No Script

إضاءات / قانون تنظيم النشر الإلكتروني... ضرورة!

| u062f. u0635u0628u0627u062d u0627u0644u0633u0648u064au0641u0627u0646* |
| د. صباح السويفان* |
تصغير
تكبير
أصبح من الضروري النظر إلى النشر الإلكتروني، على أنه حاجة ثقافية واجتماعية وسياسية وحتى اقتصادية... ملحة، في زمن الإنترنت والفضاء الافتراضي المفتوح على كل الاتجاهات، وهو مسألة تساهم- ربما- بالسلب أو الإيجاب في بنية المجتمع، كما أن نزعة التخوف أو التردد في ادخال هذه التقنية الحديثة إلى عمق منظومتنا الحياتية، باعتبارها أداة أو وسيلة حديثة لا يمكن الاستغناء عنها أبدا. أصبحت غير مجدية، فعلينا أن نكون واقعيين، ونرضى بأن يقتحم هذا الفضاء الإلكتروني كل حياتنا، وان لم نرض فإنه سيقتحمها رغما عنا، لأنه لم يعد رفاهية بل أصبح ضرورة مفروضة علينا. وحالة عامة اقتحمت كل المجالات، وأصبح من الصعوبة بمكان العمل بمعزل عنها.

وكخطوة متفاعلة مع الواقع الحداثي الذي يشهده النشر الإلكتروني، تسعى الكويت- حاليا- لإصدار قانون لتنظيمه، وذلك من خلال اللجنة المختصة في مجلس الأمة، وبالتالي أقيمت الندوات والمحاضرات والحلقات النقاشية، لبحث الآليات التي تتناسب مع إصدار هذا القانون، ومدى مناسبته، لمسألة النشر الإلكتروني.

والسؤال: هل يحتاج النشر الإلكتروني إلى قوانين تنظم عمله، كما هو معمول به في وسائل النشر التقليدي «الورقي»؟، أم أن من الأفضل تركه حرا يمارس دوره من دون قوانين تنظمه؟

والحقيقة تشير إلى أن أي عمل إن لم تحكمه قوانين أو حتى قواعد سيكون مصيره الفوضى، لذا فإن وضع قانون لتنظم عمل النشر الإلكتروني قد تأخر كثيرا، وكان من الأفضل إشراكه في الحياة العامة منذ شيوعه، وانتشاره، كي يكون كيانا معترفا به وبالتالي يساهم، كغيره من أوعية النشر الأخرى في تطوير المجتمع والنهوض بمستوياته الثقافية والاجتماعية والسياسية.

ووفق قاعدة «أن تعمل متأخرا أفضل من ألا تعمل أبدا»... فإن قانون النشر الإلكتروني يجب أن يظهر في صيغته النهائية بأسرع وقت ممكن، مع مراعاة شروط واعتبارات عدة من أجل أن يكون له الدور المطلوب في بناء المجتمع وليس هدمه.

وأول هذه الشروط والاعتبارات... مراعاة مبدأ حرية التعبير، التي كفلها الدستور في مادته الـ36، وألا يكون سيفا مصلتا على أقلام أصحاب الرأي، الذين يطمحون إلى النقد من منظور وطني إنساني خال من ظلامية المصالح والعنصرية والطائفية وخلافه.

لذا يجب أن يراعى في وضع القانون أن تكون حرية التعبير مكفولة بمواد واضحة، وغير مائعة، ولا تحمل في مضامينها معاني عدة. أو تفسيرات مختلفة، تجعل من تطبيقها أمرا خاضعا للأهواء والأمزجة.

كما يجب أن يحتوي القانون على إجراءات جزائية، تحد من مسألة التغريدات التي تسيء إلى الآخرين، وتقتحم خصوصياتهم، وتضعهم في دوائر الاتهام، فمجرد تغريدة طارئة، ليس لها دليل أو سند، قد تحيل المقصود بها إلى حالات من الألم والحزن والعذاب. بالإضافة إلى محاولة وقف أو حتى التقليل من الكتابات التي تؤرق مضاجع الآمنين، والكتابات الإلكترونية التي تدعو إلى الفتن والصراعات. بعقوبات وإجراءات صارمة.

بالإضافة إلى وضع مواد تحافظ على الملكية الفكرية، وتحارب هؤلاء الذين يستسهلون السطو على أفكار الآخرين، وكأن هذا السطو حق مكتسب لهم، لمجرد أنه موضوع على المواقع الإلكترونية، رغم أن ذلك سرقة فكرية، وتعدّ على مجهودات الآخرين، بغير حق.

فلربما كاتب أرهق نفسه في وضع الأفكار والرؤى، وبعد نشرها على المواقع الإلكترونية، يجدها في مواقع أخرى بأسماء أخرى، وهو عاجز عن المطالبة بحقه الأدبي، في ظل فضاء لا ينظمه قانون ولا يتبع أي قاعدة كانت.

وبالتالي فإن قانون النشر الإلكتروني أصبح ضرورة يجب أن تسارع الجهات المسؤولة في مجلس الأمة في وضع مواده، وتحديد آلياته، كي يتمكن المجتمع من الاستفادة من النشر الإلكتروني بطرق مناسبة، خصوصا في الحقل التعليمي، والبحث عن مصادر المعلومات.

* رئيس تحرير مجلة «البيان» وأكاديمي بجامعة الكويت*

alsowaifan@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي