No Script

عناد الأسواق

تصغير
تكبير

إن كانت البورصة هي مرآة الاقتصاد، فقد تكون عكست المنظر لا الجوهر، فلماذا هي في عناد مستمر مع ما نراه على أرض الواقع ونشعر به؟
يقول المنطق إنه عند استثمارك في أي بلد ستتبع أسلوب التحليل الرأسي الكلي، وهو بالنظر إلى الاقتصاد الكلي للبلد نزولاً إلى الشركة أو الاستثمار الذي ستستثمر فيه، مبنياً على نظرية بأنه كلما كان أداء الاقتصاد في نمو متسارع، كانت أرباح الشركات أفضل، و كان أداء البورصات أقوى، ولكن ما يحدث على أرض الواقع مغاير تماماً.
فعند قياس معامل الارتباط، فإنه يقيس العلاقة بين متغيرين على فترة من الزمن، بين نمو الناتج القومي للبلد وبين أداء البورصات، ويكاد يكون معدوماً بل سلبياً على فترات زمنية أقصر سواء في أكثر الأسواق العالمية المتقدمة، أو في أسواقنا الناشئة في الخليج.
ويحقق مؤشر «ناسداك» أفضل أداء ربع سنوي منذ عام 1999، و«داو جونز» عند أفضل مستوى أيضاً منذ 33 عاماً، بينما هوى الناتج القومي للاقتصاد الأميركي 32.9 في المئة خلال الربع الثاني من 2020، وكذلك الحال عندما حققت الصين معدل نمو بين 9 و15 في المئة من 2007 إلى 2011 إذ هبط مؤشر شنغهاي من 5500 إلى 2500 نقطة.
هذا على النطاق العالمي، أما إقليمياً وعند قياس معامل الارتباط لأسواق الخليج مع اقتصاداتها على مدى 20 عاماً، فقد كانت جميعها قريبة من الصفر وتحولت سلباً منذ بداية أزمة النفط في 2015 إلى الآن، مع أزمة كورونا.
وتعتبر الأسواق في تناقض مستمر مع الناتج القومي والرؤية المتوقعة للمستقبل، حيث لا علاقة لأزمة وباء كورونا أصلاً في هذا السلوك للبورصات إذ إنه ليس بشيء جديد.
وفي نظرية (Supply Side Model)، تتحقق العلاقة المثالية بين الناتج القومي للبلد وأداء البورصة، عند تحقيق عوامل عدة أهمها أن يكون الاقتصاد مغلقاً، رغم أن هذا العامل هو أصعب العوامل للتحقق، إلا أنه تحقق تقريباً في أزمة وباء كورونا، ومع ذلك لم تتوافق العلاقة بينهما، فلماذا يا ترى؟
علينا، ألا نربط أو نبني توقعاتنا على نمو الناتج القومي، لما لها من أسباب عدة، وأهمها أن الشركات وخصوصاً من لها ثقل في المؤشر تكون عملياتها عالمية وليست مرتبطة فقط بالاقتصاد، كما أن الناتج القومي يمثل جهات عدة وإيرادات مختلفة للدولة، سواء على مستوى القطاع العام أو الخاص.
أما البورصة فتتأثر بشكل سريع ومباشر بمشاعر وسلوكيات البشر وتوقعاتهم أكثر من أي شيء آخر، والخلاصة هنا هل سنرى مع التعافي المتوقع للاقتصادات، إنهاء الأسواق موجة التعافي التي بدأتها مبكراً؟ وهل سيكون الربع الثالث أو الرابع من 2020 سلبياً لأداء البورصات، رغم أننا قد نشهد تسجيل أرقام إيجابية على مستوى الناتج القومي للاقتصادات العالمية أو الناشئة؟
وإن كنا على المستوى المحلي، ما زالت بورصة الكويت محملة ببعض مشاعر التفاؤل، مع دخول صناديق مؤشرات «مورغان ستانلي» في نوفمبر المقبل، وبعدها ربما سيكون لها حديث آخر.

* مســاعد نائــب الرئيــس التنفيذي وإدارة الأصــول في الشركة العربية للاستثمار

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي