No Script

قضية

معرض الكويت الدولي للكتاب... فعاليات متميزة تحتاج إلى وعي واهتمام

تصغير
تكبير

مع انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ44، نرى أنه من المفيد التأكيد على أن المعرض بحاجة إلى مزيد من الوعي والحرص اللذين من المفترض أن يوليهما الجمهور له، خصوصاً فعالياته التي تمتاز في مجملها بالتنوع، والانسجام مع ما تتطلبه الحياة من تثقيف ومعرفة، تلك الحياة التي تسير في وتيرة متسارعة، ولن تقبل سوى أولئك الذين يأخذون بأسبابها، ويتطلعون إلى المستقبل، ليس من منظور ضيق، يشمل اقتناء الأجهزة الحديثة والدخول إلى عوالم المواقع الإلكترونية، والتفاعل معها كتابة وقراءة، من دون أن نكون عناصر فاعلة في صناعة هذه التقنيات، ولكن من خلال اقتفاء أثر الكلمة بمحتواها الإنساني والعلمي. والإسراع في الخطوات من أجل أن تكون لنا مكانتنا المرموقة، في صفوف مجتمعات، تعرف أن المعرفة لها دور مؤثر وبناء في النهضة والتطوير والتقدم.
إنه معرض الكتاب الذي يأتي كل عام محملاً بالمفاهيم والقيم الثقافية، وليس مكاناً فقط لعرض الكتب، تلك المفاهيم والقيم تتلخص في التذكير بأن الكلمة لها قيمتها العظيمة، وأن النهضة حينما تمرّ على أي مجتمع لا تمرّ عليه إلا وهو مسلح بالكلمة التي هي المعرفة والعلم والفهم والقدرة على صناعة الأفكار، والشغف بالتجديد، وكل ذلك مصدره الرئيس الكلمة، التي إن ابتعد عنها الفرد أو المجتمع، أو قلّل من قيمتها وأهملها، ستهمله كل عناصر النجاح، وسيظل جاهلاً بنفسه أولاً... ثم يمتد الجهل ليصل إلى عدم إدراكه لواقعه، وترك غيره يحدد له مساراته الحياتية.
ونتحدث هنا عن الأنشطة المصاحبة لمعرض الكويت الدولي للكتاب، تلك التي تتحاور في فقراتها مع العقل وذلك وفق برنامج وضعه العاملون في المجلس الوطني، كي يتناسب مع المعرض ويتوازى مع محتواه الفكري والمعرفي والعلمي، لذا فإنه يضم أمسيات شعرية وأخرى سردية، ومحاضرات وندوات تتبع في أطروحاتها المستقبل بكل ما يحتويه من تحد، حتى وإن تناولت أوراقها البحثية الماضي والمحاضر، فإنها أيضاً تتبع المستقبل الذي لا انفصال له عن القديم والجديد، فهو ملازم لهما، ونسيجه ينبني من خلال دمجهما، ومن ثم وضع نتائجهما في بوتقة واحدة، لإنتاج المستقبل، الذي يتوهج بتوهج الماضي والحاضر ويخفت بخفوتهما.


هذه الأنشطة المصاحبة لمعرض الكتاب رغم أهميتها - كما أسلفنا - إلا أنها تعاني بقدر ملحوظ من مشكلة الحضور الجماهيري، الذي لا يتناسب مع الجهد المبذول في سبيل تنظيم تلك الفعاليات، ونرى أن القاعة التي تقام فيها هذه الأنشطة خالية إلا من عدد قليل من المهتمين بالشأن الثقافي، بينما لا نجد - كما هو الحال في دول أجنبية أخرى - الشباب حاضراً حتى الأدباء، يتعمدون عدم الحضور لدواع وأسباب واهية، ليضيعوا على أنفسهم فرصة الاستفادة من الطرح الفكري أو العلمي الذي تتضمنه تلك الفعاليات، وهو طرح يشارك فيه نخبة من العلماء والمفكرين والمثقفين، يريدون أن يكون لهم مع الجمهور حوارات ونقاشات بناءة، تتكشف من خلالها الحقائق، وتتبين الأسرار والفوارق والنتائج.
إن الغياب الذي نشاهده خلال انعقاد فعاليات كل معارض الكتاب يشير إلى اللامبالاة بالثقافة، تلك التي يتعين علينا أن ننظر إليها من منظورها الحقيقي، المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمستقبل، إنه الغياب الذي يتكرر في كل نشاط ثقافي يقام، ولا نجد له مبرراً سوى أننا لم يعد لدينا شغف النظر إلى المستقبل من خلال أدواته الحقيقة، وهي الثقافة والمعرفة والفنون والعلم، وهذا ما نراه خطراً يحدق بمستقبل المنطقة العربية بأسرها، والتي تتشارك - للأسف - في هذا النظر غير الموفق إلى معارض الكتب.
وعلى هذا الأساس بات من الضروري الانتباه إلى أهمية الحضور الفعلي والمنتظم لفعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ44، وتتضمن الكثير من الفائدة، تلك التي تحتاج إلى شغف نفسي وفكري... إنه المستقبل الذي يريدنا أن نحضّر له بالمزيد من المعرفة والثقافة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي