No Script

اضطراباتٌ سياسية وصراعٌ مفتوح فوق «الصَدع» المالي

الليرة اللبنانية «تحترق» أمام الدولار فهل «يشتعل» الشارع؟

No Image
تصغير
تكبير

لأن لا صوت يعلو فوق صوت الفقر الزاحف الذي يدقّ يومياً أبواب لبنانيين جدد يلتحقون بـ«خطّه» وما دونه، ويحمل معه بوادر «الانفجار الكبير»، «ابتلع» الانهيارُ التاريخي في سعر العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي الذي اقترب من عتبة الـ4 آلاف ليرة، التوترات المستعادة على خط الانقسام السياسي كما تحت سقف «حلفاء البيت الواحد» وما بينها من صراعٍ مستجدّ بين السلطة ومصرف لبنان على تخوم محاولات الخروج من السقوط المالي الكبير، وكأنه مشهدٌ سوريالي يتسابق معه ركاب «التايتنيك» على تبديل المقاعد على السفينة الغارقة.
ومن خلف التشظياتِ متعددة الاتجاه التي تَطايَرَتْ بعد انتهاء الجلسة العامة للبرلمان التي حرّكت مجرياتُها «جبهات نائمة» وفتحتْ أخرى جديدة، بدا تسجيل سعر صرف العملة الخضراء أمام الليرة أرقاماً قياسية ناهز معها كل دولار 3700 ليرة وأكثر في مناطق عدة في قفزةٍ كارثية إلى الوراء بأكثر من 500 ليرة خلال 24 ساعة (في السوق السوداء)، فتيلاً هو الأخطر على الواقع اللبناني الذي يواجه أزمة «متعدّدة الرأس» مالية - اقتصادية - مصرفية - نقدية - سياسية يضاف إليها فيروس كورونا المستجد، الذي ارتفعت حصيلة الإصابات به أمس، الى 688 (بينها 140 حالة شفاء و22 وفاة) بزيادة 6 حالات في 24 ساعة.
وتتخوّف أوساط مطلعة، من أن السقوطَ بلا كوابح لليرة بات يسبق بأشواطٍ مساعي مصرف لبنان لضبْط الانفلات غير المسبوق عبر إنشاء وحدة خاصة تتولى التداول ولا سيما بالدولار وفق سعر السوق، كما مداولاتِ الحكومة لوضع خطة إنقاذ مالي - اقتصادي متكامل لمعالجة الدين العام والخسائر المالية بـ83 مليار دولار، معتبرةً أن تهاوي العملة الوطنية بهذا الشكل الدراماتيكي يشي بتداعيات اجتماعية يُخشى أن تحمل «الانفجار الكبير» الذي يلوح أفقه في الشارع الذي يتمدّد إليه الفقر - بفعل تأثيرات الأزمة المالية كما «كورونا» - مع تساقُط مؤسسات كـ«الدومينو» وتوسُّع رقعة العاطلين عن العمل في موازاة ارتفاعٍ جنوني بالأسعار.


وما عزّز المخاوف، تحويل الأزمة المالية وملف «كورونا» مادة تجاذب بين الخصوم المعلنين كما المضمَرين، وهو ما عبّرت عنه الجلسة العامة لمجلس النواب التي ورغم تفكيك «صواعق» البنود المفخّخة عبر إحالتها على اللجان، إلا أنها انتهتْ إلى اهتزازاتٍ داخل الصفّ الحكومي كما ظهّرت «المتاريس» بين الحكومة وخصومها.
وتوقفت الأوساط نفسها عند النقاط الآتية:
* انفجار «الحرب الباردة» بين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب بعد تطيير نصاب الجلسة العامة، الأربعاء، عند طرْح بند فتح اعتماد إضافي الموازنة بـ1200 مليار ليرة أرادتْها الحكومة لتغطية أعباء «مواجهة كورونا»، وما أعقب ذلك من «توبيخ» بري لدياب الذي أصرّ على استكمال الجلسة مساء، لإقرار هذا البند.
وفيما ذهب بعض الدوائر في معرض قراءته سلوك بري إلى رسْم علامات استفهام حول إذا كان الأخير يطلق ضوءاً أخضر لمسار إسقاط الحكومة، استبعدت الأوساط المطلعة ذلك، معتبرة أن «أمر الحكومة» في الدرجة الأولى بيد «حزب الله»، ولافتة إلى أن رئيس البرلمان وعلى جري عادته كان يمارس لعبة «البلياردو» بحيث أراد من التصويب على دياب «إصابة» رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي يحْكم علاقة رئيس البرلمان به «ودّ مفقود»، تعزّزه إدارة باسيل عن بُعد «مفاتيح» العمل الحكومي.
وجاءتْ زيارةُ مستشارِ بري، الوزير السابق علي حسن خليل لرئيس الحكومة أمس، لتعزّز هذه القراءة وسط إعلان أن اللقاء تخلله «التداول في جلسة مجلس النواب والقوانين التي أقرت ومشاريع القوانين التي تم تأجيلها»، فيما كان رئيس البرلمان يدعو الحكومة «الآن قبل فوات الأوان لممارسة سلطتها لوقف الانهيار الدراماتيكي لسعر الليرة»، مؤكداً «على الحكومة ألا تبقى بموقع المتفرج أو الشاهد على ما يجري من فلتان مالي والادعاء بالحرص على عدم تجويع الناس».
* بروز كباش غير مسبوق بين الحكومة ومصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة على خلفية سلسلة تدابير يتخذها للتعاطي مع «اختفاء» الدولار من المصارف وآخِرها يتصل بالمودعين الذين تتجاوز حساباتهم 3 آلاف دولار وإمكان أن يقوموا بسحوباتٍ بالليرة على أساس «سعر السوق» (حدّدته المصارف بـ2600 ليرة فيما الرسمي 1507)، وقبله التعميم (يدخل حيز التنفيذ اليوم) الذي طلب من المؤسسات غير المصرفية التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الالكترونية أن «تسدد قيمة أي تحويل نقدي الكتروني بالعملات الأجنبية وارد إليها من الخارج، بالليرة وفق سعر السوق».
وغداة تأكيد رئيس الحكومة «أن مصرف لبنان لا يقوم بالتنسيق مع السلطة التنفيذية حول القرارات التي يصدرها، وسيكون لي كلام وموقف متشدد بعد جلسة الحكومة، الجمعة» وسط تبادُل رسائل بين «المركزي» والسلطة السياسية حول خلفيات تدابيره، لفتت سلسلة لقاءات في الساعات الماضية، جمعت دياب وسلامة ووزير المال غازي وزني، قبل أن يزور حاكم مصرف لبنان أمس، الرئيس ميشال عون ويتركّز النقاش حول الواقع النقدي وتعاميم «المركزي».
ولعلّ أبرز جوانب «الكباش» السياسي - المصرفي عبّر عنها باسيل بتغريدةٍ سأل فيها «كيف للبعض ان يطيّر أهم قانون مقدم من الحكومة هو دعم مالي بــ1200 مليار؟! كيف للمصرف المركزي اصدار تعاميم تؤدّي الى انهيار سعر صرف الليرة؟ زيدوا عليهم تحريك الشارع، وعيشوا الفيلم المحضّر».
وبدا موقف باسيل الذي غمز من «مؤامرة مثلّثة الضلع» حمّال أوجه باستهدافاته التي اعتبرت الأوساط المطلعة أنها لم توفّر في جانب منها بري، كما خصوم الحكومة الذين يتقاطع رئيس البرلمان معهم في بعض الملفات، وبينهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي انتقد «غرفة عمليات سوداء ترفض أي إصلاح وتحكم البلاد».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي