فقدان الأمل من أقسى الأشياء على القلب، لأن فقدان الأمل فيه حزمة من الآلام التي يستملك وقعها كيان الإنسان. وأنا فقدت الأمل في إدارة حكومتنا للبلاد، وفقدت الأمل في أهمية وجود أعضاء البرلمان الكويتي، لأن الحكومة بلا هيبة، وبلا تخطيط، وبلا مولد، وبلا حمص! ولأن بعض أعضاء البرلمان أبطال على ورق، لا يجيدون إلا الوقوف أمام عدسات الكاميرا، والتصاريح النارية ليلاً ونهاراً على ما يستحق وما لا يستحق. نحن الكويتيين مختلفون على كل شيء من أجل أن نختلف فقط، ومتعجلون في كل شيء، وليس وراءنا إلا الجلوس في الديوانيات، والتحدث عبر الهاتف، ومشغولون في كل وقت، وليس في جدولنا إلا قراءة الجرائد، ولعب «البلاي ستيشن»، وشرب القهوة والشاي، والكل عندنا أصبح واعظاً، وناصحاً، وموّجهاً.
لو كنت وطناً للكويتيين لتركتهم خلفي، وبحثت عن حكومة جديدة، وأعضاء للبرلمان جُدد، لأنني سأضيق عرضاً، وطولاً، ويميناً، وشمالاً من صراع الديكة الحاصل بين الحكومة وأعضاء البرلمان، فهم مختلفون سياسياً، ومختلفون دينياً، ومختلفون رياضياً، ومختلفون اقتصادياً، ومختلفون طبياً، ولا أظن أن بينهما اتفاقاً إلا في حب أرز كنتري، وحب أرقام خطوط الهواتف الذهبية، وحب التقاط الصور للصحافة والإعلام.
لا أعرف من أين يستمد رئيس الحكومة هذا الصبر العظيم كله، والهدوء الطويل الذي يتلبسه حتى الآن، العديد من الأعضاء يهدده وهو صامت، العديد من الأعضاء يُصرّح على لسانه وهو صامت، العديد من الأعضاء يلوّح باستجوابه وهو صامت، والعديد من الأعضاء يتهمه بالضعف الإداري وهو صامت، وكأنه يعيش في كوكب آخر غير الكوكب الذي يعيش به أعضاء البرلمان الكويتي!
أعضاء البرلمان الكويتي أُُصيب بعضهم بانفلونزا الاستجوابات! فالعديد منهم يُريد أن يُقدم استجواباً ضد رئيس الحكومة في أي موضوع كان، فالأهم عند بعضهم أن يُقال عنه إنه قدم استجوباً لرئيس الحكومة، حتى وإن كان محور هذا الاستجواب يتكلم عن سرقة كرسي قديم من سوق الجمعة، أو حريق مولّد كهربائي لأحد المخيمات في البر، أو العثور على علبة «روب» منتهية الصلاحية في بقالة نائية!
بجد «ملّينا» من «هيك» حكومة، و«ملّينا» من «هيك» أعضاء، مختلفون بينهم على كل شيء، والبلد واقف مكانك «راوح»، لا تنمية، ولا تطور، ومشاكل متزايدة، وحلول مختفية، وفساد إداري منتشر، و«اللي يحب النبي يضرب»!


حسين الراوي
alrawie1@hotmail.com