No Script

ألوان

فلنتعلم من فيلم «اسمي خان»

No Image
تصغير
تكبير

ليس لديّ ميول لمشاهدة الأفلام الهندية الحديثة، رغم أنني كنت في صغري أشاهد بعضها القديم الذي أرى أنه أكثر نضجاً وعمقاً وتعبيراً عن هموم الشارع الهندي الصديق، رغم التعددية الكبيرة التي لديه، ولكن هذا لا يعني أن أي فيلم هندي قديم هو جيد، وأن أي فيلم هندي حديث هو سيئ فالتعميم فيه ظلم كبير.
ولقد شاهدت بالصدفة على تلفزيون الكويت فيلم «اسمي خان» وقد صدر في عام 2010م بطولة شاه روخ خان وكاجول وجيمي شيرجيل وزارينا وهاب وسونيا جيهان وعارف زكريا وبلاي شاردا واسماء اخرى، إضافة إلى بعض الممثلين الأميركيين، والفيلم من إخراج كاران جوهر، وهو ممثل ومؤلف ومخرج ومنتج ومقدم برامج هندي وله العديد من الأفلام، وحصد جوائز عدة.
وتدور أحداث الفيلم في إطار إنساني من خلال طفل هندي مسلم يعاني من مرض التوحد، وبعد وفاة أمه قرر الانتقال للعيش مع شقيقه الذي يعيش في الولايات المتحدة، ورغم إصابته بالتوحد إلا أنه كان عبقرياً تعلم اللغة الإنكليزية بطلاقة إضافة إلى إلمامه بالكثير من المعلومات، ويتعرف على فتاة هندية هندوسية مطلقة ولديها طفل لكن شقيقه يرفض زواجه منها، وتجري أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فتتغير النظرة إلى المسلمين ليس لدى الشعب الأميركي بل حتى من قبل الهنود غير المسلمين المقيمين في أميركا إلا أن خان لديه ثوابت إنسانية ينطلق منها كإنسان مسلم، فيصر على أن يوصل رسالة إلى الرئيس الأميركي مفادها أن اسمه خان وأنه ليس إرهابياً، ولكن مر بسلسلة من المواقف الإنسانية والأحداث المؤلمة لكنه بقي صامداً بالقيم التي يحملها في داخله، حيث يتذكر كلام أمه بأن الناس صنفان إما أخيار وإما أشرار، من دون النظر إلى الدين أو الثقافة أو اللغة.
ولعل فيلم «اسمي خان» هو أفضل ما قام به النجم الهندي شاه روخ خان، وكذلك النجمة كاجول، وقد اعجبتني كلمات الأغاني في الفيلم، وهي قليلة لكنها عميقة تعكس إبداع شاعر متمكن استطاع ان يقدم أشعاره، بتناغم كبير مع بقية فريق العمل بقيادة المخرج المبدع المتمكن من أدواته الإبداعية.
نعم فلنتعلم من «اسمي خان» كيف نقدم أنفسنا عبر فيلم سينمائي بصورة ومواصفات تتماشى مع عناصر الفيلم الأميركي من دون أن تكون هناك تنازلات عن الثوابت الدينية او الثقافية، فالفيلم يخلو من المشاهد الإباحية أو الأمور التي تثير الغرائز.
نعم لماذا لا نتعلم من فريق عمل الفيلم، الذي نجح في عمل توليفة لقصة إنسانية لمسلم وكيفية تعامله مع الآخر، رغم ظلم هذا الآخر له، ليس من خلال العنف ولا التصادم، بل من خلال الحب وتقديم المساعدة خصوصاً انه لمس المعدن الحقيقي للآخر المسالم، من خلال أحداث الفيلم الذي امتاز بالإيقاع السريع والتصاعد الدرامي، وتقديم الصورة الحقيقية للإنسان المسلم والشرقي، وهي أمور يجهلها الكثير من الناس في المجتمعات الغربية.
نعم نحن بحاجة إلى التعلم من مخرج فيلم «اسمي خان»، بل إنني أدعو إلى التعاون معه لتقديم فيلم سينمائي آخر بمشاركة ممثلين عرب وهنود، لتقديم أنفسنا وبضاعتنا بصورة تتناسب مع سماحة الدين الإسلامي، وعلينا أن نبحث عن كاتب نص متمكن يفهم ذهنية العقل الغربي، كي نعرف خارطة الطريق في تقديم فيلم سينمائي بشكل غير مباشر، كما فعل مخرج فيلم «اسمي خان»، علما بأن المخرج كاران جوهر وبطل الفيلم شاه خان شاركا في عملية الإنتاج إضافة إلى بقية الشركات المنتجة، فهو عمل سينمائي ضخم ومكلف.

* كاتب وفنان تشكيلي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي