No Script

لديها «حصان» في السباق السوري وتعتبر الدور الإيراني «تدميرياً»

الولايات المتحدة تعود إلى الشرق الأوسط بـ... صمت

No Image
تصغير
تكبير

 سياسة ترامب في المنطقة هي سياسة مواجهة  وإنْ كانت على نار خافتة  

الخطوط العامة للاستراتيجية الجديدة تشي بالعودة  إلى «عقيدة كارتر»  

واشنطن تعتبر أن عدم مواجهة طهران سيؤدي إلى ظهور «داعش» جديد

بعد مرور عام على وصوله إلى البيت الأبيض، بدأت السياسة الخارجية لإدارة الرئيس دونالد ترامب تتبلور أكثر فأكثر، وهي المدة المعتادة التي تتطلبها عملية إعداد سياسة أميركية خارجية لدى الإدارات المتعاقبة.
ومنذ مطلع هذا العام، نشطت الوكالات الحكومية الأميركية في عقد جلسات مغلقة مع الصحافيين والعاملين في مراكز الأبحاث، بالتزامن مع اعلان الادارة «استراتيجية الدفاع الوطني» للعام 2018.
في الجلسات المغلقة، بدا جلياً أن إدارة ترامب، على غرار الادارات السابقة، تعمد إلى تحويل الأهداف المعلنة الى أهداف مطّاطة، فتصبح حمّالة أوجه. مثلاً، تحت عنوان «الحرب على الإرهاب»، اجتاحت إدارة الرئيس السابق جورج بوش العراق، وأطاحت نظامه وحاولت إعادة هندسة دولته. أما إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، فحاولت، تحت عنوان «التسوية النووية مع إيران»، إعادة العلاقات الديبلوماسية المقطوعة بين واشنطن وطهران منذ العام 1979، بل حاول أوباما استبدال حلفاء الولايات المتحدة الشرق أوسطيين بالجمهورية الاسلامية.


بدورها، تسعى إدارة ترامب إلى توسيع مفهوم الحرب ضد تنظيم «داعش»، من حرب القضاء على التنظيم وتسليم الأراضي المستعادة منه للحكومات المحلية، إلى حرب «منع عودة (داعش)». وسياسة «منع العودة» هذه حمالة أوجه، فالولايات المتحدة تحمّل نظام الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية قيام التنظيم أصلاً، وهو ما يعني أن رحيل الأسد جزء من استكمال الحرب على «داعش».
وفي جلسة مغلقة بوزارة الخارجية، قال مسؤولون أميركيون ان «الوجود العسكري في سورية، ونشاطاتنا العسكرية هناك، ودعم المجموعات الحليفة، كلها تهدف إلى إلحاق هزيمة دائمة بـ(داعش)»، أي تأكيد عدم عودته.
وفي سياق ضمان عدم عودة التنظيم المذكور، لفت المسؤولون إلى وجوب حصول تغيير سياسي في دمشق، عبر «عملية سياسية تحت رعاية الامم المتحدة في جنيف، حسب مقررات قرار مجلس الأمن 2254».
واعتبر المسؤولون أنه من دون حصول الانتقال السياسي، «تصبح سورية مصدراً لتوليد التطرف مستقبلاً، وتتحول تهديداً مستقبلياً، ويعود الارهاب سواء تحت اسم (داعش) أو تحت مسمى آخر، وتعود الأمور الى ما كانت عليه في العام 2012»، على أن العودة الى ما قبل الانتصار على التنظيم «تهدد جيران سورية، وتهدد أوروبا، وتهددنا هنا في الداخل (الاميركي)»، حسب قول المسؤولين.
وتعتبر إدارة ترامب ان لإيران حصّة في قيام «داعش» العام 2012، وانه إذا لم تتم «مواجهة الطموحات التوسعية الايرانية»، فإن التنظيم سيعود مجدداً بصورة متكررة. «لايران أنشاطة خبيثة في سورية وعن طريقها»، يقول احد المسؤولين في الخارجية الاميركية، مضيفاً: «عن طريق سورية يعني الدعم الايراني النوعي لـ(حزب الله) والتهديدات في لبنان، ونحن قلقون حول نشاطات ايران الخبيثة في المنطقة بشكل عام».
واعتبر المسؤول الاميركي ان الايرانيين «يقومون بدور تدميري» في سورية، وانهم «يدّعون انهم ضامني وقف إطلاق النار، لكن لا يوجد شيء من هذا القبيل، بل هم يدعمون النظام، ويقومون بنشاطات مؤذية أكثر مما فعلوه للتسبب بقيام (داعش)، فهم يهددون دولاً في الاقليم، مثل اسرائيل والأردن، ويهددون المصالح الاميركية، ومصالح كل أصدقائنا وحلفائنا، ومصالح المجتمع الدولي».
ولا يقدم المسؤولون في الخارجية الخطة الاميركية المطلوبة لمواجهة ايران بهدف ضمان منع عودة «داعش»، لكن الاجابة قد تأتي من وزارة الدفاع، التي أعلن وزيرها جيمس ماتيس عن «استراتيجية الدفاع الوطني» للعام الحالي. وتشي الخطوط العامة للاستراتيجية عودة أميركية الى ما يعرف بـ «عقيدة كارتر»، نسبة الى الرئيس السابق جيمي كارتر، الذي اسست واشنطن في عهده «قوة تدخل سريع»، يمكنها خوض مواجهات حول العالم.
والسياسة الخارجية الاميركية في عهد ترامب ستكون مبنية على هذا النوع من القوة، التي ترتكز بدورها الى «القوات الخاصة»، مدعومة بالقوة الجوية الاميركية، ومعززة بقوات حليفة.
ففي سورية، عكف المسؤولون الاميركيون، الذين استضافوا كوكبة من المعارضين السوريين على مدى الاسابيع الماضية، الى التنسيق معهم حول الدعم العسكري الممكن لواشنطن تقديمه إليهم، لناحية مساهمتها في تمويل وتدريب وتسليح قوات من المعارضة السورية.
أما الفارق الاساسي بين استخدام ماتيس القوة العسكرية الاميركية واستخدام أسلافه القوة نفسها، فمبني على اعتبار وزير الدفاع الحالي ان «مفاتيح القوة» التي اختارها «يمكن دعمها على المدى الطويل»، أي أنه يمكن للولايات المتحدة الابقاء على ألفي عسكري، أو «مستشار عسكري» كما يحلو لواشنطن تسميتهم، في المناطق السورية شرق الفرات لمدة طويلة، فتكلفة نشر هؤلاء منخفضة، وامكانية وقوع ضحايا في صفوفهم منخفضة كذلك، بسبب تواجدهم في مناطق بعيدة عن المناطق ذات الاكتظاظ السكاني.
ومع دعم واشنطن مجموعات حليفة، وتقديمها غطاء جوياً يبدو عصياً على مقاتلات نظام الأسد وروسيا، يبدو أنه صار لواشنطن «حصان في السباق» السوري حسب التعبير المحلي، وهو حصان يمكنه تعطيل مخططات القوى المنافسة، أي روسيا وإيران، من دون أن تسعى واشنطن لفرض مخططاتها للتسوية، أي أنه يمكن لأميركا العرقلة، من دون أن تتكلف عناء فرض تسوية.
سياسة ترامب في الشرق الأوسط هي حتماً سياسة مواجهة، وإنْ كانت مواجهة على نار خافتة، وهو ما يعني أنه على عكس أوباما، الذي كرر مراراً أن بلاده انسحبت من الشرق الاوسط وفوّضت أمره الى اصحابه، عادت واشنطن في عهد ترامب الى المنطقة، ولكنها لا تبدو في عجلة من أمرها للاعلان عن ذلك، بل تبدو ميالة أكثر لعودة أميركية الى الشرق الاوسط بصمت يشبه هدوء وزير دفاعها، ويختلف كلياً عن شخصية رئيسها البعيد كلياً عن كل هذه التفاصيل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي