لا يمكن لأحد أن يتجاوز حدثاً بمثل ضخامة «مؤتمر وارسو»، خصوصاً مع حشد أطراف دولية - بعضها ظاهر والبعض الآخر خلف الكواليس - لهذا المؤتمر تحت مبرر يتيم هو وضع آلية للتعامل مع «الإرهاب» الإيراني في المنطقة، وإمكانية خلق تحالف دولي يضم الأطراف المتضررة، مما أسموه السلوك الإيراني في هذا الجانب، والمفارقة أن الكيان الصهيوني بات طرفاً.
ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها العرب مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني، فقد حدث من قبل «مؤتمر مدريد»، لكن المبررات تختلف في ما بين مؤتمر مدريد ومؤتمر وارسو، فالأول كان الهدف منه إيجاد حل للقضية الفلسطينية يتضمن اعترافاً كاملاً بحقوق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي لم يحصل حتى اليوم، في ما كان الثاني يشيرعن الكيان الصهيوني.
القضية الفلسطينية قضية عربية «شعبية» في المقام الأول ولا تخص الأنظمة العربية، التي يعرف الجميع ارتباطاتها بشكل أو بآخر بمصالح الدول العظمى «تواطؤ، أو تجنب شر»، وهي تحدي حضاري «القضية»، بما تحمله الكلمة من معنى، وليست فقط أرضا مسلوبة، وشعبا دفع لترك أرضه بالإرهاب، فزراعة جسد غريب في جسد الأمة غير مقبول، وقد عبرت الشعوب عن هذا مراراً وتكراراً، وكون بعض الأنظمة العربية تمد يدها بين الحين والآخر لا يعني أن هذا الكيان أصبح شرعياً.