No Script

حرّية الفاخوري تبعد «كأس» العقوبات الأميركية عن لبنان

No Image
تصغير
تكبير

قررت المحكمة العسكرية في لبنان، الإفراج عن عامر الفاخوري، المسؤول السابق في «جيش لبنان الجنوبي» الذي كان متحالفاً مع إسرائيل قبل انسحابها من لبنان في العام 2000.
والفاخوري مواطن أميركي يعيش في مدينة دوفر في ولاية نيوهامبشير، وتم اعتقاله أثناء زيارته للبنان في سبتمبر 2019. وأثناء فترة اعتقاله، حض المسؤولون الأميركيون نظراءهم اللبنانيين على الإفراج عنه، لكن إصرار اللبنانيين على محاكمته، دفع السناتور عن ولايته جين شاهين، وهي زوجة أميركي من جذور لبنانية، إلى العمل على استصدار قانون «صفر تسامح»، والذي ينص على فرض عقوبات اقتصادية على كل المسؤولين في حكومة لبنان عن عملية الاعتقال. وحصلت شاهين، الديموقراطية، على دعم من الجمهوريين ممثلين بالسناتور تيد كروز، الذي مهر القانون توقيعه. على أنه مع إفراج بيروت عن فاخوري، صار معلوماً أن شاهين وكروز سيمتنعان عن دفع قانونهما لإقراره في الكونغرس، وهو ما يعني أن صلاحية النص ستنتهي تلقائياً مع بدء ولاية الكونغرس الجديد في يناير المقبل.
وكان وصول الفاخوري الى لبنان أثار جدلاً، إذ طالب معتقلون سابقون في «سجن الخيام»، الذي كان يديره «الجيش الجنوبي»، بمحاكمة الفاخوري، الذي وصفوه بـ«جزار الخيام».
وقامت السلطات اللبنانية باعتقال الفاخوري، وتعذيبه، حسب المصادر الأميركية. وفي وقت لاحق، شخّص أطباء لبنانيون إصابة الفاخوري بسرطان بمرحلة متقدمة، وهو ما دفع الأميركيين الى زيادة الضغط للإفراج عنه، والسماح بعودته لإلى أميركا، لتلقيه العلاج برعاية عائلته.
على أن جدالاً أكبر اندلع حول الجهة اللبنانية التي كانت حضت الفاخوري على زيارة لبنان، وأقنعته بأن لا أحكام قضائية عليه، وأن أي أحكام ماضية سقطت بموجب مرور الزمن.
وإبان فترة الاعتقال، سرّبت جهات غير معروفة صوراً له أظهرته الى جانب قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون أثناء مراسم حفل استقبال كانت أقامته السفارة اللبنانية في واشنطن.
وفي وقت لاحق، نفى سفير لبنان لدى الولايات المتحدة غبريال عيسى أن تكون لديه أي علاقة مع الفاخوري، وقال إن عون لا يعرفه كذلك، وأن مراسم الاستقبال كانت مفتوحة للعموم، وأن الفاخوري دخل السفارة من دون دعوة.
لكن رواية عيسى بدا فيها ثغرات، إذ إن دوفر، تبعد 800 كيلومتر عن العاصمة، ومن غير المعقول أن يصدف أن يستقل الطائرة ليشارك في حفل كانت تنظمه السفارة على شرف قائد الجيش. ومن يعرف البروتوكول، يعلم أن السفارة غالباً ما توجه دعوات، إما بريدية كما في احتفال عيد الاستقلال، أو على الأقل عبر الهاتف أو الإيميل، مثل في حفل استقبال العماد عون.
وأن يتردد مقاتل سابق في «الجنوبي»، على سفارة لبنان، هو أمر غير مألوف، ماضياً «ويبدو انه بدأ في الغالب مع تولي عيسى، المستشار السابق للرئيس ميشال عون، موقع سفير في أميركا قبل عامين».
ولطالما رفع عون شعار عودة «المبعدين قسراً» الى لبنان، وهي العبارة التي صارت تعني عودة مقاتلي لحد من منفاهم، إن في إسرائيل أو في دول الشتات حول العالم.
وعيسى، من المجموعة العونية التي ساهمت في إقامة شبكة علاقات لعون يوم كان الأخير منفياً في باريس بين 1992 و2005. تلك الشبكة نسجت علاقات وثيقة مع أصدقاء إسرائيل في العاصمة الأميركية، الذين رعوا زيارة عون لواشنطن ومثوله في شهادة أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس.
وفي لقاء مع «الراي» في بيروت في نوفمبر 2008، كشف السياسي ميشال قزي أن مسؤولين في نظام الرئيس السوري بشار الأسد طلبوا منه التواصل ورأب الصدع مع عون في باريس، في 2005، وهو دور يقول قزي انه قام به.
لكن قزي لم يكن القناة الوحيدة بين دمشق وعون، إذ تشير السيرة الذاتية لعيسى، على موقع الشبكة العونية في أميركا المعروفة باسم «الهيئة اللبنانية الأميركية للديموقراطية»، انه زار دمشق في 2005 كذلك للتفاوض مع أركان نظام الأسد.
ويقول العارفون في واشنطن، إن جزءاً من الاتفاقية بين الأسد وعون كانت تقضي بأن يوظف الجنرال، بعد عودته الى لبنان، شبكته الأميركية في ترميم صورة الأسد، الذي كان يعاني من عزلة دولية على اثر عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري في وقت سابق من 2005.
ولم تتأخر الشبكة العونية عن محاولة ترميم صورة الأسد في واشنطن. وفي 2010، زار دمشق، اللبناني الأميركي أكرم الياس، حسب مجلة «نيوزويك» التي نقلت في 2014 عن وثيقة كان موقع «ويكيليكس» سربها، وأشارت الى لقاء بين إلياس ومستشارة الرئاسة السورية بثينة شعبان. وقدم إلياس، لشعبان دليل «نقاط كلام» متعارف عليه في واشنطن، ووعدها بتقديم استشارات أخرى لها مقابل أجر شهري قدره 22 ألف دولار.
وفي وقت لاحق، ولتبرير تحالف عون مع «حزب الله»، ولتبرير الانحياز للأسد في الحرب، استعادت الشبكة الحديث عن تحالف الأقليات في منطقة الشرق الأوسط، وهو تحالف يفترض ان يشارك فيه مسيحيو المشرق، وإيران والشيعة العرب، وإسرائيل. وتحت هذا العنوان، عقد مسيحيو المشرق مؤتمرهم في واشنطن في سبتمبر 2014، لكنه أتى بنتائج معاكسة، اذ قام السناتور كروز، الذي كان مدعواً للحديث أمام مسيحيي المشرق، بالثناء على إسرائيل، فصفق البعض وصفّر البعض الآخر مستهجناً، وهو ما دفع السناتور الى القول «انتم لا تقفون مع إسرائيل، إذاً أنا لا أقف معكم»، وغادر القاعة.

لم يدخل الفاخوري، السفارة مصادفة، ولم يعد الى لبنان بلا تنسيق مسبق، لكن من قدم له ضمانات بحمايته كمسيحي في حال عودته الى بيروت، لم يف بوعوده. على أنه تحت الضغط الأميركي، وبعد الكثير من الاستجداء الذي قام به مضيفو الفاخوري في لبنان لـ «حزب الله»، تم الافراج عنه، واقفال ملف إعادة «المبعدين المسيحيين قسراً» عن لبنان، على الأرجح من دون عودتهم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي