No Script

رواق

بلوك ترامب

تصغير
تكبير

قضت محكمة استئناف فيديرالية الأسبوع الماضي بأن الرئيس ترامب انتهك الدستور، عندما منع بعض الناس من متابعة حسابه على تويتر من خلال حظره بـ«زر» الـ(بلوك) لأن - هذا البعض - انتقد أو سخر منه.
‏وجاء في الحكم: نظراً لأن الرئيس ترامب يستخدم تويتر في أعمال حكومية، لا يستطيع حرمان بعض الأميركيين من قراءة مشاركاته.
في أميركا تستطيع أن تحظر الرئيس الأميركي، لكنه لا يستطيع حظرك!


هذه الحادثة ذكرتني بطرفة تقول إن عربياً سأل أميركياً عن معنى الحرية والديموقراطية، فأجابه أن تنتقد الرئيس الأميركي من دون أن يعترضك أحد، فما كان من العربي إلا أن أجابه: وفي بلادي أيضاً أستطيع انتقاد الرئيس الأميركي من دون أن يعترضني أحد!
منذ ظهور السوشال ميديا واعتماد زر الحظر (البلوك) والتبليك حق مطلق للفرد، يستخدمه متى شاء وضد من يشاء لكن الرئيس الأميركي محروم من هذا الحق ما يجسد مقولة: تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين، فحرية معرفة مشاركات الرئيس تفوق حرية الرئيس في ضغط زر: عدم الإزعاج!
وعلى سيرة عدم الإزعاج يعتبر ازعاج السلطات جريمة في بلادنا، ويجبر بعض المغردين على مسح تغريداتهم لأنه انتقد جهة ذات نفوذ ومن حق الجهات الحكومية عمل بلوك للمواطنين، كما حصل أكثر من مرة، والأطرف أن تحظر حركات سياسية تطالب بتعددية الرأي الآخر في حساباتها إذا ما خالفها!
يغلق البعض حساباته في السوشال ميديا لو ألغى خدمة البلوك، فهو يعتبرها ميزة تمنحه الكثير من القوة في إبعاد وإقصاء الآخر، خصوصا لو كان ذا صلة يعرفونه ولا يعرفهم فالأقربون أولى بالبلوك!
لذا يلجأ كثير من أصحاب الأسماء المستعارة إلى حظر من يكشف هويتهم، كي لا يصل إليه وهو يفعل في العالم الافتراضي ما حرم منه في عالمه الحقيقي، إلا الرئيس الأميركي محروم من هذا الحق: حق الإقصاء الإلكتروني الذي يتمتع به الكثير من الرؤساء، الذين يمتلكون ميزة الإقصاء الواقعي بإبعاد ونفي وسجن، وإسكات كل من يتعرض لهم، من دون اعتراض من أحد وعلى المعارضين البلوك!
يعتبر حزب المدافعين عن حق «التبليك» المطلق للأفراد البلوك، صفعة إلكترونية بينما يرى مناهضو هذا الحق أن التخفي خلف أزرة إلكترونية يعكس تخاذلا في المواجهة وتوجيه الصفعات، والبادي أظلم على طريقة: لا تتخفى خلف حسابك وإذا فيك خير اطلع لي!
إن المواطن الأميركي يستطيع قول ما يريد قوله لرئيسه عبر تويتر، وهو يضحك ضحكة المنتصر قائلاً للرئيس: إذا فيك خير بلكني!
يستطيع سيد البيت الأبيض أن يفرض سلطته على العالم، ويعجز عن إدارة حسابه ببلوك، هنا وبلوك هناك، بينما يستطيع أي مغرد أن يبلك ثلاثة أرباع تويتر، من دون أن تكون لديه سلطة لإسكات زوجته!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي