إذا كان ما ذكرته الصحف بالأمس صحيحا، من ان الأسرة الحاكمة قد اجتمعت وتناقشت حول حل مجلس الأمة حلا دستوريا أو غير دستوري، وان الرأي الذي ترجح لديهم هو الحل الدستوري، فإننا مقبلون على أزمة أخرى تزيد من رصيد الأزمات التي تعصف بديرتنا منذ ثلاث سنوات.
أولا: بالرغم من استيائنا الشديد من مسلسل الاستجوابات التي أصبحت موضة هذه المجالس الا ان استجواب رئيس مجلس الوزراء هي قضية دستورية بحتة تخضع لتقدير نواب مجلس الأمة، كما ان محاور الاستجوابين المقدمين للشيخ ناصر لا تخرج عن نطاق الأمور التي تتعلق بصلاحياته، والمتقدم بها أربعة نواب فقط، فلماذا تتم معاقبة المجلس كله بل والشعب الكويتي على قضية دستورية اجتهد فيها أربعة نواب وقدموها من ضمن صلاحياتهم؟!
ثانيا: إذا كان استجواب رئيس مجلس الوزراء يعتبر خطا أحمر لا يجب على المجلس تجاوزه فقد كان الأولى هو النأي به عن تحمل أعظم مسؤولية في البلد تتطلب المحاسبة، ولا شك بأن البلد يعاني تعثرا كبيرا بسبب السياسات الخاطئة لمجلس الوزراء، ومتى ألغينا المحاسبة عن المسؤولين فقل على البلد السلام.
ثالثا: الدستور يعطي صلاحية حل مجلس الأمة لأمير البلاد وحده وليس للأسرة الحاكمة، بل ان الاسرة الحاكمة ليس لها أي صلاحيات دستورية الا بحسب ما تشغله من مناصب في الدولة، لذا فإن اتخاذها قرار الحل هو مخالف للدستور حتى وان كان الحل دستوريا.
رابعا: أما الحل غير الدستوري فهو ليس من صلاحية أحد، بل هو لعب على النظام البرلماني الذي ارتضاه الشعب الكويتي وأضراره على البلد أكثر بكثير من البقاء على الوضع الحالي مهما كان فيه من عيوب، ويجب عدم الاصغاء الى زمرة المنافقين والدجالين الذين يزينون حل المجلس ويرددون كلام السذج من الناس (شستفدنا من المجلس؟!)، فالإنسان إذا كان حرا ويستطيع التحكم بأعماله فإنه لا يطلب تقييد حريته من الآخرين بحجة ان لديه أخطاء.
خامسا: إن الشعب الكويتي قد نضج بما فيه الكفاية لكي يرفض رفضا تاما الحل غير الدستوري، وقد تحدث أمور لا نتمنى حدوثها في حالة الحل غير الدستوري.
سادسا: أما الحل الدستوري فإنه مضيعة للوقت وللجهد، وعقوبة للكثرة بجريرة القلة، وتشتيت جهد الشعب في امور لا طائل من ورائها، ومن المحتم ان الذين سيصلون الى المجلس القادم سيكونون أكثر تشددا وتطرفا - وهذا شيء مجرب - كما ان العقلاء والصالحين في هذا المجلس قد لا يفوزون في الانتخابات القادمة، او قد يبتعدون عندما يرون الامور تدار بتلك الطريقة.
سابعا: ليس هنالك حل الا بالصبر على مرارة الدواء والتدرج بالبلد نحو الممارسات الصحيحة، والسعي للاستعانة بالحكماء والعقلاء لترتيب ممارسات المجلس ونزع فتيل التوتر فيه، فهذا المنهج هو الحل الوحيد ولا شك انه سيسود في النهاية بإذن الله.


د. وائل الحساوي
wae_al_hasawi@hotmail.com