No Script

رواق

عقل بيتوتي

تصغير
تكبير

في أغنية لا أعرف من يغنيها يقول مطلعها «لا تهزي رموشك فوتي ما بحبك لو بتموتي» ختامها: «أنا يا ستي مجوّز وعقلي عقل بيتوتي».
تذكرت تلك الأغنية التي لا أذكر منها سوى هذين المقطعين، ونحن نقطع أيام الحجر والحظر والخطر بسبب زائرة «ليس بها حياء»، عكس قول عمنا المتنبي في وصف الحمى التي لا تمت للكورونا بصلة، وعلى رأي إخواننا الشوام: «يبعت لها حمى»!
شخصياً لا أعرف الأيام من بعضها إلا بتذكير متأخر من زملاء الجريدة، «اي يا ست ريم فين المقال؟»، فأدرك أن اليوم إما الإثنين أو الخميس فأتعوذ من إبليس لذبح إبليس!


المشكلة لا تقتصر على عدم معرفة الأيام من بعضها، إن كان «السبت فات والحد فات»، ولن نستوعب كيف «بعد بكرة يوم التلات»، ونحن في يوم الإثنين مثلاً «افرض مثلاً»، فحالنا ونحن «نعد أيام الكورونا مدري الكورونا تعدنا» على رأي عمنا الخلاوي، نشتبك مع جورج وسوف الذي لا يسمعه أحد إلا ليؤكد «ده احنا يا روحي ان جيت للجد لو عدينا نتوه في العد» و«عدينا» وسوف تختلف عن «عدينا» حليم في «عدينا يا شوق عدينا» فشتان بين «عدينا» و«عدينا» اللهم بلغنا الثانية وخلصنا من الأولى بسلام!
بعد أن طفنا على محطة الغناء العربي بأحيائها وأمواتها لتسلية أنفسنا، في الوقت الذي لا نريده أن يضيع لعدم وجود بدل وقت ضائع، رغم الطمع بالكثير من البدلات... إلا أن هذا البدل عصي على الطمع وشتان بين «بدل» و«بدل» اللهم ابدل حالنا إلى أفضل منه.
نعود إلى ما بدأنا به في الأغنية التي تخرج البيت من العقل أو تعيده إليه في تأكيد إلى أن حمل لقب بيتوتي مرتبط بالولاء أكثر من الوباء، الذي أجبرنا على البقاء في البيت فليس كل جالس في البيت بيتوتي!
نأتي إلى أصحاب اللايف ستايل، الذين يدعون بطولة في كل ميدان لنذكرهم أن في ميادين الفروسية «مجبر أخاك ما بطل»، في ماراثون البطولات الوهمية ونجومية الأزمات، فـ«البيتوتية» إن كانت صفة أو ظاهرة - إن كان هناك فرق بين الإثنين - فهي نابعة من العقد ومرتبطة بالبرمجة العقلية، بحسب باحثي السلوك البشري والبرمجيات الذهنية الذين راج سوقهم أخيراً، والعقل لا يعمل إلا في مجال الحرية بالاختيار، أما في حالة الإجبار فآخر ما يعمل هو العقل لمخالفة السائد، وعليه مهما كنت بيتوتياً أو محباً للجلوس في البيت، سيحرضك عقلك الحر على كسر الأنماط السائدة ومخالفة المألوف وحين تعجز ستضجر، لا بأس، فحين نجبر على ما نحب سنكرهه وخير مثال: العطلة، لذا لا فضل لبيتوتي على «هيتوتي» مشتقة من «الهياتة»، وهي تعني أي شيء يخالف الجلوس في البيت، فعند الضرورات تباح المحظورات وتحظر المباحات ونتنازل عن حرياتنا في سبيل سلامتنا، ونصبح جميعنا «بيتوتين» لأجل ألا تهز الست الكورونا (التي لم تكشف هويتها بعد إن كانت ذكرا أم أنثى) رموشها و«تفوت»... الله «يفوتها» على خير، وشتان هنا بين «تفوت» و«تفوت» مثل شتات العقل في هذه الظروف التي تجتمع على أن: أجلسهم في البيت أعقلهم... اجلس وتعقل!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي