No Script

قيم و مبادئ

النظام العالمي في الكمام (1 من 2)

تصغير
تكبير

هنا بابٌ عظيم من أبواب حكمة الله تعالى، يطَّلِعُ النَّاظرُ فيه على سرٍّ من أسرار القضاء والقدر، وكيفَ يُسلّط الله تعالى العالمَ العلويّ أو السُّفليّ بعضهم على بعض، فسبحان مَن له في كلّ شيءٍ حكمة بالغة، وآية باهرة، فقِس على هذه الحكايات ما تراه في نفسك، وفي العالم من حولك، لِتعلم حينئذٍ أنّ الله قائمٌ بالقسط وأنه قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كَسَبَت، وأنّه لا يظلمُ مثقالَ ذرّة، فتأمّل حكمة الله تعالى في صرفهِ قلوب الطليان والأمريكان والإنكليز والصين وغيرهم عن الهدى رغم تقدّمهم العلمي والمادي، فلم يتّخذوا الأسباب الواجبة للوقاية من هذا المرض، والتي يُدرّسونها لعموم النّاس في جامِعاتهم ومعاهدهم الطبيّة هناك!
لِتَجد أثر هذا الفعل الإلهي في أحد معاني اسم الجبّار لله تعالى التي وردت في القرآن، ويعني المُصلح أمور خلقه، المصرفهم فيما فيه صلاحهم، وهو الذي جَبَرَ الخلق على ما أرادَ من أمره و نَهْيِهِ.
فأُغلقتِ الحانات والبارات وصالات القِمار وأندية اللهو والمُجون، وغادرَ المخالفون والبطّالون إلى بلادهم، ليكونوا مع أهليهم وذويهم، فعادت أغلب البشرية جميعاً على ما أراد الله لهم أن يكونوا عليه، ولا يمتنع عليه شيءٌ منهم أبداً، قال تعالى: «إنَّما أمرُهُ إذا أرادَ شيئاً أن يقول له كُن فيكون».


والله تعالى قهر الجبابرة بجبروته وعلاهم بعظمته، فلا يجري عليه حُكمُ حاكم فيجب عليه انقياده، ولا يتوجّه عليه أمرُ آمر فيلزمه امتِثاله، آمر غير مأمور، قاهر غير مقهور: «لايُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون».
وأما الدول العُظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن، تجدهم وزعماءهم اليوم مرهونينَ بصفات النَّقص مقهورين معزولين مجبورين، تُؤذيهم البقّة، وتأكلهم الدودة، وتشوشهم الذبابة!
وأرغَمهم رغم جبروتهم فيروس كورونا وهو لحقارته لا يُرى بالعين المُجرّدة؟
فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وتأمّل حكمته تعالى في مَحقِ أموالِ المُرابين، وتسليط أنواع المُتلفات عليها كما فعلوا بأموال الناس، ومحقوها عليهم بالقرض بفائدة، فأتلفوها بالربا العالمي حتى بلغتِ الديون السيادية أرقاماً فلكيّة!
فجازاهم الله إتلافاً بإتلاف، فَقَلَّ أن تجد مُرابياً إلّا وآخِرته إلى مَحقٍ وقِلَّةٍ وحاجةٍ، فضلاً عمَّا ينتظِرُه في الآخرة في عذابِ القبر وعَرَصاتِ يوم القيامة.
وتأمّل حكمتَه تعالى في تسليط جنوده سواء كانت ريحاً أو حجارةً مِنَ السماء، أو خَسفاً و مَسخاً أو صيحة مَلَك على العباد إذا جارَ قويُّهم على ضعيفهم ولم يُؤخذ للمظلوم حقّه مِن ظالمه، كيف يُسلّط الله عليهم مَن يفعل بهم كفِعلِهم برعاياهم وشعوبهم المستضعفة، وهذه سُنة الله تعالى منذُ قامتِ الدنيا إلى أن تُطوى الأرض ويُعيدها الله كما بَدأها أولَ مرَّة.
كما أنّهم تَسلَّطوا على المسلمين وأزهقوا أرواحهم، و مَزَّقوهم شَرَّ مُمَزَّق، وفَرَّقوهم في بلاد العالم، في المقابل وَجدنا آلاف التوابيت في الدول العُظمى تُؤخذ بالجرارات لتدفق في باطن الأرض خلال شهرين فقط من تسليط كورونا عليهم، وما زالت التداعيات الصحية تُثير المخاوف وتُبقي النظام العالمي في الكمّام!
ومَن له أدنى فطنة إذا جال بفكره، وقلبُه حاضرٌ معه، رأى الحكمةَ الإلهية سائرة في القضاء والقدر، كما في الخَلق والأمر والراعي والرعية، سواءً بسواء.
فإياكَ أن تظن أن شيئاً من أقدار الله المؤلمة عارٍ عن الحكمة البالغة، بل جميع أقضية الله وأقداره تقع على أتمّ وجوه الحكمة والصواب، ولكنّ العقول السقيمة محجوبة بحجبِ ظُلُمات الجهل، كما أن الأبصار الخفاشية محجوبة بضعفها عن ضوء الشمس، فلا تُبصر حتى في رابعة النهار!
وهذه العقول الضعيفة إذا صادفها الباطل جالت فيه وصالت، ونافحت عن النظام العالمي وقالت، كما أنَّ الخفاش إذا صادفه ظلام الليل طارَ وصادَ وسارَ الليلَ بِطولِه!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي