No Script

العمالة الوافدة ومبادئ الإخاء وحقوق الإنسان

تصغير
تكبير

أزمة عمالية كادت أن تصبح أزمة سياسية حادة بين بلدين أشعلها رئيس دولة آسيوية مقبلاً على انتخابات رئاسية وبرلمانية، وجد في هذه الأزمة أكبر دعاية انتخابية يمكن أن تحقق له ولحزبه فوزاً باهراً في الانتخابات المقبلة، وهذه هي ضريبة النظام الديموقراطي عندما يستغل الحزب الحاكم الساحة الشعبية في صراعه مع بقية الاحزاب.
فالكويت ليست وحدها التي واجهت وتواجه مثل هذه الأزمات، بل انما جميع الدول الجاذبة للعمالة الوافدة الباحثة عن الرزق خارج أوطانها تواجه مثل هذه الأزمات بسبب تجاوزات لا إنسانية تمارسها بعض مكاتب الاستخدام في دول المنشأ ودول الاستقبال على حد سواء.
والجمعية الكويتية للاخاء الوطني يهمها كثيراً تطبيق معايير الإخاء والمساواة الدولية، وتلك الاحكام التي تحارب التمييز والتفرقة في المعاملة حيال العمالة الوافدة إلى البلاد، وهي ترى أن اشكالية العمالة الوافدة في العالم والمتوجهة نحو مناطق الجذب الاقتصادي، حيث الرخاء والرفاه الاجتماعي ووفرت فرص العمل، قد ولدت قضايا متعددة ومتشعبة، سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية.
ففي دول اميركا الوسطى والكاريبي والولايات المتحدة برزت مشكلة العمالة الوافدة غير المشروعة كقضية انسانية أخذت أبعادا سياسية وانسانية حادة، وفي دول أوروبا الغربية جرت محاولات جادة لترحيل الجيل الأول من العمالة الوافدة- معظمهم من دول شمال أفريقيا العربية- والعودة بهم ثانية إلى دول الأصل أو ترحيلهم إلى دول الخليج العربية كمنطقة جذب للعمالة الوافدة من خلال اتفاقات ثنائية تتضمن بعض المغريات، مع الاحتفاظ بالجيل الثاني من هذه العمالة لكونهم في مرحلة العطاء والإنتاج.
وقد دخل العرب في حوار عقيم مع الجانب الأوروبي في هذا الشأن تحت مظلة جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية بدءاً من مطلع عام 1974م حتى نهاية عامة 1978م، حيث توقف ذلك الحوار نهائياً بسبب رفض تلك العمالة الانتقال إلى أي مكان آخر، لكونهم ساهموا مساهمة فعلية في مشروع (مارشال) لإعادة اعمار الدول الأوروبية المتضررة جراء الحرب العالمية الثانية، إضافة الى نمط الثقافة التي باتوا يحملونها والتي تختلف جذرياً عن ثقافة الوطن العربي.
هكذا نستطيع القول، ان الهجرة الدولية للعمالة الوافدة الباحثة عن فرص عمل خارج أوطانها، باتت اليوم ظاهرة اقتصادية واجتماعية اتاحت للدول المرسلة تخفيف أعباء وطأة البطالة على نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث ساهمت التحويلات المالية من النقد الاجنبي انعاش اقتصاداتها، وتعويض اوجه العجز في موازينها التجارية، في الوقت الذي اصبحت فيه هذه التحويلات المالية تمثل عائداً جيداً لهذه العمالة واسرها، مكنتهم- بلا شك- من تغير نمط حياتهم المعيشية والمستقبلية نحو الأفضل.
وقد يتساءل البعض، هل هذه المكاسب التي حققها هؤلاء العمال من الجنسين أتت بسهولة ويسر ودون معاناة انسانية أو جسدية، وهذا ما يهم الجمعية الكويتية للاخاء الوطني أن تكون العلاقات الانسانية بين العمالة الوافدة بمختلف شرائحها وبين اصحاب العمل متوازنة وانسانية الى ابعد الحدود؟
في يقيني ان هذه المكاسب لم تأت بسهولة ويُسر، او في ظل عدالة اجتماعية وحقوقية، فهناك قلة من العمالة الوافدة الذين لم يتعرضوا لنظرة دونية ومهانة ومتاجرة في ارزاقهم. هذا الواقع اللاإنساني دفع الباحثين والمهتمين والعاملين في مجال حقوق الإنسان ومن بينهم مؤسسات مدنيًة كجمعية الاخاء الوطني أن يولوا هذه القضية الانسانية جل اهتمامهم، في الوقت الذي بذلت وتبذل فيه المنظمات الدولية ذات العلاقة وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية ومجلس حقوق الانسان ولجانه الدولية لحقوق الانسان والمندوب السامي لحقوق الانسان الكثير من الجهد لضمان حياة كريمة لهؤلاء العمال من الجنسين في دول الاستقبال... وللمقال بقية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي