الآن وبعد أن أصبح أوباما رئيساً لأميركا أكد في أول خطاب له كرئيس انه يسعى إلى علاقة جديدة في المستقبل مع العالم الإسلامي مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وقال أمام الملايين المحتشدة في حفل تنصيبه رئيساً: «اعلموا أن أميركا هي صديقة لكل بلد ورجل وامرأة وولد ممن يسعون إلى مستقبل يعمه السلام والكرامة» هذه الكلمات تحمل معاني إنسانية راقية تجسد عمق احترام البشر والحفاظ على كراماتهم وأرواحهم، وتؤكد تجنب ما يهينهم كله وينقص من قدرهم ويمس حرياتهم، لكن التحدي ترجمة هذه الكلمات إلى أفعال.
لقد كانت السياسة الأميركية في عهد الحزب «الجمهوري» وبقيادة الرئيس بوش الابن مشحونة بالكثير من الأزمات مع العالم، وبداية هذه الأزمات كانت ردود الفعل الأميركية على تفجيرات أبراج التجارة الدولي في نيويورك، والتي أدت إلى موت أكثر من خمسة آلاف إنسان هم ضحايا لعدوان اجرامي سعت أميركا إلى ملاحقة الإرهابيين وقتلهم في أفغانستان وباكستان وأماكن أخرى. لكن السياسة الأميركية في عهد بوش ظلت دائمة التوتر مع العديد من الدول في أميركا اللاتينية، وجنوب شرق آسيا، والشرق الأوسط، والصين وروسيا وغيرها رغم المحاولات الأميركية مع الدول الأخرى للتوصل إلى حلول للخلافات والأزمات.
المهم في هذا كله، ان أميركا لم تقتصر أزماتها على أنماط علاقاتها مع الخارج وإنما أيضاً حاربت الإرهاب بشكل عشوائي من دون تفريق بين المذنب والبريء، فلقد اختلط الحابل بالنابل لديها لدرجة انه ما إن تسمع أميركا عن إرهابي هنا أو هناك إلا وسعت بثقلها كله للنيل منه أو الامساك به من دون التأكد من براءة من ألصقت به صفة الإرهاب. ونتيجة لذلك اتهم الكثيرون بالإرهاب، بينما هم أبرياء لا ذنب لهم في الحوادث المرتكبة.
غوانتانامو سجن خاص خارج أميركا أشبه بجزيرة منعزلة لا يصلها أحد خصصت كمكان مناسب لسجن كل من يعتقد أنه إرهابي من دون محاكمة أو تهمة مؤكدة. ففي هذا السجن عشرات أو ربما مئات المسجونين من دول عدة ومنها الكويت التي طالبت مرارا بوش وحكومته بتسليم مواطنيها لها لمحاكمتهم إذا كانت هناك تهمة أو فعل مشين. لكن وحتى الآن لم نسمع أن هؤلاء سيطلق سراحهم ويخرجون من السجن الذي يعتبره العالم مهانة ونقطة سوداء في الديموقراطية الأميركية التي تنادي دائماً بحقوق الإنسان وصون كرامته.
الأمل كبير في أن تعالج مشكلة المسجونين ويفرج عنهم بعد أن اتخذ أوباما أول اجراء حكيم بعد يوم من توليه سلطة الحكم بوقف اجراءات محاكمة المسجونين لمدة أربعة أشهر. إن الديموقراطية تتعارض مع سجن الناس من دون محاكمة، وتعذيبهم من دون ذنب، والتعمد في إيذائهم. ولا شك أن سرعة الافراج عن المسجونين الكويتيين واعادتهم إلى أهلهم وذويهم تصب في مصلحة العلاقة بين الكويت وأميركا خصوصا أن أميركا تعتبر الكويت دولة حليفة وصديقة لها ترتبط معها بعلاقات وثيقة على المستويات كافة.
د. يعقوب أحمد الشراح
كاتب كويتي
[email protected]