تعودنا أن نمتدح الشخص بعد أن يغادر منصبه؛ سواء عندما يتقاعد أو عندما ينتقل إلى منصب آخر، ولكن أن نمتدحه، وهو على رأس عمله؛ فهذه من الكبائر والعياذ بالله! ويفسر على أنه تزلف و«دهان سير»، كما يُقال!
تطرقت في مقال سابق بعنوان «عيون النحلة وعيون الذبابة» إلى البعض ممن يكون ديدنه تصيد السلبيات والعثرات وتضخيمها، حتى ينسى معها الإيجابيات والإنجازات، وقد أخذت على نفسي عهداً أن أثني على ما يُستحَق الثناء من إنجازات المبدعين في بلدي، فالكويت بها رجالات تستحق أن نقف لها احتراماً وتقديراً، وأن نشد من أزرها.
الثناء يا سادة لا يعني الخلو من العيوب، كما يفهم البعض! ولكن الغرض منه إبراز نماذج رائعة نريد لها أن تستمر في العطاء المميز، فالكثير ينتقد، ولكن القليل والقليل جداً هم من يرون الآخرين بعين النحلة!
من النماذج الرائعة التي عرفتها عن قرب، وتشرفت بالعمل تحت قيادتها ومازلت، الدكتور عادل الفلاح، وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، هذا الرجل صاحب قلب وباب مفتوح، وذو عقلية متفتحة للتطوير والإبداع على المستويات كلها، قفزت الوزارة خلال تسلمه لمنصب الوكالة قفزات حازت إعجاب الكثيرين، في الداخل والخارج.
حمل الدكتور الفلاح راية التخطيط الاستراتيجي، فضرب بذلك مثلاً على المنهجية العلمية في التخطيط، والابتعاد عن التخبط في العمل المؤسسي، وجاهد لنشر الفكر الاستراتيجي من خلال العمل الجاد المتواصل.
حرص الفلاح ومازال على التدريب كخيار استراتيجي للنهوض بمستوى العاملين بالوزارة، ودفع باتجاه النظم الآلية (الأتمتة) سعياً إلى الحكومة الإلكترونية، إضافة إلى استثمار طاقات العاملين في تنظيم مؤتمرات نوعية في أكثر من مجال تدل دلالة عميقة على استيعاب وإدراك لمفهوم العمل الإعلامي؛ وهو أستاذ فيه بلا شك.
عهد الدكتور الفلاح تميزا أيضاً بانطلاق وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نحو الشراكة المجتمعية، فكان للنشء المسلم نصيب من اهتمامه من خلال مشروع «السراج المنير»، كما أنه فتح للعمل النسائي مجالات رحبة بتأسيس «مركز شروق» التابع لإدارة التنمية الأسرية.
لو تكلمت عن إنجازات الدكتور الفلاح فلن أوفيه حقه، فهو «الأب الروحي» لجميع العاملين بالوزارة؛ من خطباء وأئمة ومؤذنين وإداريين بجميع المستويات، الكل يستطيع أن يدخل عليه في مكتبه، رغم كثرة مسؤولياته ومهامه! فهو يعامل الجميع من دون تحيز لفئة دون أخرى، ومن مسافة واحدة حاز بها احترام الجميع، كما أنه منصت فعال لا يضيق صدره بالاستماع إلى الملاحظات والانتقادات.
نعم، أريد بهذا الثناء على الدكتور عادل الفلاح أمراً ما في نفسي! أريد منه أن يستمر في عطائه المميز الذي عودنا عليه منذ أعوام، أريد منه أن يعرف أن هناك من يراه بعين النحلة، ويدعو الله له بالتوفيق دائماً... فإلى الإمام.

في الأفق :
إنا شهود الله نشهد أنكم
«عدلاً» نشرتم بيننا و«فلاحا»


د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com