No Script

نظرة فاحصة

سوق العقار... المهم المنسي

No Image
تصغير
تكبير

يعتبر التوأمان العقار والأسهم اهم القنوات الاستثمارية للكويتيين منذ السبعينات، وقد ساهم القطاع العقاري في التنمية الاقتصادية، وفي الاستحواذ على جانب كبير من الفوائض المالية، ويعتبر ملاذاً آمناً للمستثمرين.
وظل العقار يعاني من غياب الاهتمام من حيث التنظيم والمتابعة، في حين استحوذ سوق الأسهم على اهتمام ملحوظ ومستمر، وهو الان في مراحل متقدمة جداً، من حيث التنظيم التشريعي والإداري، ما جعله يحظى بمستويات عالمية ملحوظة.
إن الاهتمام بسوق الأسهم فقط دون العقار، سيشكل خللاً في الاقتصاد المحلي، فمن جانب القطاع العقاري قد يتسبب في خلق فقاعات يتأثر بها المستثمر وبطريقة غير مباشرة القطاع المصرفي، الذي يمول جزءاً كبيراً من مستثمري هذا القطاع.
فالأسهم والعقار رديفان لبعضهما البعض، ويعتبران قنوات تنافسية، بحيث تنتقل الأموال من سوق الأسهم في حال ركوده إلى العقار والعكس صحيح، مع افتراض تدني أسعار الفائدة على الودائع وتراجع الانفاق الحكومي، وتوقع المختصين في سوق العقار احتمال دخوله في حالة فتور خلال الفترة المقبلة، وهذا ليس مستغربا.
ويشهد سوق الأسهم حالياً إقبالا ملحوظاً من قبل المستثمرين، وأعتقد أنه قد آن الأوان لأن يتم الاهتمام بسوق العقار الذي يستقطب حجماً كبيراً من المحافظ الاستثمارية والتمويلية.
ولعل البداية الأولى تبدأ بتأسيس كيان يشرف وينظم السوق، ويجعل مكاتب السماسرة تحت إشرافه، ويضع أسساً للتداول، وأن يقوم بتنظيم وتوفير البيانات والمعلومات الأساسية عن هذا السوق، وتوفير المؤشرات التي يمكن من خلالها معرفة حركة هذا السوق.
فكل دول العالم لديها مؤشرات، وأرقام قياسية تقيس نشاط هذا السوق، في حين أن البيانات التي توفرها وزارة العدل هي قيمة التداول للصفقات التي تتم وللوكالات، بينما تركز التقارير التي تنشر على حجم السيولة ومتوسطات الأسعار وهي مؤشرات بدائية بسيطة جداً.
وفيما عدا ذلك فإن حركة السوق تقاس من خلال تلك البيانات، التي تعكس حجم قيم العقارات المتداولة، وبالتالي فهناك حاجة ماسة الى بناء مؤشر يقيس حركة اداء السوق العقاري بشكل عام، وهو بلا شك سيكون ذات فائدة كبيرة لراسمي السياسة الاقتصادية للبلاد، وللمستثمرين واصحاب المحافظ المختلفة.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن بناء مؤشر لسوق العقار عملية صعبة، لأنه يقسم إلى استثماري وتجاري وسكني وحرفي، وهو يتطلب حالياً بناء رقم قياسي شامل يعكس حركة نشاطه.
ونظراً لعدم تجانس الوحدات من حيث الموقع والمحافظة، فيجب بناء رقم قياسي يأخذ بعين الاعتبار تلك الفروقات، وهناك عدة طرق لاحتساب الارقام القياسية للعقار، وأهمها احتساب المتوسط الحسابي البسيط أو الموزون، أو من خلال احتساب الوسيط.
ولا تعكس هذه المؤشرات الفروقات بين أسعار العقار الجيد، الذي يتميز بموقع مميز عن غيره، وهي مجرد مؤشرات تعكس متوسط القيمة فقط.
وهناك مؤشر يحتسب وفقاً لمنهجية تسمى «هيدونك» (Hedonic Method)، وهو مؤشر قياسي يأخذ بعين الاعتبار مواصفات العقار وموقعه، وهو الأفضل ويتم احتسابه باستخدام المعدلات التنبؤية، من خلال الاقتصاد القياسي (Econometric Equations)، ومن خلالها يمكن إدخال العقارات التي يعاد بيعها أكثر من مرة في احتساب المؤشر.
ومن خلال البحث في أدبيات الأرقام القياسية الخاصة بأسواق العقار، تبين لنا أن أفضل مؤشر يمكن احتسابه، هو من خلال استخدام منهجية (Hedonic Methods)، والتي تتعدد من حيث طرق احتسابها حسب سمات السوق وآلية عمله.
ولا شك في أن توفير مؤشر لسوق العقار يعد أمراً مهماً لكافة الجهات للمستثمرين وللمولين وللجهات الرقابية، وهو يحتاج إلى جهة تتبنى الموضوع.
وتشمل أهم الجهات التي لديها إدارات بحوث اقتصادية جيدة على المستوى العالمي، من حيث المهنية والخبرات الفنية، بنك الكويت المركزي وبنك الكويت الوطني، أو يمكن الطلب من جهات استشارية خارجية القيام بإعداده مثل «MSCI»، خصوصاً  أن البورصة تسعى للدخول في مؤشرها.
ويحتاج سوق العقار إلى جهود كبيرة من حيث تأسيس وحدات رديفة تكمل بعضها البعض، فهو يحتاج إلى مطورين وشركات بناء ومكاتب مهندسين، والسماح للقطاع الخاص المساهمة في بناء المدن وتطويرها، من خلال تحرير الأراضي ووضع الشروط التي تراها وزارة الإسكان.
ويجب إعطاء دور للقطاع الخاص في بناء المدن الجديدة ونقل بعض الأنشطة الحكومية له، ويحتاج الأمر حالياً تقييم القانون رقم 8 و9 لعام 2008 بشأن السكن الخاص، فهو يحتاج إلى إعادة دراسة وإصدار قوانين شاملة تراعي جميع الأطراف ذات العلاقة،.
كما أن إستراتيجية الكويت المقبلة، تحتاج إلى تفعيل دور القطاع الخاص في موضوع القطاع العقاري، إذ يتطلب هذا الأمر، رؤية واضحة لسوق العقار وأهميته، وإلا فسنشهد بين الحين والآخر سوقاً غير مستقر، يؤثر بلا شك في مكونات الاقتصاد الوطني بسبب الإهمال وعدم والتنظيم.

* باحث اقتصادي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي