No Script

الإصرار على قتل لبنان

تصغير
تكبير

ليس الانفعال وحده الذي ميّز الخطاب الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله. هناك ما هو أبعد من الانفعال.
هناك تأكيد مباشر فحواه أن «حزب الله» يحكم لبنان ويتحدّث باسم لبنان. لم يكن ينقص حسن نصرالله سوى قول «أنا لبنان ولبنان أنا».
هل هذا ما يريده اللبنانيون... أم لم يعد يوجد من يردّ على هذا الكلام الذي يهدّد مستقبل كلّ لبناني، بما في ذلك أبناء الطائفة الشيعية؟ لا يوجد من يردّ على كلام حسن نصرالله لسبب واحد.


هذا السبب هو سلاح «حزب الله» الموجّه إلى الصدور العارية للبنانيين. هذا ما ظهر بوضوح في مايو 2008 لدى حصول غزوة بيروت. من احتلّ بيروت قبل 12 عاماً وسعى في الوقت ذاته إلى ترهيب الدروز في الجبل، لا يحقّ له الكلام عن سلاح من أجل حماية لبنان.
هذا السلاح هو من أجل السيطرة على لبنان ولا شيء آخر غير ذلك. هذا السلاح تسبّب في سقوط ضحايا في بيروت والجبل.
هل هناك من يريد أن يتذكّر ذلك؟ لم يكن ينقص سوى هذا التأكيد الذي تضمنّه خطاب نصرالله، وهو تأكيد يفرض السياسات العامة للدولة، للإعلان رسمياً أن هناك سلطة، اسمها سلطة «حزب الله».
تعلو هذه السلطة على أي سلطة أخرى.
ما لم تستطع إيران قوله عشية بدء الإدارة الأميركية تطبيق «قانون قيصر» في حق النظام السوري، قاله نصرالله من بيروت. أعلن صراحةً أن لبنان محكوم بسلاح «حزب الله»، أي بالسلاح الإيراني.
كان واضحاً كلّ الوضوح. ورد في الخطاب الآتي: «الذي يضعنا بين خيارين، يا منقتلك بالسلاح أو بالجوع، أقول: سيبقى السلاح بين يدينا ونحن سنقتلك، سنقتلك، سنقتلك في النهاية، من هي الجهة التي يريد الأمين العام لـ (حزب الله) قتلها؟».
إذا كان يقصد الولايات المتحدة، ففيها إدارة متوحّشة، منحازة فعلاً إلى إسرائيل، لا يهمّها مصير لبنان وما إذا كان هناك لبنانيون يشعرون بالجوع.
هذه الإدارة طوت صفحة لبنان منذ فترة طويلة ولا ترى في لبنان سوى بلد يحكمه «حزب الله»، وهو لواء في «الحرس الثوري» الإيراني عناصره لبنانية. وصفت الإدارة «حزب الله» بأنّه «إرهابي» وهي تتعاطى معه بهذه الصفة، خصوصاً في ظلّ وجود «حكومة حزب الله» في «عهد حزب الله».
على من يقول إنّ هذه ليست «حكومة حزب الله» في «عهد حزب الله» الاتيان بدليل على صدور ردّ فعل من لبنان الرسمي على كلام خطير، إلى أبعد حدود، صدر عن الأمين العام لـ «حزب الله»، هو في الواقع ردّ إيراني على «قانون قيصر».
بدأت تظهر مفاعيل هذا القانون على الفور، بعد صدور لائحة أولى بعقوبات أميركية تطول شخصيات ومؤسسات سورية. قد تلي اللائحة الأولى لوائح أخرى، ربّما تضمنت أسماء لبنانيين...
بعض التواضع أكثر من ضروري هذه الأيّام. التواضع أمام الدولار المفقود أوّلا. التواضع رحمة بلبنان واللبنانيين ثانياً وأخيراً. يعني التواضع ضرورة التفكير في أن في لبنان فراغاً لا مصلحة لأي لبناني في أن يملأه «حزب الله» الذي ذهب يقاتل في سورية من أجل حماية نظام أقلّوي تعتبره «الجمهورية الإسلامية» في إيران بمثابة تابع لها.
لا يستطيع لبنان الخروج من أزمته، وهي أزمة مصيرية بكلّ معنى الكلمة، عن طريق التهديدات. يستطيع ذلك عن طريق التواضع واعتماد المنطق. المنطق يقول إن ثمّة حاجة إلى التمييز بين لبنان و «حزب الله».
أن يكون «حزب الله» هو لبنان يعني أن الكارثة الأكبر آتية على البلد وعلى أبنائه. كلّ ما عدا ذلك لا قيمة له. لا تستطيع إيران أن تساعد لبنان في شيء باستثناء إغراقه بالسلاح.
أمّا الصين، فلديها حسابات خاصة بها ولا يمكن جرّها إلى الاستثمار في لبنان من دون استقرار فيه ومن دون دولار ثابت. الصين تتعاطى بالدولار ولا تعترف إلّا بالعملات الصعبة... فيما إيران تلهث خلف الدولار وتلهث خلف صفقة تعقدها مع «الشيطان الأكبر» الأميركي.
مرّة أخرى، بعض التواضع مفيد. الأهمّ من التواضع التصالح مع الحقيقة ومع الواقع ومع أن لا مستقبل للبنان في ظلّ «حكومة حزب الله» في «عهد حزب الله». الحكومة يجب أن ترحل والعهد يجب أن يتغيّر...

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي