قضية تؤرق فنانينا مع علامة استفهام كبيرة
الدراما اللبنانية غائبة عن المنافسة العربية ... لكنها حاضرة بتكثيف تجاربها المحلية
1 يناير 1970
01:25 م
|بيروت - من محمد حسن حجازي|
الدراما اللبنانية إلى أين؟ سؤال يُطرح في كل وقت، ولماذا تظل هذه الدراما مضرباً يحمي بعض الذين لا يستطيعون تقديم خدمة جيدة لها، او مكسر عصا لكثيرين يتطاولون عليها لاحباط اصحابها ومنعهم من محاولة الرد، او الانطلاق إلى اي آفاق تعيدنا إلى ماضينا الرائع ايام كانت محطة القناة 11 في تلفزيون لبنان تؤمن للعالم العربي في الستينات والسبعينات باقة من اروع وأهم المسلسلات التلفزيونية التي استطاعت يوماً ان تجعل من هذه الدراما على كل شفة ولسان.
هل ندرك ما الذي زرعه الكبار من النجوم طوال سنوات وسنوات؟ وهل عندنا من الوفاء لأن نقول لهؤلاء كم كانوا كباراً وقادرين ايام عازف الليل، وحياتي وثنائي عبد المجيد مجذوب مع الراحلة هند أبي اللمع وزوجها المخرج المرحوم انطوان ريمي؟ بل اين عز عليا وعصام مع محمود سعيد وفدوى عبيد؟ واين ثنائية محمد جمال وآمال عفيش، او احسان صادق وسميرة بارودي؟ واين كل الاعمال التي قادها جان فياض وباسم نصر؟ بل أين نصوص الراحل وجيه رضوان، انور ناصر، احمد العشي، وصولاً إلى كل الاسماء التي وقعت على مسلسلات وأعمال لا تموت ولا تفنى؟
ننظر إلى الوراء فنرى كل ما يخطر في البال من نجاح. وعندما نتطلع إلى حاضرنا نطرح السؤال: لماذا تغيب اعمالنا عن الفضائيات العربية؟ ولماذا يغيب مسلسلنا اللبناني ويحضر نجومنا فقط في مسلسلات مصرية وسورية وحتى مغاربية وخليجية؟
أليست مفارقة هذه؟ الممثل حاضر، المسلسل لا وجود له. من يتحمل المسؤولية عن حضور نور (ماريان ابي حبيب) بطلة في مسلسلات وأفلام وكذلك مايا نصري، نيكول سابا، وحالياً كارمن لبس وفادي ابراهيم، مجدي مشموشي وخالد السيد، في اعمال مصرية ولا نرى المسلسل اللبناني الذي يصورونه معاً واصلاً إلى كل البيوت العربية؟
ألف لماذا تطرح في هذا الاطار وقد سمعنا كلاماً منسوباً إلى المخرج نجدت اسماعيل انزور يقول فيه ان عندنا مناخاً فنياً رائعاً، وروحاً متميزة في الفنانين وفي أهل البلد، وحتى في الطبيعة التي تحيط بنا، وأنه لن يكتفي بالفيلم الذي صوّره (عن المقاومة، مع عمار شلق) بل هناك عدة مشاريع ينوي انجازها واطلاقها من بيروت.
وبهذا الصدد أجرت «الراي» لقاءات مع عدد من أهل الفن وكانت البداية مع الكاتبة منى طايع كاتبة حلقات «عصر الحريم»، فكان ردها بسيطاً ومباشراً:
- لبنان لن يستجدي احداً لشراء وعرض اعماله. نحن عندنا اعمال غاية في الرقي والمستوى، الاخراج والنص والتمثيل وحتى كل المسائل التقنية حاضرة ومميزة.
- هناك كوتا. هناك جماعات ضغط، تقول خذوا اعمالاً من هناك ولا تأخذوا من هنا.
• وهل تطول الحال هكذا؟
- برأيي علينا الا نتعامل مع الموضوع على انه كوارثي. ان اعمالنا تعرض على شاشاتنا وفضائياتنا اللبنانية وتكون ردة الفعل عليها رائعة، من الجمهور العربي الذي عليه ان يسأل هذا السؤال لماذا لا تعرض هذه الاعمال اللبنانية عندنا، على شاشاتنا، وهي ان لم تكن مثل الكثير من المسلسلات التي نتابعها فهي من دون شك افضل.
• ما الذي تتوقعينه لاحقاً؟
- ان يصح الصحيح، ان يطرقوا بابنا لأخذ اعمالنا، فنحن بكل منطق نقدم باقة من المشروعات المميزة جداً.
• هناك انت، كلوديا مرشليان، وحديثاً ريتا برصونا. ما رأيك في ظهور الكاتبات؟
- امر جيد، لكنني لا اريد النظر إلى الامر من وجهة نظر انهن نساء، فالأمر سيكون مقبولاً حين يكون امامنا عمل جيد. وحتى الآن الاجواء مقبولة.
تكثيف
الممثل عمار شلق كان انهى تصوير فيلم مع المخرج انزور ويقدم له «عصر الحريم» حالياً مع ريتا نجيم وكاتيا كعدي، وقد سألناه عن كلام يقول انه اكثر الممثلين اللبنانيين عملاً، فرد:
- والله لا اعرف لكنني كلما طلب مني الظهور في عمل ادرس المشروع بروح طيبة ثم ارد عليه بنعم او لا. وعادة من يعرضون عليّ اعمالاً يكونون عارفين بقدراتي وما يناسبني، لذا اعتذاراتي قليلة.
• عملت في مسلسلات سورية ومصرية لكنك عملت اكثر في اعمال لبنانية، لماذا برأيك لم يصل مسلسلنا بعد إلى حقل المنافسة العربية؟
- انا مع التكثيف في تجاربنا، ان ننسى موضوع الحضور، والمنافسة. برأيي يجب الا يكون في ذهننا هذا الهم، علينا ببساطة كلية ان نعمل ليل نهار، ان نتعب ونجتهد ونقدم افضل ما عندنا، وهذا ما فعله السوريون من خلال اعمالهم الضخمة، وها هم يتصدرون.
• هل ترى في الذي يصوّر في لبنان قيمة ومستوى جيد؟
- لا شك في ذلك.
• اذاً لماذا لا تشتري الأعمال اللبنانية الجديدة محطات فضائية عربية كما هي حال العمل المصري او السوري؟
- عليك بكل بساطة ان تستبعد قليلاً الماضي، ان تتحدث في الذي نعايشه الآن. ستقول لي كنا. سيقول لك الجميع ونحن كذلك. انا ارى في ان نهتم بالقصص، بالانتاج الكريم، بالكاستنغ الذي يضع الفنان المناسب في الدور المناسب، كل هذا سيخدم صورة العمل اللبناني وما عدا ذلك من لهاث خلف المنافسة لن يجدي نفعاً، فالأمر بكل بساطة ان نقدم اعمالاً جيدة، وان ننوّع فيها وعندها لن نكون بحاجة للشكوى من شيء، فالمنافسة ستأتي لوحدها من جراء الجيد الذي نصوّره ونعرضه.
تفاؤل
اما الممثل يورغو شلهوب فله وجهة نظر خاصة وهو الذي حضر في العديد من المسلسلات المميزة آخرها «مجنون ليلى» (ليلى علوي تصور عملاً يحمل هذا العنوان حالياً) وقد فاجأنا اذ قال:
- اجواء كثيرة لا تعجبني ولن يتغير الامر بين لحظة وأخرى. وانا مثلاً لم احب طريقة تعاطي المنتجين مع الممثلين خصوصاً المخضرمين، وكنت افتعل مشكلاً للدفاع عنهم، ثم زهقت فلم اعد أرحب بأي عمل.
• يعني تعتزل؟
- انا انجز كتابة اول مسلسل لي.
• كتابة فقط؟
- ربما اضطر للتمثيل. لكن في اجواء تريحني ولا تدع اي مجال لمن يتصرف معي بأسلوب غير مريح.
• هل المشكلة مع بعض المنتجين مزعجة إلى هذه الدرجة؟
- هي مهينة. لذا ارفض ان احني رأسي الا لربي.
• بالمقابل ماذا عن المستوى العام للدراما اللبنانية؟
- وحتى الكوميديا. عندها اعمال لها مستوى جيد نعم، وعلينا ان نعثر على افضل السبل لتقديم افضل ما عندنا، وبأفضل الشروط، ورغم بعض التحفظات فان ما نقدمه منذ فترة مختلفة تماماً عما باشرناه قبل سنوات، والآن انا متفائل اكثر.
• عرفنا انك ستجتمع مع والديك في العمل الذي تكتبه؟
- حتى الآن هذه هي الفكرة. لكن لا أحد يعرف عندما نصور ونعرض، هناك تكون الصورة المفترض تقديمها. وانا مع جمع الاجيال في عمل واحد. ليس عن قرابة بل عن محاولة لدمج التجارب وتنوعها.
حلقة مفقودة
السيدة وفاء طربية احدى ابرز ممثلات جيلها والأقوى في مجال الكاريكاتير، بادرتنا بحزن:
- عندما اكون سيدة شاشة في السبعينات والآن لا اطلب إلا إلى حلقات متفرقة قليلة فهذا يعني ان هناك نظرة إلى جيلي غير مفهومة.
• هل هذا يعنيك وحدك ام يطول معظم جيلك؟
- لا لست وحدي.
• كم يؤثر هذا على صورة الدراما التي نشتغل على احيائها في المحيط العربي؟
- حتى في حالها التي ننتقدها حالياً ما زالت قادرة على المنافسة، وانا اراهن عليها كثيراً. وهناك بعض الأعمال جيدة، تنفيذاً وتمثيلاً ونصاً. لكن هناك حلقة مفقودة لا احد يعرف كيف علاجها؟ لماذا لا ننجح ونتمدد كما هم المطربون والنجوم في مجال الغناء.
• اي استنتاج عندك؟
- انا متفائلة بطاقة الفنان اللبناني، لذا لا اخاف على اعمالنا، لكن علينا بلوغ اسمى مرتبة نستحقها بدل الشكوى دائماً.
• هل كنا افضل سابقاً؟
- كنا في الصدارة، وكانت مسلسلاتنا تعرض من دون ان تمر على اجهزة الرقابات، كانت هناك ثقة كبيرة بما نقدمه، وهذا ما نأسف عليه.
• وهل تراهنين حالياً على استرجاع ما كان؟
- نعم. لأننا قادرون وعندنا طاقات، ومع الوقت باتت عندنا كمية من الأعمال المميزة، وهكذا إلى حين تصبح الأعمال الجيدة كثيرة فسنجد انفسنا على الخريطة مجدداً.