No Script

من روائع العمارة الإسلامية

«البراجيل» ... علامة مميزة للعمارة الخليجية

u0627u0644u0628u0631u0627u062cu064au0644... u0628u0646u0627u0621 u0645u0631u062au0641u0639 u064au0628u0646u0649 u0639u0644u0649 u0633u0637u0648u062d u0627u0644u0628u064au0648u062a u0627u0644u0642u062fu064au0645u0629
البراجيل... بناء مرتفع يبنى على سطوح البيوت القديمة
تصغير
تكبير
| جاد الله فرحات * |

ان المساكن، كما هي الحال في بلدان الخليج كافة، بحاجة الى التبريد بسبب المناخ القاسي ودرجات الحرارة المرتفعة، ولذا انتشرت «البراجيل» في الامارات والبحرين وقطر والكويت، والى حد ما في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.

«البراجيل» اذاً عبارة عن بناء مرتفع، مربع الشكل يبنى على سطوح الغرف الرئيسية في البيوت القديمة، أو فوق بيوت «العرشان»، يشبه أبراج الأجراس الايطالية، وينشأ بين زواياه الأربعة جداران متقاطعة يقسمان الفراغ الى أربع فتحات مثلثة، ما يسمح بالتقاط الهواء من جميع الجهات، وخاصة ما يهب على هذه السطوح، اذ يمر عبر منافذ «البراجيل» الى الداخل بينما يرتفع الهواء الساخن الى الأعلى. ومع اشتداد حركة الهواء تجري عملية التبريد في الغرفة الخاصة حين تكون فيها الرطوبة مرتفعة، فتتم عندئذ عملية التهوية بغض النظر عن اتجاه الريح، لان «البراجيل» تعمل على نفث الهواء الى داخل الغرف بطريقة بطيئة لتمنحها البرودة على مدار أشهر الصيف. الا ان ايقاع الحياة السريع جعل البيوت الاماراتية الحديثة تتخلى عن هذه الوسيلة التقليدية البطيئة في التبريد، وتلجأ الى المكيفات الصناعية السريعة.

في الواقع ليست «البراجيل» اختراعا اماراتيا، فقد استخدمت حين كان يطلق عليها «مسرب الريح» منذ عصر الفراعنة مرورا بالعهد العباسي. وعرفت في بلاد الشام والمغرب ومصر بـ«المشربية». وهي تبنى في ايران من الاسمنت بعكس الامارات حيث تشيد من مواد البناء القديمة. وفي العهود الغابرة، كانت تصنع من الأقمشة والأكياس وتغطى أسطحها بالأخشاب، والسعف أحيانا في المناطق الساحلية.

ولو عدنا الى التاريخ، لوجدنا ان معظم «البراجيل» في الامارات بنيت بشكل واسع عام 1903، وهذا التاريخ يشير الى وصول التجار من القواسم وبني ياس الى المنطقة. ثم توافد الصناع والتجار الى دبي واستقروا في مناطق الفهيدي والبستكية والشندغة وضفاف الخور... التي ما زالت تبرز فوق بيوتها «البراجيل».

ويشير المؤرخون الى ان «البراجيل» القديمة كانت تزين بنقوش وزخارف جبسية متنوعة ما يؤكد وظيفتها الجمالية في البيت الاماراتي. ولكن، على الرغم من تباين أشكالها، فان آلية عملها ظلت واحدة، اذ يوجد في «البرجيل» الواحد أربع فتحات نحو اتجاهات الريح الأربعة من أجل مهمة واحدة هي جلب الهواء الساخن وتبريده وادخاله الى الغرف.

واليوم غدت «البراجيل» رمزا للبناء التراثي القديم في دولة الامارات. وهي لا تختلف عن أي جزء من بناء البيت مثل الباب والحائط والسقف والشباك، لكنها عناصر جمالية بالاضافة الى وظائفها العملية، ولقد استخدمت بشكل واسع في تشييد مدينة الجميرا الحديثة في دبي... ولو على الطراز القديم.

ان «البراجيل» علامة لقوة البيت ومزاياه الغنية، اذ هناك بعض المساكن تحتوي على اثنتين منها أو أكثر تبعا لسعة المنزل وثراء مالكه. ولا تزال هذه «البراجيل» قائمة حتى الآن في كل من دبي والشارقة، تجمع القديم والحديث. وكل هذه الابتكارات من «البراجيل» و«الملاقف الهوائية» - وهي تجاويف متداخلة تسمح للهواء بالمرور في انحاء البيت - وغيرها، جاءت من خلال الخبرات المتراكمة لسكان المنطقة ومدى تفاعلهم وحوارهم مع الطبيعة. الا ان كثيرين يخشون اليوم، وسط التطور العمراني الفائق، ان تختفي «البراجيل»، رمز دبي المعماري الخالد، فهي تمثل معلما معماريا مميزا يسر الناظر، ويثير اعجابه بعقول الأسلاف الذين أبدعوا مستلزماتهم من الأشياء البسيطة من دون الحاجة الى الآخرين.



* مهندس استشاري بوزارة الأوقاف
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي