No Script

ظاهرة العزاب في السكن الخاص ... واقع «مؤلم» وحلول «خجولة»!

No Image
تصغير
تكبير

تحت عنوان «اطمئن» أطلقت بلدية الكويت أخيراً، حملتها التوعوية حول مخاطر ظاهرة سكن العزاب في السكن الخاص، والتي استفحلت، وباتت إحدى الأدوات الاستثمارية التي يلجأ إليها بعض أصحاب العقارات من دون اكتراث بخطورتها وتأثيرها السلبي على المواطنين.
وتحمل الظاهرة في طياتها الكثير من التناقضات الحكومية والمجتمعية، والقليل من غياب الوعي، والتي أود في هذه السطور إلقاء الضوء على بعضها:

1 - الظاهرة ورغم خطورتها على النسيج المجتمعي، بإدخال مظاهر وسلوكيات غريبة حملها بعض الوافدين من بلدانهم إلى الكويت، والتي لا تتفق مع تقاليد وأعراف مجتمعنا، إلا أنه لم تخرج بيانات دقيقة حديثة حول تلك الظاهرة حتى الآن من قبل الجهات الرقابية والمعنية بالتصدي لها ومواجهتها بالشكل المطلوب.

2 - إن بيوت السكن الخاص المدعومة حكومياً، بدءاً من مواد البناء المختلفة إلى دعم الكهرباء والماء، تذهب وبشكل غير مباشر للعزاب، أملاً في الحصول على عائد استثماري على أرض ومواد ممنوحة من قبل الحكومة، وكذلك كهرباء وماء بشكل مجاني.

3 - القصور بالجهود التشريعية والرقابية في مواجهة الظاهرة، والتي وإن شهدت تحركات على مستوى الوعي المجتمعي، ولكنها تبقى «خجولة» إذ اقتصرت على حملات توعوية محدودة لم يتجاوز عدد إعلاناتها 124، موزعة على محافظات الكويت كافة.

4 - ينبغي الإشادة بجهود بلدية الكويت في التوعوية المجتمعية بخطورة الظاهرة، وينبغي في الوقت عينه تشجيعها على المضي قدماً في معالجة المشكلة المزمنة بمختلف المناطق الداخلية والخارجية على حد سواء، ولاسيما «الداخلية» التي تعاني من تداعيات تلك الظاهرة بشكل بالغ.

5 - أؤكد كامل احترامي وتقديري للعمالة الوافدة، التي أتت الكويت بحثاً عن لقمة العيش، إلا أن آفة سكن العزاب في السكن الخاص، كانت البوابة الواسعة التي خرجت منها ظواهر سلبية عديدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، العمالة السائبة، وصناعة الخمور، وفتح عيادات طبية دون ترخيص، وإيواء مخالفي الإقامة، وتسهيل ممارسة الدعارة، وما زاد البلة طيناً، سرقة أدوية وزارة الصحة وبيعها من خلال تلك البيوت.

6 - السلبيات التي عكستها تلك الظاهرة، على تجار العقارات وأرزاقهم بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، ففي منطقة واحدة، نجد شوارع يصل سعر المتر الواحد فيها إلى 1000 دينار، فيما تتراجع الأسعار في شوارع أخرى للمنطقة نفسها بواقع 30 في المئة وذلك نظراً لوجود العزاب فيها، ما يؤدي لعزوف المواطنين عنها، وخوفهم من التواجد بها رغم أنها مناطق داخلية.

7 - غياب واضح للحسم في معالجة الظاهرة، إضافة لافتقاد وافتقار التنسيق الرباعي بين مختارية المناطق والمحافظين من جهة، وبلدية الكويت ووزارة الداخلية من جهة أخرى، إذ إن تلك الجهات الأربع هي المسؤولية بشكل كبير ومباشر في علاج تلك الآفة والقضاء عليها.

8 - العقوبات الرادعة بحق المستهترين، فرغم استفحال تلك الظاهرة، وما يرتبط بها من مظاهر سلبية، لا تزال العقوبات والتشريعات التي تحاربها، قاصرة وتفتقد للحسم وسرعة التنفيذ في الوقت نفسه، ولا تتجاوز العقوبات المنصوص عليها في القانون في حدها الأدنى قطع الكهرباء عن بيوت السكن الخاص التي تأوي عزاباً، وفي حدها الأقصى فرض غرامة مالية تتراوح بين 1000 و10 آلاف دينار لكل من يقوم بتسكين العزاب في السكن الخاص والنموذجي.
وتأتي هذه العقوبات «الهزيلة» والتي هي «دون المستوى» من وجهة نظري، على الرغم من تأكيد وتشديد «أبو الإنسانية» صاحب السمو أمير البلاد في أكثر من مناسبة على ضرورة تطبيق القانون على الجميع، وبمسطرة واحدة دون تمييز، وأنه لا أحد فوق القانون.
وعلى الرغم من وجاهة مشروع المدن العمالية، كأحد الحلول الذي تزامن ظهورها مع انتشار الظاهرة واستفحالها، فقد وضعت الحكومة المشروع في أدراجها، وما زالت تنظر إلى الظاهرة بشكل «ترفي» فيما لا ترقى عقوباتها وتشريعاتها للحلول الجذرية المطلوبة للأزمة.
ويأتي هذا مع غياب التنسيق بين أجهزة الدولة في مواجهتها، والتي (وإن تمت) فستكون لها آثار اقتصادية واجتماعية إيجابية، وعلى الأداء الاقتصادي العام على المدى الطويل.
وسيحفظ الأمر في الوقت نفسه، كرامة الوافدين القادمين للمساهمة في تنفيذ مشاريع وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذها الدولة حالياً.
ومن هنا، فإنني أتمنى على مسؤولينا ومخططي التنمية، الأخذ بعين الاعتبار عند تخطيط المشاريع وضع حلول شاملة للظاهرة، لتنقذ الكويت وأهلها من تلك الآفة.
إن المشكلة باتت «متوطنة» في واقع المجتمع الكويتي، والذي يعاني منها منذ العام 1992 وحتى الآن، حيث ما زالت حلول الحكومة والمجتمع «ترقيعية» ويغيب عنها الكثير من الجدية.
وفي الختام، فإنني كمواطن كويتي أناشد الجهات الرقابية بالتكاتف، ووضع حلول عاجلة وفورية تقضي على تلك الظاهرة، خصوصاً وأنها من وجهة نظري أولى خطوات الحلول الناجعة والفعالة في تعديل التركيبة السكانية.
كما أن مرور 28 عاماً على ظهورها، يقتضي بالضرورة العمل على اتخاذ خطوات أكثر جدية من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا.

* باحث في الشأن العقاري

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي