No Script

بروفايل / السجن لم يعرقل مسيرة نجاحه

توباك شاكور... المغني المتمرد الذي ترك مقتله لغزاً غامضاً

تصغير
تكبير
• شركات الانتاج استغلت شهرته الساحقة فتناولت أفلاماً عن حياته

• والدته قضت فترة في السجن بتهمة تفجير حين كانت حاملاً به
حفل الزمان الجميل بابدعات عمالقة الفن والغناء في عالمنا العربي الى جانب نجوم العالم الغربي فقدموا الكثير خلال مسيرتهم التي كانت في بعض الأحيان مليئة بالمطبات والعثرات. منهم من رحل عن هذه الدنيا مخلفاً وراءه فنّه فقط، وآخرون ما زالوا ينبضون عطاء الى يومنا الحالي.

البعض من جيل اليوم نسي ابداعات هؤلاء العمالقة وتجاهلوا مسيرة حافلة من أعمال تركتها بصمة قوية، وفي المقابل يستذكر آخرون عطاءات نجوم الأمس من خلال الاستمتاع بأعمالهم الغنائية أو التمثيلية، وقراءة كل ما يخصّ حياتهم الفنية أو الشخصية.


وفي زاوية «بروفايل» نبحر في بحار هؤلاء النجوم ونتوقف معهم ابتداء من بداياتهم الى آخر مرحلة وصلوا اليها، متدرجين في أهم ما قدّموه من أعمال مازالت راسخة في مسيرة الفن... وفي بروفايل اليوم نستذكر أهم محطات الفنان الراحل توباك شاكور:

ولد ليسان باريش كروكس وهو الاسم الحقيقي للممثل ومغني الراب الراحل توباك امارو شاكور في 16 يونيو 1971 في ولاية نيويورك، والدته أفيني شاكور المنتمية لجماعة «بلاك بانثر»، قضت فترة في السجن بتهمة تفجير حينما كانت حاملاً بتوباك، وواجهت حكماً بالسجن، لكن تم الافراج عنها قبل موعد ولادتها بشهر. كما أن والدته ووالده كانا ينتميان إلى «حزب الفهد الأسود»، وهو الحزب الذي أسهم أسلوبه الكفاحي وأيديولوجياته الاستفزازية المتعلّـــــقة بالحقوق المدنية في التأثير لاحقاً على اعماله الموسيقية والغنائية.

لم يعرف توباك والده الطبيعي او مكانه، إذ إن والدته كانت متزوجة من «ميتولو» وهو تاجر مخدّرات، وضمن قائمة أكثر 100 متهم مطلوب القبض عليهم في قوائم المباحث الفيدرالية.

طفولته لم تكن مترفة بل اتسمت بالفقر، إذ أنه تنقّل مع والدته وأخته «سيكيوا» - النصف شقيقة - وعاشوا في ملاجئ للمتشردين وأماكن عديدة في مدينة نيويورك، لكن هذه الظروف جعلته يكوّن بعض الصداقات مع إلهاء نفسه بكتابة القصائد بالاضافة إلى يومياته.

في سن الثانية عشرة التحق بجماعة مسرحية في «هارلم»، وجسّد معهم شخصية «ترافيس» في مسرحية «A Raisin in the Sun»، ومع حلول عام 1984 أخذته والدته مع أخته للعيش في «بالتيمور» الواقعة في ولاية «ماريلاند»، فعاش هناك في حي «رولاند بارك» السيء السمعة، حيث كان توباك يتعرّض للازدراء بسبب مظهره واسمه وافقتار ملابسه لموضة الثمانينات. لكن رغم هذا كلّه كوّن صداقات والتحق بمدرسة «رونلاد بارك الاعدادية»، وخلال الأعوام التالية أمضى وقته بالدراسة في ثانوية «بول لورانس دانبار»، وفي السنة الثانية من دراسته في تلك الثانوية تم قبوله في مدرسة «بالتيمور للفنون»، ولأول مرّة في حياته أحب توباك حضور الحلقات الدراسية، وكانت لديه الفرصة لدراسة المسرح والباليه والفنون الأخرى، اضافة إلى محاولته تقديم اول أغنية «راب» حملت عنوان «MC NewYork».

بعد مرور عامين عانت والدته من الصعوبة في ايجاد عمل لها، حينها افترض توباك بان السبب يعود لاربتاطها مع «بلاك بانثرز»، مما دفعهم للانتقال من جديد لتقيم مع صديق للأسرة في «مارين سيتي» في «كاليفورنيا». وهناك سرعان ما أقام توباك مع صديق له وبدأ في بيع المخدّرات في الشوراع، وبنفس الوقت كوّن صداقات ساعدته على اظهار مدى اهتمامه بموسيقى الـ«راب». ومن هذه الصداقات كانت مع «راي لاف» و«دي جي دايز»، إذ شكل الثلاثة فرقة «Strictly Dope» وأطلقوا على تسجيلاتهم اسم «Tupac Shakur: the Lost Taped» تم نشرها لاحقاً في عام 2001.

الانطلاقة الفنّية

حصل توباك على فرصة لاختبار أداء موسيقي مع فرقة «Shock G of Digital Underground «، ليبدأ معها مشواره في عام 1990 كراقص معاون للفرقة. لكنه لم يقتنع بذلك فتركها بعد مرور أشهر محاولاً الاستمرار وحيداً في مسيرته مطلقاً أول أغنية له بعنوان «Digital Underground».

وفي العام 1991 أطلق أول ألبوم غنائي منفرد له بعنوان «2paccalypse». ومنذ ذلك الحين بدأت مسيرته الغنائية فعلياً بالنمو والازدهار، ولم يمض وقت طويل حتى أصدر ألبومه الغنائي الثاني عام 1993 الذي حمل عنوان «Strictly 4 My N.IG.G.A.Z»، وتم تصنيف اثنتين من أغاني ذلك الألبوم في قائمة أفضل «20 أغنية بوب» هما «I Get Around» و «Keep Ya Head Up».

معارك قانونية

بدأت معارك توباك القانونية بعد ان دشّن مسيرته في مجال موسيقى «الراب»، ففي أوائل التسعينيات واجه تهمة التورّط في جريمة قتل لكنه جرى التوصّل إلى تسوية ودّية حيال تلك التهمة خارج أروقة المحكمة. بالاضافة إلى ذلك واجه توباك اتهاماً أخر بالاعتداء على رجال شرطة، لكن تم اسقاط الاتهام لاحقاً.

وفي العام 1995 حكم عليه بالسجن لمدة تراوحت بين سنة ونصف وأربع سنوات، لكن حتى السجن لم يعرقل مسيرة نجاحه، إذ أن احدث ألبوم صدر له آنذاك احتلّ المركز الاول في قوائم موسيقى «البوب»، وهو الألبوم الذي حمل عنوان «Me Against The World»، وبهذا أصبح توباك أول فنان يحتل المركز الاول، بينما هو قابع في السجن لقضاء عقوبته.

وسعياً إلى تحقيق أكبر استفادة ممكنة من وقته خلال فترة وجوده في السجن، أصبح توباك قارئاً شغوفاً بالكتب والأعمال الأدبية. ومن بين قراءاته المفضلّة كانت اعمال الكاتب الايطالي «Niccolo Machiavelli»، الذي كان ينتمي إلى عصر النهضة، وكانت أعماله بمثابة الأساس الذي قامت عليه العلوم السياسية الغربية.

بعد ان قضى ثمانية أشهر فقط من مدّة عقوبته في السجن، تم اطلاق سراح توباك بشرط الخضوع للمراقبة. وكان الفضل في ذلك كفالته المالية التي بلغت قيمتها 1،4 مليون دولار دفعها آنذاك «Suge Knight» الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة «Death ROW Records» وهي الشركة التي أبرم توباك معها عقداً بمجرد خروجه من السجن.

وخلال فترة تعاقده مع تلك الشركة أصدر توباك ثلاثة ألبومات غنائية كان اولها عام 1996 بعنوان «All Eyes on Me»، بينما صدر الثاني بعنوان»Do You Want It»، اما الثالث فحمل عنوان «California».

مواهب متعددة

صحيح أن توباك اشتهر أساساً كمغني راب، لكنه كان أيضاً موهوباً في مجالات أخرى حيث كان ممثلاً وشاعراً ومثقفاً إلى جانب كونه نصيراً قوياً للفقراء والمهمّشين في أميركا.

وخلال حياته أنتج توباك حصيلة هائلة من الأعمال الفنّية، وهي الحصيلة التي اشتملت على ألبومات غنائية وأفلام سينمائية إلى جانب أعمال أدبية تم نشرها في كتب.

لكنه كان اكثر تنوّعاً وانتشاراً في مجال صناعة الموسيقى والغناء، إذ بيع له أكثر من 75 مليون ألبوم. وتميّزت كلمات اغانيه بكونها لاذعة وصريحة في تسليطها للضوء على الواقع، وهو الامر الذي جعلها تلامس وتعكس الحياة الصعبة للكثيرين.

وقد اكتسبت أعماله اهتماماً واحتراماً كبيرين بفضل أسلوبها الشعري الذي اعتنق مفردات رجل الشارع العادي، لكنه تميّز بكونه أسلوباً إبداعياً، وحتى الآن ما زال كثيرون يعتبرون توباك واحداً من أهم من أثروا في فن الـ«هيب هوب» المعاصر.

تكريم

مسيرة توباك الفنّية شهدت ترشيحه ست مرّات للفوز بجوائز «Grammy» بالاضافة إلى ترشيحه ثلاث مرّات للفوز بجوائز «M T V» لموسيقى الفيديو كليب. وفي العام 1997 تم تكريم توباك من جانب مؤسسة جوائز الموسيقى الاميركية وذلك باعتباره فنان الـ «Hip HOP» المفضّل.

مشاركاته السينمائية

كانت له مشاركات سينمائية هي «Juice، «Nothing But Trouble»، «Poetic Justice»، «Above the Rim»، «Bullet»، «Gridlock'd»، «Gang Related»، «Live 2 Tell.

كما استغلت بعض شركات الانتاج شهرته الساحقة وكثرة محبّيه ومعجبيه حول العالم حتى يومنا هذا، فتناولت افلاماً عديدة تروي قصّة حياته بعد وفاته أشهرها «Biggie & Tupac « الذي أنتج في العام 2002، وكذلك «Tupac: Resurrection « الذي تم انتاجه في العام 2003، وأيضاً «Live 2 Tell » الذي أنتج في العام 2006.

الحياة الشخصية

بدأ توباك بمواعدة جادا بينكت كما تعرف على أماندا روشنغ، ثم ارتبط بعدها مع «Kidada Jones»، لكنه تزوج من «Keisha Morris» بتاريخ 29 أبريل من العام 1995، لكنه أبطل ذلك الزواج في حلول العام 1996.

موته

فارق توباك الحياة في 13 سبتمر من العام 1996 بعد أن تعرّض إلى إطلاق النار بتاريخ 7 من الشهر نفسه عندما كان برفقة شوغ نايت، بينما كان متوقّفاً بسيارته عند إحدى الاشارات الحمراء، حين توقفت بجواره سيارة فيها خمسة أفراد وبدأ الجالس على المقعد الخلفي من جهته بإطلاق النار بشكل مكثف. فاخترقت واحدة كتف توباك، وأخرى فخذه، وثالثة الحوض ورابعة اخترقت صدره وأصابت رئته اليسرى - وقد تم استئصالها لاحقاً - لتلوذ السيارة بالفرار، ولم يعرف حتى اليوم من هو قاتله.

وعلى الرغم من انه بقي على قيد الحياة لبعض الوقت بعد العملية الجراحية التي اجريت له عقب ذلك الحادث، فإنه فارق الحياة بعد نحو أسابيع من الصراع.

والغريب في الأمر انه لم تقم له أي مراسم دفن أو عزاء على الرغم من شهرته في ذلك الوقت، إذ بعد وفاته تم حرق جثته وخلط بعض من رماده مع «الماريجوانا» ليدخنها أفراد فرقته الموسيقية.

والاغرب في الامر هي الأغنية التي اصدرت بعد سبعة أشهر من وفاته بعنوان « Life Goes On »، والتي تحدث فيها عن موته وجنازته.

وحتى الآن مال زال تأثير توباك موجوداً على نطاق واسع، فقد أضيفت أغنيته «Dear Mama» إلى السجل الوطني التابع لمكتبة الكونغرس. وعلاوة على ذلك فإن تأثيره ما زال ممتداً إلى جيل الفنانين الشباب المعاصرين من بينهم «Eminem» الفائز بـ 11 جائزة «غرامي»، إذ قال في أحد لقاءاته التلفزيونية عن توباك «لقد كان توباك يجعلك تشعر بأنك تعرفه شخصياً، وبكل صدق. انا أعتقد أن توباك كان أعظم مؤلف أغان على الاطلاق. فقد كان يجعل كلمات أغانيه سهلة سلسة، تنطوي على كل عناصر الوجدان والمشاعر وكل شيء مما كان يحاول أن يعبّر عنه. كانت كل واحدة من أغانيه بمثابة صورة يحاول ان يرسمها بالكلمات».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي