No Script

اجتهادات

القرود الخمسة والمناصب القيادية!

تصغير
تكبير

كثيراً ما يستخدم المهتمون في علم الإدارة الحديثة قصة أو نظرية (القرود الخمسة) في شرح الجانب العملي والوظيفي للإنسان، وآليات التعامل مع الآخرين وفي طبيعة التفاعل مع الأحداث. تقوم النظرية على خمسة قرود وقفص وسلم وموزة!
تبدأ النظرية بإحضار خمسة قرود في قفص وتعليق موزة في أعلى القفص، ووضع سلم في منتصف القفص. بعد محاولات عديدة، سيقوم أحد القردة بالصعود إلى أعلى السلم للحصول على الموزة (الطعام المفضل للقردة)، وفي هذه الأثناء يتم رش بقية القردة الأربعة بالماء البارد جداً جداً جداً، حتى يتم إخافتهم وإرعابهم وترهيبهم بشكل لا يستحمل ولا يطاق.
ستتكرر القصة مرة أخرى، وسيصعد أحد القردة أيضاً مرة أخرى على السلم للحصول على الموزة، وسيستمر بعدها وكما حدث أول مرة رش بقية القردة بالماء البارد لإخافتهم وإزعاجهم، من دون أن يعلموا سبب ذلك، حتى يدركوا جيداً أن صعود أحدهم السلم يعني رش البقية بالماء البارد.
في المرة الثالثة، استوعب القردة الدرس، وبدأوا يتقاتلون ويتشاجرون كلما حاول أحدهم الصعود على السلم، كل ذلك ليس بسبب الحصول على الموزة، ولكن بسبب الخوف من الماء البارد الذي سيسلم منه من يصعد على السلم.
تم بعدها استخراج أحد القردة وإدخال قرد آخر، وسنسميه للتوضيح القرد (1). حاول القرد (1) بعد دخوله القفص الصعود على السلم للحصول على الموزة، ولكنه فوجئ أن بقية القردة المرعوبة من الماء البارد تهاجمه وتمنعه من الصعود من دون أن يعرف هو السبب!...
تم بعد ذلك إخراج قرد آخر وإدخال قرد جديد، وسنسميه للتوضيح القرد (2). هذا القرد كسابقه حاول هو الآخر الصعود على السلم للوصول إلى الموزة، ولكنه واجه مصير القرد (1) نفسه.
هذا المصير هو هجوم بقية القردة خوفاً من الماء البارد، وهو الذي لا يعلم سبب هذا الهجوم عليه، بل إن القرد (1) شارك بقية القردة هذا الهجوم لأنه تعلم منهم أمرين، وهو الهجوم على كل من يحاول الصعود على السلم والمشاركة بالانتقام مع بقية زملائه في القفص لأنه واجه في السابق المصيرنفسه، رغم أنه لا يعلم أيضاً أن سبب بقية القردة في فعل ذلك هو الخوف من الماء البارد.
ستتكرر التجربة مرات عديدة بإخراج قرد وإدخال قرد آخر، وسيواجه كل قرد جديد المصير نفسه، لأن بقية القردة تعلموا درساً مهماً وهو منع أي قرد من الصعود على السلم، ولكن ستنتهي الحكاية بأن جميع القردة سيقومون بالعراك والمشاجرة لمنع أي منهم من الصعود على السلم، إلا أنهم جميعاً أيضاً لن يدركوا مع مرور الوقت سبب ذلك!
وأنا أقرأ عن نظرية القرود الخمسة لا أعلم لماذا شرد ذهني بعيداً مع واقع حالنا بالتعيينات القيادية. ولربط النظرية بالواقع العملي، فالحكومة أدخلت موظفي قطاعاتها ووزارتها ومؤسساتها إلى جهات عملها (القفص)، حاول الجميع الوصول (عن طريق السلم) إلى المراكز القيادية (الموزة)، إلا أن الحكومة - ما قصرت - رشت الجميع بالماء حتى تمنع أي مجتهد من الحصول على المنصب القيادي (الموزة)، حتى أضحى كل موظف جديد يتصارع مع أقرانه من دون أن يعلم السبب ومن دون أن يحصل أي منهم على المنصب القيادي (الموزة)، بينما الحكومة باختصار ستمد يدها وقتما شاءت وبكل سهولة إلى (القفص) وتأخذ (الموزة) وتهديها إلى أي (قرد) تشاء ومن دون (سلم) وكما يقول المثل (بارده مبرده)، بينما سيستمر البقية في صراعهم كلما حاولوا الوصول إلى الأعلى! والله من وراء القصد!

Email: boadeeb@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي