب بسيط حتى نعطي أهمية للموضوع، فليس من المعقول، أن نبدأ بالموضوع المهم مباشرة دون مقدمات، تشاهد صديقك فيسألك: سمعت الخبر؟ لايقول لك ما الخبر مباشرة بل يسألك اولا...
فترد: لا، ما سمعت!
> معقولة ما سمعت انت وين عايش؟
- اليوم ما تابعت الاخبار!
> الديرة فوضى!
- طيب، شنو صاير؟
> بعد شنو، في هالديرة كل شي يصير!
أنت تنتظر أن يزف لك الخبر، لكن الأخ يستمر في تعليقه، لانه لو قال الخبر قد لا تهتم او تسمع تعليقه... ستتساءلون ما هو الخبر؟ شخصيا لم اعرف، لانه كان مستمرا في تعليقه ولم يصل الى الخبر!
***
فجأة وأنت جالس يرن هاتفك، رقم غريب تراجع كل من استلفت منهم، تتأكد انه ليس رقما خطرا، ترفع الهاتف فيسألك:
- شلونك يبه خلاص كبر راسك؟
> لا ما كبر، منو معاي؟
- معقولة، حتى صوتي نسيته؟
> يعني صوت فريد الأطرش!
- (يضحك) انا فلان الفلاني!
وبعد أن تستعيد ذاكرتك، وتراجع ملفات عقلك ترد عليه بالتحية!
ويبدأ فلان بالسؤال عن أحوالك، وأحوال أسرتك، وأين تقضي هذا المساء، ونوع الكورن فلكس الذي يفضله أبناؤك؟ وهل الأرض كروية أم مسطحة؟ وهل الحوت الأزرق بالفعل أزرق بما ان الصندوق الأسود في الطائرة ليس اسود؟!
وانت في هذه اللحظات، تضع يدك على قلبك، بانتظار اللحظة الحاسمة لطرح قضيته المصيرية، وأن ينتهي من مقدماته، وبعد مرور دقائق كأنها سنوات... يسألك: فلان العلاني، هل عندك رقم موبايله! وتحمد الله انها عدت على خير!
***
مثال آخر، هل ذهبت يوما الى اجتماع لـ«قص المهر»، وللتوضيح هو اجتماع بين أهل العروس والمعرس للاتفاق على بعض الامور ذات الاهتمام المشترك، مثل قيمة مهر العروس... طبعا يفترض ان يأتي أهل المعرس، يسلمون، يجلسون، يسألون: كم مهر بنتكم؟ فيجيب الأب... يتفقون لأنهم أساسا متفقون، قبل أن يجلسوا للاتفاق! يعني كل القصة خمس دقائق!
الواقع الفعلي يختلف، يأتي أهل المعرس، يسلمون، يجسلون، يأكلون، يشربون... ثم يبدأ الحديث عن أسعار الاسمنت والحديد، ومشاكل المقاولين، وأسعار العقار، والبورصة في الكويت ونيويورك، وينتقلون الى أخطاء الاطباء واخطارهم، ويقارنون بين ألوان ملابس دكتورة فوز، وشعبان عبدالرحيم... والمعرس جالس مثل تمثال بوذا، بانتظار الحديث عن موضوعه، الذي نسيه الجميع!
***
بعد المقدمة، اكتب عن رأيي في الحكومة والمجلس، اعتقد انهما اخوان، كشهاب الدين واخيه... من هو شهاب الدين، ادخل «google» واكتب «شهاب الدين وأخيه»، او اسأل مدرسا للغة العربية!
جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com
نحن قوم حبانا الله بنفس طويل، نتحدث لساعات عن كل شيء عدا الشيء الذي يفترض أن نتحدث فيه، نبدأ بالموضوع ونضع جدولا أشبه بجدول الطائرات، الإقلاع الساعة الثامنة صباحا، والوصول الى الموضوع الساعة الرابعة عصرا!
نتكلم كثيرا ونضع مقدمات كثيرة، لسبب بسيط حتى نعطي أهمية للموضوع، فليس من المعقول، أن نبدأ بالموضوع المهم مباشرة دون مقدمات، تشاهد صديقك فيسألك: سمعت الخبر؟ لايقول لك ما الخبر مباشرة بل يسألك اولا...
فترد: لا، ما سمعت!
> معقولة ما سمعت انت وين عايش؟
- اليوم ما تابعت الاخبار!
> الديرة فوضى!
- طيب، شنو صاير؟
> بعد شنو، في هالديرة كل شي يصير!
أنت تنتظر أن يزف لك الخبر، لكن الأخ يستمر في تعليقه، لانه لو قال الخبر قد لا تهتم او تسمع تعليقه... ستتساءلون ما هو الخبر؟ شخصيا لم اعرف، لانه كان مستمرا في تعليقه ولم يصل الى الخبر!
***
فجأة وأنت جالس يرن هاتفك، رقم غريب تراجع كل من استلفت منهم، تتأكد انه ليس رقما خطرا، ترفع الهاتف فيسألك:
- شلونك يبه خلاص كبر راسك؟
> لا ما كبر، منو معاي؟
- معقولة، حتى صوتي نسيته؟
> يعني صوت فريد الأطرش!
- (يضحك) انا فلان الفلاني!
وبعد أن تستعيد ذاكرتك، وتراجع ملفات عقلك ترد عليه بالتحية!
ويبدأ فلان بالسؤال عن أحوالك، وأحوال أسرتك، وأين تقضي هذا المساء، ونوع الكورن فلكس الذي يفضله أبناؤك؟ وهل الأرض كروية أم مسطحة؟ وهل الحوت الأزرق بالفعل أزرق بما ان الصندوق الأسود في الطائرة ليس اسود؟!
وانت في هذه اللحظات، تضع يدك على قلبك، بانتظار اللحظة الحاسمة لطرح قضيته المصيرية، وأن ينتهي من مقدماته، وبعد مرور دقائق كأنها سنوات... يسألك: فلان العلاني، هل عندك رقم موبايله! وتحمد الله انها عدت على خير!
***
مثال آخر، هل ذهبت يوما الى اجتماع لـ«قص المهر»، وللتوضيح هو اجتماع بين أهل العروس والمعرس للاتفاق على بعض الامور ذات الاهتمام المشترك، مثل قيمة مهر العروس... طبعا يفترض ان يأتي أهل المعرس، يسلمون، يجلسون، يسألون: كم مهر بنتكم؟ فيجيب الأب... يتفقون لأنهم أساسا متفقون، قبل أن يجلسوا للاتفاق! يعني كل القصة خمس دقائق!
الواقع الفعلي يختلف، يأتي أهل المعرس، يسلمون، يجسلون، يأكلون، يشربون... ثم يبدأ الحديث عن أسعار الاسمنت والحديد، ومشاكل المقاولين، وأسعار العقار، والبورصة في الكويت ونيويورك، وينتقلون الى أخطاء الاطباء واخطارهم، ويقارنون بين ألوان ملابس دكتورة فوز، وشعبان عبدالرحيم... والمعرس جالس مثل تمثال بوذا، بانتظار الحديث عن موضوعه، الذي نسيه الجميع!
***
بعد المقدمة، اكتب عن رأيي في الحكومة والمجلس، اعتقد انهما اخوان، كشهاب الدين واخيه... من هو شهاب الدين، ادخل «google» واكتب «شهاب الدين وأخيه»، او اسأل مدرسا للغة العربية!
جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com