قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تعالى أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، ولَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) اقتضت حكمة الله تعالى حينما خلق البشر وجعلهم شعوباً وقبائل بحيث لو استقل كل واحد منهم بنفسه لم يحصل بذلك التعارف والتعاون فكانت الحكمة الإلهية واضحة في الأصل الواحد، الذي ترجع إليه البشرية وجنس واحد وكلهم من ذكر وأنثى وهما آدم وحواء عليهما السلام. وهذه رسالة سلام من الله تعالى إلى الناس كافة بأن الاختلاف في الألوان والألسن والثقافات ليس سبباً للحروب والتطاحن والتعدي على الآخرين، إنما هو سبب يقتضي الوحدة والوئام كما يحصل في أبناء البيت الواحد وقد نطقت جميع الكتب السماوية والأنبياء والرسل والعلماء والحكماء والعقلاء من كل أمة من الأمم أن دين الله تعالى واحد وهو الإسلام، وأن السعادة تكون بمقدار القرب من تعاليمه، ولهذا قسم العلماء في كل الشرائع السماوية في الأمم السابقة الناس إلى ثلاثة أقسام بالنسبة لعلوم الأنبياء والرسل عليهم السلام: عالم مجتهد، طالب علم، عامي مقلد. فالعلماء الربانيون هم ورثة الأنبياء وهم كالنجوم لحفظ السماء من الشياطين، فهم يحفظون دين البشر من أن تناله يد المحرفين أوالمخرفين، وهناك طلاب العلم المتبعون للدليل، ولكنهم لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد ولكن لهم القدرة على فهم وجهة العلماء واستنباطاتهم، بحيث يفهمون الدليل وكيفية الاستدلال.
وهناك قسم ثالث وهم «ساير الناس»، وهؤلاء عليهم سؤال أهل العلم عما أشكل عليهم قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ففي عموم هذه الآية الكريمة مدح لأهل العلم وأعلى أنواع العلم هو التوحيد حيث أمر الله تعالى من لاعلم عنده بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفحوى الآية تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمرنا الله تعالى بسؤالهم وبذلك يخرج الجاهل من التبعة يوم القيامة، فدلّ ذلك على أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم والاتصاف بصفات الكمال.
ويبقى السؤال الآن إذا عرفنا عوام الناس وما طبيعتهم كيف السبيل إلى التعامل معهم؟