No Script

أشهر علماء الفلك العرب في عصرنا الحديث يوصي الكويتيين عبر «الراي»: قلّلوا من أسفاركم

... النجم الصالح

تصغير
تكبير
  • صالح العجيري:
  • الفلكيون الجدد الشباب يعملون بجد وإخلاص ونعتز بهم وهم قرابة 200 شخص 
  • ركبت الحمار في «الشرقية» بمصر لأصل  لأحد علماء الفلك 
  • كنت أخاف من قصف الرعد في صغري فدرست الفلك من باب «اعرف عدوك» 
  • أعكف في أيامي الأخيرة على دراسة بعض الكتب التي مازلت أحتفظ بها خصوصاً الأجنبية 
  • جاوزت التاسعة والتسعين وجمعت 2100 كتاب عربي في علم الفلك على مدى 70 عاماً 
  •  كنت صخرة للدفاع خلال لعبي كرة القدم وطعامي المفضل الماش والمرقوق  وأستمع لمحمود الكويتي

تجاعيد وجهه تروي صفحات من تاريخ الكويت، بينما ذاكرته ما زالت متقدة تعي كل ما مر بها أو تكاد... يرى بعين واحدة ويسمع أيضاً بأذن واحدة، لكن حضوره ملء السمع والبصر...
الباحث الفلكي الدكتور العم صالح العجيري، الذي لا يستطيع التحرك إلا عبر كرسي متحرك، ولا يكف عن حمد الله على آلائه ونعمه، أحد أشهر علماء الفلك العرب في عصرنا الحديث توجه بوصيته، في لقاء خص به «الراي»، للكويتيين قائلاً «قللوا من أسفاركم فالبلد بحاجة لكم».
العجيري، الذي جاوز التاسعة والتسعين، وتوقف عن استخدام أجهزة مرصده منذ خمس سنوات، بادر «الراي» في مطلع اللقاء قائلاً «جئتكم من الماضي من مستهل العشرين»، فيما لم يتفاخر العالم الكبير بشيء خلال حديثه، ما خلا الكتب التي نجح خلال سني عمره في جمعها، قائلاً «على مدى السبعين عاماً الماضية جمعت 2100 كتاب عربي في علم الفلك».
وبتواضع الكبار يتحدث العجيري عن الفلكيين الجدد، قائلاً «الفلكيون الجدد الشباب يعملون بجد وإخلاص ونعتز بهم، وهناك قرابة 200 شخص يدرسون الفلك في الكويت ومطلعون على علومه».
النجم الكويتي اللامع كان شاهداً على أحداث تاريخية، من بينها الحرب العالمية الثانية (التي بدأت في نهاية الثلاثينات وانتهت في 1945)، وأطلق الكويتيون على أحد أعوامها، وفقاً للعالم الفلكي الكبير، عام البطاقة لأنه تم تخصيص بطاقة تموينية لكل شخص بسبب ظروف تلك الحرب.
مواهب العجيري لم تكن في الفلك فقط، فقد كان صخرة دفاع خلال ممارسته لكرة القدم، كما أنه لم ينفصل عن قضايا أمته، ففي عام 2006 عرض حقيبته المدرسية، التي اشتراها عام 1927 بـ75 فلسا، في مزاد علني لتباع بـ 660 ألف دولار تبرع بها للمتضررين من الشعب اللبناني جراء الحرب مع إسرائيل.
يعكف على دراسة بعض الكتب التي ما زال يحتفظ بها، وخاصة الأجنبية منها، بينما يعود لنصيحة الكويتيين، قائلاً «قللوا من أسفاركم فالبلد بحاجة لكم وبه كل وسائل الترفيه، وأتمنى أن تقبلوا هذه النصيحة. فالناس قديما كانوا يسافرون من أجل العمل»، معرجاً على قبس من حياته الشخصية بالقول «مطربي المفضل هو محمود الكويتي، وكنت أطرب لكلمات أغانية وتلحينه وأدائه المميز، بينما طعامي المفضل هو الماش والمرقوق».
عالم الفلك الأشهر عربياً، الذي أودعه أبوه في صغره لدى قبيلة «الرشايدة» في البادية، ليتعلم منهم الفصول والمواسم، كان يخاف من صوت الرعد، فيما برر ذلك قائلاً «كنت أخاف من قصف الرعد في صغري، وهذا أمر طبيعي، أخاف من هبوب الريح والظلام وكل ما يتعلق بالطبيعة، فدرست الفلك من باب (اعرف عدوك)».
زار كثيراً من البلاد والأمصار، لكن مصر الكنانة ما زالت عالقة في ذهنه حتى الآن من بين كل الدول التي زارها، وحول تفاصيل رحلته لأرض الكنانة يقول «وقع في يديّ أحد كتب الفلك، وقررت أن أسافر لمقابلة المؤلف وكان مصرياً، ولم يكن هناك طائرة فسافرت من الكويت إلى البصرة ومنها لبغداد بالقطار، وبعدها ركبت شاحنة للشام ثم باخرة من بيروت إلى الأسكندرية.
وعرفت أن المؤلف له دراية بعلم الفلك، وركبت الحمار في الشرقية لأصل إليه، والتقيت به وأفادني ولم يقصر معي، وعلمني وأعطاني مؤلفات مفيدة، ونصحني قائلاً: (جاوزت الثمانين عاما ومكاني بعيد، أنصحك بأن أحيلك لأحد تلامذتي في القاهرة وهو العالم عبدالفتاح وحيد أحمد في الغورية) وقد تعلمت منه حساب المثلثات واللوغريتمات، لكن كان عيبه الوحيد (الحلو ميكملش) أنه جمع خلال سبعين سنة كتبا في علم الفلك، ولا يسمح لأحد أن يطلع عليها حتى أنا كان يسمح لي بكتاب واحد، ولكن بعد وفاته قالت لي زوجته اختر ما تشاء من الكتب وكان كنزا فلكياً من ثلاث حقائب».
في ختام اللقاء ودعنا العالم الكبير العم صالح العجيري، رافعاً يديه إلى السماء وشاخصاً ببصره نحو النجوم، قائلاً «وفقكم الله لأنبل الغايات وأكرم المقاصد وعناية الله ترعاكم».

الوالد القدوة

والد العجيري هو محمد صالح عبدالعزيز العجيري، كان حافظاً للقرآن الكريم وكثير الاطلاع، حيث كوّن مكتبة خاصة به، فيها الكثير من ذخائر الكتب، وافتتح مدرسة لتربية الأطفال عام 1920، وتوفي في 19 مارس 1979 في الكويت عن عمر ناهز 91 عاماً.

على الهامش

تقويم العجيري

بدأ العجيري في إصدار تقويمه الذي يحمل اسمه «روزنامة العجيري» منذ عام 1952، فيما دشن مرصده في أوائل السبعينات، ومنحته جامعة الكويت الدكتوراة الفخرية قبل أربعة عقود.

صالح ممثلاً

شغل التمثيل جزءاً كبيراً من حياة العجيري، فكان شغوفاً به، وانضم إلى فريق المدرسة ومارس هذه الهواية، وكان أول عمل مسرحي فكاهي شارك فيه عام 1938، ثم توالت المسرحيات باللهجة الكويتية، مثل «سكانه مرته»، أما أول مسرحية باللغة العربية الفصحى فكانت مسرحية «إسلام عمر».

قلادة مجلس التعاون

تم تكريم العجيري خليجيا، حيث منح قلادة مجلس التعاون الخليجي في العلوم في ديسمبر 1988 أثناء مؤتمر القمة السنوي للمجلس، تكريماً لجهوده، وتلقى من المجلس في مناسبة أخرى كتاب منح براءة وسام التكريم من قادة دول المجلس تقديراً لخدماته، قدمه الديوان الأميري بتاريخ 12 فبراير 1998.

الاتحاد العربي لعلوم الفضاء

منح العجيري عضوية الشرف في الاتحاد نظراً لجهوده المتواصلة في تطوير علوم الفضاء والفلك في الوطن العربي، استناداً إلى المادة الثالثة من النظام الأساسي للاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك واستناداً إلى قرار المجلس الأعلى للاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، الذي انعقد في جامعة آل البيت في الأردن بتاريخ 5 سبتمبر 2000.

يوم الوفاء... والتقدير

احتضن مسرح مكتبة الكويت الوطنية احتفالية يوم الوفاء بالعالم صالح العجيري، حيث قامت الشيخة الشاعرة سعاد الصباح بتكريمه من خلال إصدار كتاب يسرد مسيرته الحافلة مع علم الفلك ويحمل عنوان «صالح محمد العجيري... عابر المجرات عميد علم الفلك».
كما تم اختياره للحصول على جائزة الدولة التقديرية عام 2005 مع كل من فاضل خلف وعبد الحسين عبدالرضا، وذلك تقديراً لجهوده في علم الفلك.

كريم: أحب بابا واجد

يقول الهندي كريم الذي يرافق العم صالح العجيري منذ تسع سنوات عن تلك الفترة التي قضاها معه: «بابا معروف في كل مكان.. وأنا يروح معاه أي مكان، ديوانية... قصر بيان... وبابا كل يوم نوم الساعة 9، بعدين أنا نوم، انا أحب بابا واجد».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي