No Script

قيم ومبادئ

لماذا الحسد رغم الثراء (1 من 2)

تصغير
تكبير

قال تعالى: «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»، ووقاية شح النفس تشمل وقايتها من الشح في جميع ما أمر الله به فإنه إذا وقى العبد شُح نفسه سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله، ففعلها طائعاً منقاداً منشرحاً بها صدره وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه وإن كان محبوباً للنفس تدعو إليه وتتطلع إليه وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته وبذلك يحصل الفلاح والفوز بخلاف من لم يوق شح نفسه بل ابتلي بالشح بالخير أو الجاه أو العلم وهذا الشُحّ الذي هو أصل الشر ومادته.
 ولقد جاء الإسلام بنظام مالي اقتصادي إلهي أبطل ما كان معمولاً به في الجاهلية حيث يتسلط الأغنياء على الفقراء فقد كانوا إذا غنموا من الحرب أخذ الرئيس ربعها لنفسه وهو المرباع ثم يصطفي منها أيضاً بعد المرباع ما شاء وفيها قال شاعرهم وهو عبد الله بن غنمه الضبي يخاطب بسطام بن قيس بعد الحرب:
لك المرباع منها والصفايا


وحكمك والنشيطة والفضول
 والنشيط ما أصاب الرئيس في الطريق قبل أن يصل إلى مجتمع الحي. والفضول ما فضل من القسمة مما لا تصح قسمته على عدد الغزاة كالبعير والفرس والبغل.
 قال تعالى «مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» هذا التقدير الإلهي لتوزيع الفيء في هؤلاء المعينين للحكمة البالغة وهي «كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ» فإنه سبحانه لو لم يقدر هذا التقدير لتداوله الأغنياء والأقوياء ولما حصل لغيرهم من العاجزين شيء مثل فقراء اليتامى والمساكين الذين لا مال لهم يكفيهم وابن السبيل وهم الغرباء الذين انقطع بهم السبيل وهو في غير وطنه.
 وأما خُمس الله ورسوله فإنه يصرف في مصالح المسلمين العامة وليست الخاصة؟ وخُمس لذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب حيث كانوا يساوون فيه بين الذكور والإناث وإنما دخل بنو المطلب في خمس الخمس مع بني هاشم ولم يدخل بقية بني عبد مناف وهم بنو نوفل وبنو عبد شمس لأنهم شاركوا بني هاشم في دخولهم الشعب حيث تعاقدت قريش على هجرهم وعداوتهم فنصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف غيرهم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في بني عبد المطلب (أنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام).
التنافس على الدنيا سبب الحسد بيننا: قَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ رضي الله عنه بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَوْا صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قَالَ أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُم.» رواه البخاري
الخلاصة: الذي أهلكنا وأهلك من قبلنا إنما هو التنافس على الدنيا والحسد وليس الفقر؟ فقد كنا في الكويت قبل النفط أكثر تماسكاً وأصفى قلوباً وأزكى نفوساً منا اليوم!

dr.aljeeran2017@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي