ارتفاع كبير في نسبة الاشتراكات والمشاهدات والإعلانات

«فورة كورونا» تنعش الصحافة والإعلام في أميركا وكوشنر... «كبش فداء» نصائح «العلاقات العامة»

No Image
تصغير
تكبير

اقتصاد الإنترنت سيقضم حصة أكبر من... التقليدي  

المصرف المركزي مستعد لشراء الديون... نقداً 

 ألف دولار لكل راشد لدعم الإنفاق وحركة الاقتصاد

هوليوود تدخل المنافسة الإلكترونية... وخدمات التوصيل «مجانية» 

اقتصاد «كورونا» حدّ من الاحتباس الحراري

إغلاق حركة الحدود «غير الأساسية» مع كندا

بعدما أدرك الرئيس دونالد ترامب فداحة الموقف في انتشار وباء «سارس - كوف - 2»، الناجم عن فيروس «كوفيد - 19»، انقلب موقف البيت الأبيض رأساً على عقب، من موقف ساعٍ لطمأنة الأميركيين والأسواق المالية بأن الأزمة ستكون عابرة، إلى موقف يحثّ كل الأميركيين على التعامل بجدية مع الأمر، والبقاء في المنازل، والاستعداد لإغلاق قد يطول حتى نهاية الصيف.
وتناقلت الأوساط الأميركية أن ترامب وجه أصابع اللوم الى صهره وكبير مستشاريه جارد كوشنر، الذي شار على عمّه بضرورة التعامل مع فيروس كورونا المستجد - الذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص حتى الآن، (نحو 7000 إصابة)، على أنه مشكلة «علاقات عامة»، وعدم إعلان حال الطوارئ، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى انهيار الأسواق المالية، فأطلّ الرئيس في خطابه إلى الأمة، الأسبوع الماضي، ليتحدث عن الاقتصاد فحسب، وهو ما ساهم في تسريع الانهيار المالي، بعدما خسرت واشنطن ثقة الناس والمستثمرين الذين شعروا بأن ترامب لا يفهم مدى فداحة المشكلة.
وبعد تحييد كوشنر، اتكأ ترامب إلى العلماء في صفوف مستشاريه، وبرز منهم انتوني فاوتشي، رئيس قسم الأمراض المعدية والحساسية في مركز مكافحة الأمراض (سي دي سي)، وقرر أمس، إغلاق الحدود مع كندا أمام الحركة «غير الأساسية».


وفاوتشي الطبيب، في الثمانينات من العمر، لكنه يتمتع بصحة جيدة تجعله يبدو وكأنه في الستينات من عمره... يمارس الرياضة، ويجري أكثر من عشرة كيلومترات يومياً، خفضها إلى خمسة، لأنه يعمل 19 ساعة في اليوم منذ اندلاع «أزمة كورونا».
وخطة فاوتشي، كما بقية المعمورة، تكمن في «تسطيح الجدول»، أي تخفيض عدد المصابين في وقت الذروة للسماح للنظام الصحي باستيعابهم ومعالجتهم، وهو ما من شأنه أن يطيل مدة المرض، وتالياً «العزل الاجتماعي» المطلوب. ومع إطالة فترة العزل، تطول فترة الركود، وهو ما دفع الإدارة والكونغرس الى التحرك، على وجه السرعة، لمحاولة التخفيف من وطأة التباطؤ الاقتصادي الحاصل.
في الأيام الأولى لانهيار الأسواق المالية، قام «الاحتياطي الفيديرالي» بشراء ديون بقيمة 50 مليار دولار، إلا أن ذلك لم يهدئ من روع المستثمرين وأسواق المال، فأعلن المصرف المركزي تحوله الى هيئة هي بمثابة مصرف تجاري عام مستعد لشراء ديون أي شركة مقابل سيولة نقدية.
وبالتزامن مع تشغيل «الفيديرالي» مطابع الدولار لديه لتعويم الأسواق بالسيولة، على غرار ما فعل إبان «الركود الكبير» في 2008، حين ضخ سيولة بقيمة 13 تريليون دولار، وهو ما كان يوازي حجم الناتج المحلي وقتذاك، سارع البيت الأبيض والكونغرس هذا الأسبوع، لإعداد خطة دعم مالية من المتوقع ان تناهز تريليون دولار، تتضمن تقديم مبلغ ألف دولار لكل مواطن راشد، على أمل أن يواصل الأميركيون إنفاقهم ويواصل الاقتصاد حركته.
لكن كيف ينفق الأميركيون أموالهم وهم أسرى بيوتهم بسبب «العزل الاجتماعي»، الذي يكاد يقارب حظر التجول، كما في نيويورك، أكبر المدن الأميركية؟ الإجابة تكمن في التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، التي تحولت، في ليلة وضحاها، الى خط الحياة الرئيسي للأميركيين واقتصادهم.
هكذا، أعلنت كبرى شركات الإنتاج السينمائية في هوليوود، أنها ستطلق أفلامها عبر شبكات التلفزيون المدفوع والإنترنت بسبب إغلاق قاعات السينما، وهو ما يشكل تحولاً جذرياً بعدما امتنعت هوليوود، على مدى أكثر من عقد، على الدخول في منافسة مع شركات السينما الإلكترونية، من أمثال «نتفليكس» و«هولو» و«ايتش بي او» وغيرها.
وكما هوليوود، كذلك المطاعم، التي نقلت كل عملياتها الى خدمة التوصيل الى المنازل، والتي كانت تقدمها مقابل رسم يراوح بين اثنين وخمسة دولارات... لكن كل المطاعم وشركات التوصيل، بما في ذلك «اوبر ايت» العملاقة، أغرقت الإنترنت بالإعلانات، وأغرقت الهواتف برسائل نصية أعلنت فيها أن كل خدمة التوصيل صارت بالمجان تماماً. وإلى المطاعم تضاف مخازن التموين السوبرماركت، التي صارت جلّ مبيعاتها عبر خدمة التوصيل.
والتجارة ليست وحدها عبر الإنترنت، بل نقلت كل الشركات المعروفة المصنفة على أنها من «الياقات البيضاء» أعمالها غلى الإنترنت، منها شركات الهندسة والمحاماة والمحاسبة والتنمية، وكل أنواع الاستشارات، فضلاً عن التعليم المدرسي والجامعي.
أما الإعلام، مثل التلفزيونات والصحف، فتشير الأرقام الأولية الى أنها بدأت تنعم بـ «فورة كورونا» بسبب الارتفاع الكبير في نسبة الاشتراكات والمشاهدات والإعلانات، خصوصاً أن الناس صارت تمضي وقتاً أطول في منازلها.
في هذه الأثناء، تراجعت أرباح الراديوهات، التي تعتمد في الغالب على المستمعين من السائقين الذين ينتقلون في سياراتهم من وإلى أعمالهم يومياً.
أما الأشغال التي ستحافظ على نفسها بعد «كورونا»، مثل ما قبله، فهي المتعلقة بـ «سلاسل التموين»، مثل الغذاء والطاقة، والصناعات الثقيلة، التي سيتم تعليقها حالياً. و«سلاسل التموين» هذه لا تحتاج في الغالب الى مخالطة بشرية كبيرة مع حلول الروبوتات بدلاً من البشر في عديد كبير من هذه الأعمال.
ويقول الخبراء أن الاقتصاد الأميركي يتغيّر في غضون أسبوع، وان الاقتصاد الجديد سيعتمد إلى حد كبير على الإنترنت، وهذا الاعتماد قد لا يتقلص مع أفول «خطر كورونا» وانحسار عملية «العزل»، خصوصاً أن التقارير الأولية تشير الى أن الاقتصاد في ظل «كورونا» ساهم بتقليص الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، ما قد يشجع دولاً كثيرة على التمسك بتدابير اقتصاد الإنترنت، الذي سيمضي في قضم حصة أكبر من حصة الاقتصاد التقليدي الذي عاشه البشر على مدى الألفيات الأربع الماضية.
وديبلوماسياً، قررت عشرات السفارات الأميركية تعليق إصدار تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة، كإجراء وقائي.
وأعلنت البنتاغون، أمس، إن عدد الجنود الذين أكدت الاختبارات إصابتهم بالفيروس ارتفع من 36 إلى 49.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي