يرى الكثيرون أن تصويت ثلاثة نواب من التكتل «الشعبي»، مع الاقتراح الحكومي بإعادة التقرير الخاص بجدولة قروض المواطنين، وإنشاء صندوق للمعسرين إلى اللجنة المالية، قد أطاح وبضربة قاضية بجانب كبير من رصيد التكتل «الشعبي» لدى الناس، وهو رصيد كان قد بدأ يتزايد يوماً بعد يوم في مختلف الأوساط الشعبية الحضرية والقبلية والشيعية، وبشكل أثار مخاوف باقي التكتلات من سحب البساط من تحت قدميها، حتى في أوساط مقربيها ومناطق نفوذها. من هنا فلم يكن مستغربا «المسجات» والمانشيتات الإعلامية التي أخذت تعلن أن «الشعبي» أفشل جلسة إسقاط ديون الشعب،فالجميع بدا وكأنه يتحين الفرصة للانقضاض على التكتل «الشعبي»، فكبوة الجواد بألف كبوة وسقطة من سواه. فقد كانت أجواء التكتل «الشعبي» تصرح بأنها مع المطالبات الشعبية بجدولة أصل الدين، على الأقل، مع تباين على الآلية، إلا أن نتيجة التصويت جاءت عكس ما تشتهي سفن الشعب، ورغم أن الكثيرين يحملون الحكومة مسؤولية فشلها في حل قضية الديون، أو حتى منعها من الحدوث، ناهيك عن منع تفاقمها، إلا أن هناك من يرى عدم تفعيل نواب الأمة، وعلى رأسهم نواب التكتل «الشعبي»، لدورهم الرقابي تجاه مواطن الخلل الواضحة في الجهاز المصرفي وعلى رأسها البنك المركزي، الذي لا نسمع اسمه سوى عند إثارة أقطاب التكتل «الشعبي» لقضية «سيارة الشفر المشهورة» وكراتين النقود التي تخرج من البنك المركزي أيام الانتخابات وبعد ذلك لا حس ولا خبر، في حين ان هناك قضايا أقل أهمية أقام «الشعبي» الدنيا لأجلها ولم يقعدها.أضف إلى ذلك كله ان عدم تفعيل مجلس الأمة وخصوصا اللجنة الإسكانية التي يرأسها النائب الفاضل احمد السعدون رئيس التكتل «الشعبي» للقوانين الإسكانية والتي تصر وفقاً للمادة (17) من القانون رقم 47 لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية بأنه: «تلتزم المؤسسة بتوفير الرعاية السكنية لمستحقيها في مدة لا تجاوز خمسة أعوام من تاريخ تسجيل طلب الحصول على هذه الرعاية»، وما نتج عن عدم مساءلة الحكومة لتقاعسها عن تنفيذ هذا القانون، واعتباره حبرا على ورق، من اقتراض آلاف المواطنين للحصول على منازل كريمة تليق بهم، إضافة إلى القرار غير المدروس للحكومة بربط الدينار بالدولار، وهو قرار سياسي بامتياز، وما نتج عن ذلك من رفع أسعار فوائد القروض تبعا لانخفاض أسعار الدولار مرات ومرات، وما نتج عن ذلك من تحميل للفوائد المتراكمة على ظهر المواطنين البسطاء الذين أصبحوا حقلا خصبا للتجارب الحكومية الفاشلة، وغير ذلك من السياسات الحكومية والبرلمانية المغيبة عن هموم المواطنين الحقيقية التي تمس الأسرة الكويتية في صميم وجودها واستقرارها، قد شكل السبب الحقيقي لتفاقم مشكلة القروض في المجتمع الكويتي. ويرى البعض ان طلب إعادة التقرير إلى اللجنة المالية ورئيسها يشبه إلى حد كبير الطلب من البنك الدولي دراسة الرواتب والكوادر المالية، مع المعرفة المسبقة بوجهة نظر البنك الدولي تجاه هذه القضية.ونتمنى فقط من نواب التكتل «الشعبي» أن يعيدوا النظر ويقرأوا مواقفهم من هذه القضية بعناية فائقة، وأن يتلمسوا هموم وشجون الشعب الذي أوصلهم إلى ما هم عليه، وألا يطفئوا بأيديهم آخر شمعة من شموع الأمل بتكتل ديموقراطي مخلص يجمع من حوله مختلف أطياف هذا الشعب الكريم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عادل حسن دشتي

كاتب كويتيDashti2006@hotmail.com