No Script

مراكز حماية الطفل في الكويت

No Image
تصغير
تكبير

حرصاً من المشرع الكويتي على تمتين الروابط الأسرية وتفعيل الدور الوالدي في التربية؛ فقد اعتبر الدستور الكويتي ذلك من المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي؛ حيث تنص المادة 9 من الدستور على أن: «الأسرة أساس المجتمع».
ومن هذا المنطلق نص المشرع الكويتي في القانون رقم 21 لسنة 2015 بشأن حقوق الطفل في المادة 77 منه على إنشاء مراكز حماية الطفل، ومنحها الحق في تسلُّم البلاغات المتعلّقة بحالات تعريض الطفل للخطر. وقرّر في نصوص المواد من 77 إلى 79 من هذا القانون أن لهذه المراكز أن تتخذ ما تراه مناسباً من إجراءات ذات طابع نفسي واجتماعي، كما يستفاد من المواد المذكورة أن المشرع قد منح تلك المراكز السلطة التقديرية في اللجوء إلى الحلول الاجتماعية والنفسية مع متولي رعاية الطفل المُعَنّف قبل اللجوء إلى الحل القضائي، وتأكيداً لذلك نصت المادة 77 (ج) على أن من اختصاصات هذه المراكز «اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمعالجة ذوي الطفل - مسببي الأذى للطفل - حتى يعاد تأهيلهم ويتمكنوا من رعاية طفلهم، ومن ثم يتمكن الطفل وذووه من الاندماج في المجتمع».
وقد أصاب المشرع في ذلك؛ إذ إن مما لا شك فيه أن إعادة تأهيل متولي رعاية الطفل (إن أمكن ذلك) لتمكينهم من أداء دورهم الأساسي والمهم في تربيته أجدى لمصلحته من مجرد توقيع العقوبة الجزائية عليهم، إلا أنه من الناحية العملية يمكن القول إن هذه الإجراءات ليس لها فعلياً قوة قانونية تطبيقية.


لمزيد من الشرح، فإن مراكز حماية الطفل لا تتبع أي جهة قضائية في الكويت، كما أن الأشخاص المسؤولين عن اتخاذ القرار في ما يتعلق بإخضاع متولّي رعاية الطفل للرعاية التأهيلية ليس لهم أي صفة قضائية، وبذلك فهم ـ وإن كانوا يملكون دعوة متولي رعاية الطفل المدعى عليهم للحضور أمامهم و سلطة تقرير جلسات علاجية لهم ـ فإنهم في حال لم يستجيبوا لدعوتهم ولم يمثلوا أمامهم أو لم يلتزموا حضور الجلسات العلاجية فلا سلطة لهؤلاء المسؤولين في مراكز الحماية في إلزام متولي الرعاية الحضور؛ ومن ثم فهم لا يملكون سلطة إصدار الأمر بالضبط والإحضار التي يملكها المحقق المختص أو المحكمة، وهي السلطة التي تمكن كلاً من المحقق والمحكمة من إحضار المتهم بالقوة في حال لم يستجب للأمر الصادر بالحضور، وفقا لنص المادة 48 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي (17/ 1960)؛ بعبارة أخرى: إن إجراء الضبط والإحضار يعد من الإجراءات الجزائية التي ينطوي عليها جبر وإكراه، وتعرض لحرية المتهم الشخصية؛ لذلك جعل المشرع هذا الإجراء مقيداً بضوابط وضمانات محددة؛ انطلاقاً من أن احترام الحرية الشخصية للأفراد حق دستوري للفرد، وفي ذلك تنص المادة 30 من الدستور على أن «الحرية الشخصية مكفولة».
وإذا كان المشرع قد نص على جواز القبض على الأفراد تحقيقاً للأمن والنظام في المجتمع، فإنه أحاط هذا الإجراء بمجموعة من الضمانات الدستورية احتراماً لحق أساسي من حقوق الإنسان، وهو الحرية الشخصية. ولعل من أهم تلك الضمانات عدم جواز القبض إلا وفق الحالات التي يحددها القانون، وتتمثل هذه الحالات خلال مرحلة إجراءات ما قبل المحاكمة في: القبض بناء على أمر صادر من سلطة التحقيق المختصة، وهي في الكويت إما النيابة العامة وإما الإدارة العامة للتحقيقات، أو في حالة الجريمة المشهودة، أو في الحالات الاستثنائية التي نصت عليها -على سبيل الحصر- المواد 54 - 58 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي (17/ 1960).
وعليه؛ يمكن القول إنه فعلياً لا قوة قانونية تطبيقية لأي إجراء من إجراءات إعادة تأهيل متولي رعاية الطفل المُعَنّف، التي قد تقررها مراكز الحماية بناء على ما نصت عليه المادة 77 (ج).
أخيراً، فإننا نقترح إجراء تعديل على نص المادة 79 من قانون حقوق الطفل، ينص على ربط مراكز حماية الطفل مع النيابة العامة؛ بحيث يكون ربطها مع نيابة متخصصة جديدة يتم استحداثها، وتكون مختصة بالتحقيق والتصرف في جميع الجرائم التي لها أبعاد اجتماعية كالجرائم المنصوص عليها في قانون حقوق الطفل (21/ 2015)، أو الواردة في قانون الحضانة العائلية (80/ 2015).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي