No Script

من زاوية أخرى

من «نزاهة» إلى... التطبيع

تصغير
تكبير

من وارسو -عاصمة جمهورية بولندا - نبدأ، حيث أثارت ردود فعل متباينة، صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر الأمن والسلامة في الشرق الأوسط، ظهر فيها نائب وزير الخارجية خالد الجارالله، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني الغاصب بنيامين نتنياهو، حيث تساءل الشارع المحلي إن كان ذلك يؤشر إلى بداية سياسة كويتية نحو التطبيع مع هذا الكيان المحتل، ولا سيما بعد تقارير تفيد بأن كواليس المؤتمر شهدت لقاءات جانبية بين نتنياهو وبعض المسؤولين الخليجيين المشاركين، وسط مؤشرات تقول إن دول الخليج تسير بشكل سريع نحو التطبيع، ولا سيما أن المسؤول الصهيوني لطالما روّج إلى عمل مشترك يجمع بين كيانه الغاصب ودول الخليج، وهو أن لديهما عدو مشترك متمثل في إيران، ما يعني أن البوصلة العربية - الخليجية اتجهت وقتياً شرقا، بعيدا عن قضية العرب الأولى فلسطين.
ولقطع الجدل في هذا الملف، وللتأكيد على الثوابت الكويتية، سارعت وزارة الخارجية إلى وضع النقاط على الحروف، بعيدا عن أن تأويل وتحميل الموقف أكثر من حجمه الحقيقي، فأكدت من جهة أن المشاركة الكويتية في المؤتمر مهمة لتنسيق التعاون في مواجهة التحديات بالمنطقة، ومن جهة أخرى شددت على أن الوفد الكويتي، برئاسة الجارالله، تحاشى تماما اللقاء بالوفد الصهيوني، أو السماح له بالاقتراب، وعلل الصورة التي ظهر فيها الجارالله، بأنها إجراء بروتوكولي يعقب أي مؤتمر أو اجتماع لمجموعة دول. ليقطع بيان الخارجية الشك باليقين بأن الكويت كما قالت دائماً إنها ستكون آخر من يطبع مع هذا الكيان.
ولعل المراقب للمؤتمر والتمثيل فيه، يتأكد له الموقف الكويتي الثابت والمبدئي من القضية الفلسطينية، ففيما كان التمثيل الرسمي للدول المشاركة كان على مستوى وزراء الخارجية، بما فيها دول خليجية، جاء التمثيل الكويتي مخفّضاً، بنائب وزير الخارجية ليوصل رسالة في هذا الاتجاه، ففي حين يمثل المؤتمر أهمية استراتيجية لدول المنطقة وهو يحمل عنواناً خاصاً بها، فإن حضور رئيس وزراء الكيان الصهيوني يضع قضية المقاطعة العربية له على المحك، فكانت الرسالة الكويتية الواضحة التي قرأها وفهمها نتنياهو، ولا سيما أنه - كما تسرب - عمل على أن يلتقي بالجارالله، بشكل غير مباشر، ليسجل نقطة في سجله بأنه استطاع اختراق جدار مقاطعة أقوى دولة تقف بوجهه، ولكنه أخفق وخاب مسعاه. ليتأكد من جديد أن الكويت كانت وستبقى أقوى المدافعين عن القضية الفلسطينية، ورأينا كيف تبنت مواقف أكثر صلابة ضد الكيان المغتصب في المحافل الدولية، أبرزها الموقف في الاتحاد البرلماني الدولي وجهود الكويت لطرد «إسرائيل» منه باعتبارها دولة احتلال ومنتهكة للقانون الدولي وحقوق الإنسان.


محليا، كان لافتا خطوة وزيرة الأشغال العامة وزيرة الإسكان جنان بوشهري في إحالة مسؤولي «غرقة نوفمبر» إلى التحقيق، سواء في الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة»، أو ديوان الخدمة المدنية، أو حتى للشؤون القانونية في الوزارة، حيث طالت الإحالة كبار المسؤولين بدءاً بوكيل وزارة الأشغال، مروراً بالوكلاء المساعدين، وبعض مسؤولي الوزارة عن إدارة محافظة الاحمدي، وسبق ذلك إعلان نتائج لجنة التحقيق المختصة التي أدانت المسؤولين المعنيين، إضافة إلى التوصية بمعاقبة 12 شركة ومكتباً استشارياً مسؤولة بشكل مباشر عن الأضرار التي وقعت في عدد من المناطق جراء موجة الامطار في شهر نوفمبر الماضي، ليأتي قرار الوزيرة تتويجاً لذلك. ولعل هذه الخطوة تأتي تطبيقاً عملياً لنهج مجلس الوزراء «الحميد» في مكافحة الفساد بعد أن استشرى في مفاصل الدولة ووزاراتها، وأصبح كالمرض العضال الذي يحتاج تدخلاً جراحياً، يستأصل الورم فيه ليعود جسم الدولة سليماً معافى، ولا سيما أن كثيراً من القضايا - التي أثيرت فيما يتعلق بالتجاوزات الكثيرة - جعلت المال العام «طوفة هبيطة» يتجرأ عليه ضعفاء النفوس وقليلو الوطنية، ممن اتخذوا الوظيفة العامة وسيلة للتكسب غير المشروع. ونحن بهذا النهج - إن استمر وحقق نتائجه المرجوة - يمكن أن ننتقل نحو رؤية «كويت جديدة 2035» بكل ثقة واقتدار.

h.alasidan@hotmail.com
@Dralasidan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي