No Script

يوسف بدر العصيمي / لن أكتب!

تصغير
تكبير
أحد الأحبة قال ناصحاً لا تكتب عن البدون ومشاكِلهم فيُنظر لك بأنك «مبرمج على هذه القضية ولاتمتلك سواها»، ولا تكتب عن النواب وادائهم فتوصف رغم أنفك «انبطاحي وانشلاخي وأنسداحي»، ولا تنتقد أداء الحكومة ووزراءها وموظفيها ومديري إداراتها وحتى فراش مدير حكومي فتصبح بين عصريةٍ وعشاها «معارضاً»، ولا تكتب مقالة وتذكر فيها علي بن أبي طالب فتصبح شيعياً، ولا تكتب مقالة وتستشهد بقولٍ لعمر فتصبح سلفياً، ولا تكتب عن الاختلاف في المفاهيم لدى المذاهب فتكون طائفياً. حسناً... ناصحي العزيز، سأكتب فقط عن هواية جمع ريش الدجاج وفوائدها في الترويح عن المواطن، ولن أعبر عن رأيي أو أطرح المشاكل التي يعايشها المجتمع بواقعية كما أراها وللقارئ الحق في قبولها أو ردها، وسأزيدك بأنني لن أكتب عن تناهش السلطتين على اختصاصات بعضهما بينما الدستور حث على الفصل بين السلطات مع تعاونها، ولن أكتب عن تدخل النواب ومحاولاتهم في ارضاخ صاحب القرار في إبعاد أي وافد بينما هو حق مطلق للسلطة التنفيذية، ولن أكتب عن موجة الغضب المجلجلة لفرض قرار الإبعاد على شخص وما زال القضاء ينظر في قضاياه بينما القضاء قال كلمته في النهاية وأعلن براءته، ولن أكتب عن المواطن الفاسد الذي قام بملء جيب التاجر الذي أدخل للبلاد اللحوم الفاسدة وهو لا يعلم والمواطن على علم مسبق بهذه اللحوم، وأغتنم هذه الفرصة وأتقدم بجزيل الشكر إلى الجهات المعنية بهذا الأمر لأنها لم تقم بنشر أسماء المواطنين الفاسدين الذين قاموا بشراء وأكل هذه اللحوم هم وعوائلهم «ربنا أمر بالستر»، ولن أكتب عمن استؤمن على إيجاد حل لفئة كَثُرَ دائنوها وقل ناصرهم، بينما من استؤمن مواقفه معلنة في ندوته في عام 2008 واقترحت عليه الاستعانة بمن حضر تلك الندوة لأنه لا فرق بينهم في ارائهم وتوجهاتهم، ولن أكتب عن قرار إلغاء نظام الكفيل بينما صرح الوزير بأنه إلى الآن لم يجد آلية بديلة، فقط سيلغى، ولن أكتب عن أبراج دبي وصروح الدوحة وتألق جدة وتنمية المنامة، بينما بوادر تنميتنا إلى الآن تتلخص في كشط الطبقة الأولى من الأسفلت وصبه مرة أخرى على القواعد القديمة المهترئة، وإزالة أحجار كربستون الرصف واستبدالها بالقرميد الأحمر والأصفر، ولن أكتب عن السيارة المتنقلة التي تعتبر «حكومة مول» يطلبها الفرد أينما شاء وقت ما يشاء لإنجاز معاملاته وتخليصها في إمارة دبي بينما ما زلنا ننتظر 21 يوما فقط لنحصل على ورقة، ولن أكتب عن فريق الإزالة وعدائه الشديد للأشجار وقلعها، بينما نعاني 10 أشهر في العام من مناخ التصحر والتعرية المناخية ولا منجي لنا سوى زراعة الأشجار لصد هذه الظاهرة المناخية، ولن أكتب عمن أمر كل مخمس بالتبرع بثلث سهم الإمام المهدي عليه السلام لضحايا فيضانات باكستان، بينما مرت أعياد على أطفال لم يجتمعوا بآبائهم المسجونين بسبب المديونيات وأحكام إلقاء القبض، وبين ظهرانينا أناس أموات على هيئة أحياء تطوي الحاجة جلهم وتأنف نفوسهم إلا أن تظهر بلباس المستغني عن الخلق، ولن أكتب عن طلبات الإسكان المتراكمة والتي تتزايد كل عام، ولا عن غلاء الأسعار والاحتكار التجاري، ولا عن الإعلام الفاسد، ولا عن تقسيم فئات الشعب بين طرثوث ولفو وشيعي وسني وحضري وقبلي ومؤسس ومتجنس ومرتزق وخائن، ولا عن قضمنا للعقد الأول من الألفية الثالثة وما زال هناك من يولد ولا يقيد في قواعد بيانات الدولة لأن جد أبيه دخل البلاد بصورة غير قانونية قبل عام 1960.

إن كان كل ما كتبت أعلاه غير موجودٍ على أرض واقعنا وكنت متجنياً به فما أنا إلا مفسدٌ مدعي الشرف... أأمر الناس بالبِّر وأنسى نفسي، ويلي كيف أحكم، هل ران على قلبي أم قلوبكم أم قلوبهم. ناصحي... أأزيدك أم اكتفيت؟



يوسف بدر العصيمي

y-alosaimee@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي