No Script

غياب نظام تعليمي يشجع البحث العلمي يؤخر تحول المنطقة إلى اقتصاد المعرفة

أزمة «علم» في الدول الخليجية

u062fu0648u0644u0646u0627 u0627u0644u0639u0631u0628u064au0629 u062au0639u0627u0646u064a u0623u0632u0645u0629 u062bu0642u0627u0641u0629
دولنا العربية تعاني أزمة ثقافة
تصغير
تكبير
• افتقار للوعي الجمعي العربي لثقافة الإقبال على مواصلة البحث العلمي والتخصص فيه

• عدد الباحثين الكويتيين المتخصصين لم يتجاوز 166 على كل مليون نسمة

• مجالات البحث العلمي والتكنولوجي في العالم العربي لا تقدم حلولاً لـ«معضلات» المنطقة

• إسرائيل تقدمت على الدول العربية في مجال العلوم والابتكار بفضل سياسات إصلاح التعليم

• الكويت الأفقر بين ميزانيات دول الخليج في تطوير التعليم والبحث العلمي

• مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم في السعودية سيكلف المملكة 9 مليارات ريال

• 10 إسرائيليين حصلوا على «نوبل» 3 منهم في الكيمياء خلال الأربعين سنة الأخيرة

• «الابتدائية» هي أهم المراحل «الملحة» التي تعتني بها منظومة التعليم في إسرائيل
على الرغم مما تتمتع به دول الخليج من وفرة مالية كبيرة، وفي الوقت الذي تنفق فيه أرقاما فلكية على الاستهلاك في مجال الأمن الغذائي والتكنولوجي، نرى هذه الدول «الغنية» في مراتب دنيا في مجالات البحث العلمي والتدريب.

وقد كشفت دراسة لـ«الراي» أن هناك أزمة عميقة في قطاعات البحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا في كافة الدول العربية والخليجية، وقد أضعفت هذه الأزمة دور هذه القطاعات الحيوية في المساهمة في ايجاد حلول عجزت عن ايجادها الحكومات لمواجهة تحديات عديدة تحدق بالوطن العربي بأسره وأهمها الصحة، والطاقة المتجددة، وتغير المناخ، والأمن الغذائي والمياه.

وتمثلت الأزمة العميقة في تراجع حاد لعدد الباحثين والمبتكرين والمخترعين العرب مقارنة مع المستوى المطلوب في العالم، وفيما تراجع عدد الباحثين والعلماء العرب زاد عدد الباحثين في الدول الغربية وحتى في اسرائيل، كما تراجع دور وانتاج قطاع البحث العلمي والابتكار في الدول الخليجية والعربية ما أثر سلبا على انتقال اقتصادات هذه الدول نحو اقتصادات المعرفة.

وتبين الدراسة أن السبب الرئيس لضعف البحث العلمي في الوطن العربي يعود لعدم كفاءة وتطور أنظمة التعليم الابتدائي والعالي، اذ لم تتمكن أي دولة عربية أو خليجية تذكر بسبب ضعف آليات فاعلة واستراتيجية شاملة ومتقدمة للتعليم من التواجد «ضمن أقوى 20 نظاما تعليميا في العالم» في عام 2013.

تسجل الدول الخليجية والعربية اليوم تراجعا في عدد الباحثين في مجال البحث العلمي والابتكار حسب آخر احصائيات «اليونيسكو»، ففي الكويت على سبيل المثال بلغ عدد الباحثين الكويتيين المتخصصين نحو 166 باحثا على كل مليون نسمة، مع زيادة بنحو 24 باحثا فقط مقارنة بعام 2005، أما في السعودية فيوجد فقط حسب المصدر نفسه 41 باحثا على كل مليون نسمة، في المقابل سجلت فنلندا على سبيل المثال حسب «اليونيسكو» ارتفاع عدد الباحثين الى 7707 باحثين على كل مليون نسمة، وفي اليايان 5573 باحثا، في أميركا 4463 باحثا، وفي بريطانيا 4269 باحثا على كل مليون نسمة. وهذه الحصيلة تعكس مفارقة كبيرة بين جهود البحث في الدول الغربية والدول الخليجية.

على ضوء هذه الأرقام يبدو أن مراكز الأبحاث العربية والخليجية تفتقر لأساسيات ودعائم البحث العلمي الحديث بسبب محدودية الميزانيات الموجهة لهذا المجال. الا أن السبب الرئيسي تمثل في عدم توفر نظام تعليم أساسي يشجع على البحث والانتاج العلمي والتطوير في كافة المجالات.

ويعتبر عدد الباحثين في غالبية الدول العربية مقارنة مع نسبة المتعلمين محدودا جدا مقارنة مع الدول الغربية، ويرجح أن تطور مسار البحث في الوطن العربي والمنطقة لا يأتي نتاجا لسياسات حكومية داعمة بشكل مباشر بقدر ما هو مرتبط برغبة الأفراد في مواصلة البحث العلمي، وعلى أساس ذلك فإنه يلاحظ افتقار كبير في الوعي الجمعي العربي لثقافة الاقبال على مواصلة البحث العلمي والتخصص فيه، فعلى سبيل المثال تعتبر نسبة الأفراد الخليجيين العاملين في مراكز البحث العلمي في موطنهم في دول الخليج الست أقل من نسبة الباحثين الخليجيين العاملين في الخارج خصوصا الذين يواصلون دراساتهم العليا وتخصصصاتهم البحثية المتقدمة في مجالات التكنولوجيا والتقنيات الحديثة. ويرجح أن السبب يكمن في ثقافة داعمة للبحث وتقدير جمعي لدور الباحث في المجتمع.

وقد زادت في السنوات الأخيرة نسبة ابتعاث الطلبة الخليجيين الى الخارج ونسبة كبيرة منهم من الطلبة المتفوقين الذين يرغبون في مواصلة تعليمهم وتخصصهم البحثي في الخارج لعدم وجود آليات متقدمة ومراكز بحث متطورة يعملون فيها مثل تلك التي في أوروبا وأميركا. فالبحث يعتمد على توفير تكنولوجيات جيدة ومعارف متطورة وتأطير خاص ودعم كبير.

الكويت على سبيل المثال أسهمت من خلال مؤسسة التقدم العلمي في رفع مستوى البحث وتشجيع التطوير الا انه مايزال عدد الباحثين الكويتيين محدودا كما أن انتاج المراكز البحثية الكويتية في مختلف المجالات ضعيف مقارنة مع مستوى الانتاج العلمي للدراسات والأبحات والاكتشافات في مراكز عالمية.

محدودية إنتاج الدول العربية من الاكتشافات والابتكارات

مايزال انتاج الدول العربية من الاكتشافات والابتكارات محدودا، ووفق مؤشر نظام التطوير والابتكار والتشجيع على البحث العلمي تحتل الإمارات العربية المتحدة حسب وثيقة مؤتمر الانجاز العربي للبحوث والتطوير في اليونيسكو المرتبة الأعلى بين الدول العربية تليها قطر ثم الأردن، وبالمقارنة مع عام 1995، تظهر اثنتا عشرة دولة عربية انخفاضا في مؤشر الابتكار والبحث والتجديد العلمي، في المقابل ثلاثة من البلدان العربية يمكن اعتبارها في مجموعة الدول التي لديها مستوى عالٍ من جهود تطوير التعليم والبحث والابتكار استعدادا للانتقال لاقتصاد المعرفة.

وتجدر الإشارة إلى أن قيمة مؤشر الابتكار وتطور البحث العلمي في عدد من البلدان النامية ارتفعت منذ عام 2005 بالمقارنة مع عام 1995. فحققت الصين على سبيل المثال أعلى زيادة في هذه القيمة بنحو (1.06)، تليها تركيا (0.71) ثم ماليزيا (0.63)، بينما حققت جنوب شرق آسيا أكبر نسبة ارتفاع بسبب تحسن مستويات التعليم والبحث العلمي والتكنولوجي خصوصا في الهند وسنغافورة.

وتعتبر سنغافورة أفضل بلد حقق تجربة نجاح في مجال البحث العلمي بفضل منظومة التعليم، نتيجة لذلك حصلت جامعات سنغافورة على المرتبة الثانية في ترتيب افضل جامعات العالم وفق «وورلد توب 20» وقد تقدمت كثيرا في المراتب على مستوى التعليم في السنوات الأخيرة لقيامها بإصلاحات كبيرة في هذا المجال.

وقد بنت سنغافورة طريقة التعليم في مختلف المراحل على منهج الاقناع وليس التلقين، وهي متقدمة بذلك على دول عالمية في مستوى كفاءة الطالب العلمية في المرحلة الابتدائية ومن المرجح ان تتفوق حتى على بريطانيا في هذا المجال.

وهناك دول آسيوية أخرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية عززت استثماراتها في مؤسسات التعليم الابتدائية والمرافق التابعة لها ودعم المناهج وتسهيل طرق تلقي الطالب للدروس وذلك بهدف تأسيس الطفل حتى يتقلص خطر انحراف مساره التعليمي مستقبلا. فعلاج المشكلة التعليمية في هذه الدول يبدأ بأساس المشكلة، ولذلك فإن مخرجات التعليم فيها تتمتع بكفاءة عالية ونسبة استمرارية وقدرة على الخلق والابداع والابتكار وتفوق في مجال البحث العلمي.

دول خليجية تسعى لتطوير مجالات البحث

هذه التجارب الناجحة اقتفت أثرها دول خليجية مثل السعودية والامارات. يذكر ان الجامعات الاماراتية تقدمت في ترتيب أفضل المؤسسات التعليمية في العالم، كما أنها استحدثت برامج اصلاح المناهج التعليمية واستدعت خبرات عالية الكفاءة لوضع مقترحات لتحسين تلقي الطلبة منذ المراحل الابتدائية، وفتحت الأبواب لتنمية الفكر. وفتحت الامارات على سبيل المثال الأبواب أمام خبراء التعليم والناس العاديين لاقتراح حلول لتنمية القدرات والكفاءات العلمية.

ولعل تشريك المجتمع المدني في السعودية لنقاش المشاكل التعليمية يعد خطوة ايجابية في رفع مستوى كفاءة الطلبة، وما تميزت به السعودية في اصلاح منظومة التعليم هو تركيز منشآت ومؤسسات تعليمية لها مواصفات عالمية تغني الطالب عن السفر الى الخارج لتوفر له كل المرافق التي يحتاجها. ويعد قطاع البحث العلمي متقدما نوعا ما في السعودية وفي الامارات وفي قطر والكويت لكنه لا يرتقي الى المستوى العالمي (اليونيسكو)، هذه الدول دعمت هذا المجال من خلال تحفيز المشاريع ورفع الميزانيات المخصصة لها حسب تقارير التنمية البشرية السنوية لدول الخليج 2012.

وعلى الرغم من أن مجالات البحث والتطوير والتدريب العلمي والتكنولوجي آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء العالم العربي، فإنها لا تساهم بالضرورة في التوصل الى حلول للمعضلات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تواجه المنطقة. هذه الفجوة بين المعرفة العلمية والتكنولوجية وتطبيقها في الدول الخليجية والعربية، لغاية إيجاد حلول للمشاكل المختلفة من خلال الدراسات والبحث والابتكار، سببها عدم وجود تعاون إقليمي متعدد التخصصات بين القطاعات البحثية في القطاعين العام والخاص».

ولأجل دعم دور البحث العلمي في انتاج حلول للتحديات العربية في كل المجالات، طرحت مبادرات جديدة لتحديد وتنفيذ آليات واستراتيجيات إقليمية بهدف تعزيز مساهمة البحث العلمي في دعم سياسة التنمية الخليجية والعربية، وتسعى هذه المبادرات الى رفع مستوى التعاون في خمس أولويات للتنمية الإقليمية الأساسية التي تواجه العالم العربي، بما في ذلك الصحة، والطاقة المتجددة، وتغير المناخ، والأمن الغذائي والمياه.

وقد تم إطلاق خطة لتعزيز دور التعليم العالي، وأنشطة البحث والتطوير خصوصا في مجالات الزراعة وقطاعات الابتكار القائمة على المعرفة المستدامة حسب موقع الجامعة العالمية «ينفرسيتي وورلدز». وفي هذا الصدد جاءت مبادرة إنشاء المجلس الأعلى العربي للبحوث العلمية والتنمية التكنولوجية والابتكار لوضع مؤشرات لدعم البحث والتطوير في الوطن العربي، والمبادرة عبارة عن شبكة من الخبراء العرب، لكن هذه المبادرة تبقى مرهونة بالخطة التالية وهي إيجاد التمويل اللازم لرفع مستويات التعليم العالي والبحث العلمي.

كما أن هناك خططا تم الاعلان عنها في المنتدى العربي الأول للبحث العلمي والتنمية المستدامة، الذي تنظمه دوريا المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والمعروفة باسم «الألكسو». لكن لم يحدد جدول زمني لتحقيقها.

إسرائيل تبتكر وتخترع والعرب ينفقون على التسلح

تبين من خلال دراسة وضع البحث العلمي في المنطقة، أن أنظمة التعليم والبحث العلمي في الدول العربية والخليجية ماتزال بعيدة عن المستوى العالمي المطلوب. فميزانيات البحث العلمي في الدول العربية على الرغم من بعض الدعم الذي سجلته خصوصا في دول الخليج ما تزال محدودة ولم ترتقِ الى المعايير الدولية، في المقابل تضخمت ميزانيات التسلح في هذه الدول.

وبينما توصلت جهود البحث العلمي في اسرائيل على سبيل المثال الى تطوير تكنولوجيا الجزيئيات «النانو» تأخرت مراكز الأبحاث العلمية العربية عن اللحاق بركب الدول التي استفادت من الثورة العلمية والتكنولوجية الحالية، وبقيت غالبية الدول العربية دون استثناء في تبعية لمراكز الأبحاث والعلوم والتكنولوجيا في الخارج.

يذكر على سبيل المثال أن مراكز أبحاث اسرائيل طورت علاجات كثيرة وتوصلت في السنوات الأخيرة الى براءات اختراع متعددة في مجال الأدوية مثال علاج مرض الباركينسون «مانيتول» و«ايكسيلون» لمعالجة «الزهايمر» وآلة طبية لمساعدة العاجزين على المشي «ري وولك»، وتعد مخابر أدوية «تيفا» الاسرائيلية من أكبر الشركات المصنعة والمسوقة للدواء في العالم، الا أن الدول العربية تزايد انفاقها الصحي على اسيتراد الأدوية.

وحسب تقرير لغرفة التجارة والصناعة السعودية الأميركية فقد زادت نسبة وارادت الخليج والعرب من أميركا خصوصا على مستوى الأدوية، ولم تتوصل مراكز الأبحاث العلمية العربية الى اكتشافات كثيرة في ميدان الطب على سبيل المثال. وفيما ظهر فيروس (كورونا) أو ما يعرف بعدوى «مرس» في المنطقة وكان أول ظهور له في المملكة العربية السعودية وانتقل الى الكويت ودول خليجية أخرى، تبين أن مراكز الأبحاث الخليجية لم تتوصل الى تأطير هذه العدوى واكتشاف مضادات لها فيما بادرت مراكز أبحاث أميركية وكندية في اكتشاف علاج يقلص من خطر الاصابة بـ«كورونا».

هذا بالنسبة للأبحاث الطبية، أما بالنسبة للأبحاث التكنولوجية، فلم تظهر إسهامات عربية على مستوى الأبحاث العالمية في هذا المجال، وفيما طورت مراكز أبحاث إسرائيل تطبيقات جديدة في الكمبيوتر والهواتف مثل (USB، viber، wase،،) وأجهزة أخرى تسمح حتى بالتجسس والمراقبة على المكالمات الدولية، بقيت الاختراعات العربية محدودة جدا.

ويذكر أيضا أن أقمارا اصطناعية تصنع في اسرائيل، هذا بالاضافة الى التكنولوجيا الحربية التي تفوقت خلالها اسرائيل على كل العرب، كما تميز الاسرائيليون خصوصا في تقنية الأمن التكنولوجي للحواسيب والهواتف واختراعات في مجال التحكم في الطاقة الشمسية وتحلية المياه.

وذاع صيت اختراعات وأبحاث وادي التكنولوجيا في اسرائيل متعدد الاختصاصاصاتnew silicon valley على غرار مراكز التكنولوجيا في أميركا والهند، ولجأت اسرائيل الى زيادة تعاونها مع أوروبا في مجال البحث العلمي حيث أكد موقع الاتحاد الأوروبي أن أكبر برنامج تعاون مع اسرائيل يتركز على آليات جديدة في البحث العلمي. أما الدول العربية والخليجية فقد تبين أن أكبر مجالات التعاون بينها وبين الدول الغربية الأوروبية والأميركية ماتزال تتركز على تجارة الغذاء والنفط والسلاح وليس في مجال تطوير العلوم والبحوث (أرقام من موقع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية عن الواردات العربية من الاتحاد الأوروبي وأميركا).

مخترعون عرب من دون اختراعات

في آخر برنامج علمي على قناة MBC4 (نجوم العلوم) برز أكثر من 7000 مخترع عربي وخليجي تقدم لهذه المسابقة ما يعكس توفر المخترعين العرب لكن الاختراعات التي تم تقييمها من اللجنة لم تناهز 16 اختراعا فقط يمكن اعتباره صالحا وهذا يدل أن المواهب العربية متوافرة لكن هناك نقصا في التأطير والتشجيع مع الحاجة إلى مراكز أبحاث متخصصة بالاضافة الى الحاجة الى مزيد من تبادل الخبرات مع مراكز البحث الدولية والسعي لنقل التكنولوجيات الحديثة.

وقد مثلت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية أهم انجاز عربي وخليجي أضفى طفرة في البحث العلمي في المنطقة العربية والخليجية خصوصا في مجال البحوث الطبية ومثلت مقصدا لطلبة خليجيين وعرب في مجال البحوث العلمية والتقنية، كما طورت كل من الامارات والكويت وقطر مراكز ومؤسسات علمية وبحثية بقصد دعم التطوير، الا أن دورها ما يزال محدودا في استيعاب الطلب على المعرفة المتجددة، ما دفع آلاف الطلبة العرب والخليجيين على سبيل المثال الى التسجيل في دورة عن بعد في جامعة اسرائيلية لدراسة تكنولوجيا النانو في الطب وذلك لعدم توافر هذه الدراسات في الدول العربية.

ويرجح أن هناك أزمة حقيقية في مدى استجابة الدول الخليجية والعربية لتطلعات الباحثين العرب الذين يفضل الكثير منهم الالتحاق بمراكز بحث غربية وليس عربية. يذكر أن باحثين مثل الاماراتي عبد الله الشيحي من دولة الإمارات العربية المتحدة توصل في مجال التكنولوجيا البيئية الى تسجيل براءات اختراع ليساعد على توفير المياه النظيفة في المناطق الصحراوية في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم. وهذا الاختراع كان توصل اليه في مركز أبحاث في بريطانيا.

وفي الكويت على سبيل المثال حصل عضو هيئة التدريس بجامعة الكويت الدكتور بدر العنزي على شهادتي براءة اختراع من الولايات المتحدة الأميركية لاختراعين يتعلقان بأجهزة وتقنيات لمعالجة المياه الملوثة، وتركزت الأبحاث في الخليج على تقنيات معالجة وتصريف المياه والطاقات المتجددة مثل الكهرباء. وذكر منتدى العرب العلمي أن البنية التحيتة للتكنولوجيا المعتمدة في البحوث في قطاعي الطب والتكنولوجيات الحديثة ماتزال ضعيفة في الدول الخليجية والعربية.

إنفاق خليجي وعربي متواضع على البحث العلمي والتطوير

يبلغ معدل الانفاق العالمي على البحث العلمي وتطوير التعليم في الدول المتقدمة حسب تقارير البنك الدولي بين 2 الى 3 في المئة من ميزانيات الدول. وتعد ميزانية البحث العلمي في أميركا 2.6 في المئة من الدخل القومي وفي الهند 0.9 في المئة وتتراوح في كوريا وماليزيا وسنغافورة بين 5.2 في المئة و3 في المئة.

الكويت على سبيل المثال تبدو ميزانيتها للانفاق على تطوير التعليم والبحث العلمي الأفقر بين ميزانيات دول الخليج الأخرى وحتى مقارنة مع دول اقليمية مثل ايران وتركيا. اذ تبلغ نسبة الانفاق على البحث العلمي في الكويت بين 0.11 الى 0.15 في المئة من اجمالي الناتج القومي الكويتي حسب بيانات البنك الدولي بين 2009 الى 2011، بينما بلغ انفاق قطر على البحث العلمي وتطوير المعاهد والجامعات البحثية وفي مجال العلوم نحو 2.8 في المئة من الناتج القطري القومي، وسجلت نسبة الانفاق على البحث العلمي في الامارات بدورها ارتفاعا بين 0.6 الى 1 في المئة لتطوير الجامعات الحكومية وتعزيز مراكز ومعاهد البحث العلمي التي تهدف الى تعزيز كفاءة الخريجيين، اما في السعودية فإن نسبة الانفاق على البحث العلمي في نمو مستمر بعد إرساء المدينة الجامعية العالمية للملك عبد الله بن عبد العزيز في 2006، وقد زاد الانفاق السعودي على تطوير مجال البحث العلمي الى 0.25 في المئة من اجمالي ناتجها القومي ومرشح للزيادة في ظل الميزانية الجديدة.

وحسب موقع وزارة التعليم السعودية وضعت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط، هدفا محوريا يدعم التعاون بين الجامعة والجامعات العالمية العريقة ومراكز الأبحاث. وقد عمت المشاريع الجامعية مناطق السعودية بأكملها بالاضافة الى وجود 649 جهة بحثية في المملكة. ففي مجال التعليم العام سيستمر العمل في تنفيذ مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم وسيبلغ حجم التطوير 9 مليارات ريال وستتكفل شركة لتطوير التعليم تدعى «تطوير التعليم القابضة» لاقامة المشاريع المناسبة لتحسين واصلاح منظومة التعليم ومؤسساته.

وتعكف الهيئة الوطنية للبحث العلمي في دولة الإمارات على إعداد استراتيجية لتطوير البحثِ العلمي في مختلف مجالات العلوم الطبية والشؤون الصحية، ووفقا للتقرير الذي نشرته صحيفة «فانكوفر صن» الكندية، فإن حجم الإنفاق القطري على التعليم والبحث العلمي والقطاعات البحثية المختلفة بلغ 3.5 مليار دولار في الوقت الحالي.

إسرائيل تدعم العلوم والأبحاث لتضمن تفوقها على العرب

تمثل سبب تطور التعليم في اسرائيل في نمو حجم الانفاق على البحث العلمي في المدارس والجامعات وقطاعات التربية ودعم مؤسسات البحث المستقلة، وبلغ حجم هذا الانفاق نحو 4.2 في المئة من اجمالي ناتجها القومي حسب احصائيات البنك الدولي. وتنفق اسرائيل بسخاء على انشاء معاهد بحثية وجامعات مرتبطة بأفضل الجامعات في العالم. وحسب موقع الفيزيائيين العالمي «فيز» فقد «حاز 10 اسرائيليين في الأربعين سنة الأخيرة على جائزة نوبل بينهم ثلاثة في الكيمياء وكانوا من خريجي الجامعة التكنولوجية المرموقة في مدينة حيفا الشمالية، والتي قدمت مخرجات تعليمية تمثلت في أكثر من 70 في المئة من المهندسين في اسرائيل كما وفرت 80 في المئة من المديرين التنفيذيين للشركات الإسرائيلية المدرجة في بورصة ناسداك».

ولدى اسرائيل أفضل الجامعات تصنيفا في العالم وخصوصا في قطاع التكنولوجيا والعلوم والفيزياء، كما توظف حسب تقرير لـ«هاارتز» أفضل المدرسين والأساتذة من حيث المهارة وليس من حيث الخبرة، كما تعتمد أيضا برامج تعليمية مطابقة لأعلى المواصفات العالمية. وأهم المراحل التي تعتني بها منظومة التعليم في إسرائيل هي المرحلة الابتدائية والتي تصفها بالملحة والتي تستدعي رعاية خاصة للأطفال في المراحل الأولى لتعليمهم.

فالمرحلة الابتدائية وتكوين الطفل هي أساس نجاح مسيرة الطالب العلمية حسب منظومة التعليم في بريطانيا حسب «تيلغراف» ويعد التحفيز على القراءة منذ مراحل التعليم الأولى للطفل أهم أساس لترغيب الطالب في المثابرة في الدراسة والبحث.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي