طموحات عسكرية واستراتيجية لم تتغيّر منذ أيام الشاه
القوة الجوية الإيرانية بعد 30 عاما على قيام الجمهورية الإسلامية
1 يناير 1970
06:12 ص
| كتب محرر الشؤون الاستراتيجية - قاسم محمد جعفر |
كشفت المصادر الدفاعية الغربية اخيرا عن معلومات جديدة تتعلق بالقوات الجوية الايرانية، وقدراتها القتالية والعملياتية، وبرامج تطويرها الجاري العمل على تنفيذها حاليا، والاهداف الموضوعة لها في المستقبل المنظور.
وافادت هذه المعلومات، التي تزامن ظهورها مع الاحتفالات التي شهدتها طهران بمناسبة ذكرى الثورة التي اطاحت نظام الشاه السابق، وادت إلى قيام حكم الجمهورية الاسلامية بقيادة الامام الراحل آية الله روح الله الخميني، ان سلاح الجو الايراني تمكن خلال السنوات الماضية، وبفضل الخطط والجهود المكثفة التي بذلتها طهران في هذا المجال، من استعادة جزء كبير من القدرات التي كان افتقر اليها لفترة لا يستهان بها، في اعقاب الثورة الاسلامية، وعلى امتداد الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
ومع ان المصادر الدفاعية الدولية تشير إلى ان القوة الجوية الايرانية لم تصل بعد إلى المستوى الذي كانت وصلت اليه ابان السنوات الاخيرة من عهد الشاه السابق، لاسيما في اواخر السبعينات من القرن الماضي، في ما يتعلق بحداثة معداتها، وتطور قدراتها وخبراتها التقنية والعملياتية، فإن الايرانيين نجحوا في صورة ملحوظة في تنفيذ خططهم الهادفة إلى اعادة بناء قدراتهم الجوية وتعزيزها، بعد مرحلة بدا فيها ان تلك المهمة ستكون صعبة التحقيق للغاية، في ضوء الصعوبات والعوائق السياسية والتسليحية والاستراتيجية الماثلة امامها.
«مدّ القوة»!
ويذكر في هذا المجال ان النظام الايراني السابق كان وضع على رأس اولوياته آنذاك تطوير قدرات البلاد العسكرية، وتحويل ايران إلى قوة اقليمية استراتيجية فاعلة ومؤثرة، بالتعاون والتحالف مع الولايات المتحدة واقطار اوروبية غربية عدة. وفي اطار ما عرف في ذلك الوقت بشعار تحويل ايران إلى «شرطي الخليج» القادر على «ضبط» الاوضاع في المنطقة، والتحكم بما قد يطرأ عليها من تطورات، وما قد يبرز في مواجهتها من «تهديدات»، تتركز اساسا على احتمالات تمدد النفوذ السوفياتي والشيوعي اليها، بما قد يعرض المصالح الاستراتيجية الاميركية والغربية فيها للخطر، شرع نظام الشاه في تنفيذ خطط بناء وتطوير عسكري وتسليحي ضخمة، شملت المجالات البرية والجوية والبحرية كافة، مستفيدا بذلك من التصاعد الكبير الذي شهدته مداخيل النفط خلال سبعينات القرن الماضي، لتوقع طهران آنذاك عقودا وصفقات عسكرية وتسليحية بآلاف الملايين من الدولارات مع الولايات المتحدة وبريطانيا واقطار عدة اخرى.
وكان نصيب القوات الجوية من تلك العقود حصة الاسد، خصوصا من الاسلحة والمعدات الاميركية، حيث وافقت واشنطن بموجبها على تزويد طهران ما كانت هذه الاخيرة ترغب في الحصول عليه من احدث انواع الطائرات والذخائر في حينه، ومن دون اي تردد.
ونتيجة لذلك، وصل سلاح الجو الايراني، في وقت من الاوقات، إلى مستوى كان يُقارن فيه مع سلاح الجو الاسرائيلي، كواحد من اكثر الاسلحة الجوية تطورا وفاعلية، ليس على صعيد منطقة الشرق الاوسط فحسب، بل وعلى الصعيد الدولي بشكل عام.
ففي تلك الفترة، كانت ايران الدولة الاولى (والوحيدة) في العالم التي وافقت واشنطن على تزويدها مقاتلات مطاردة بعيدة المدى من طراز «ف - 14 تومكات» ذات الجناحين المتحركين، التي كانت تعتبر في ذلك الوقت ذروة التكنولوجيا الجوية الاميركية، والتي حصل عليها سلاح الجو الايراني (او سلاح الجو الامبراطوري الايراني كما كان يعرف رسميا آنذاك) كاملة التسليح والتجهيز، بما في ذلك صواريخ جو - جو الاعتراضية البعيدة المدى من طراز «فونيكس» القادرة على الوصول إلى اهدافها على مسافات تزيد على 200 كلم.
وعشية سقوط نظام الشاه، وقيام حكم الجمهورية الاسلامية، كانت القوات الجوية الايرانية تضم نحو 400 طائرة قتالية متطورة، من بينها 80 مقاتلة اعراضية من طراز «ف - 14 تومكات»، و132 مقاتلة متعددة الاغراض من طراز «ف - 4 فانتوم»، و165 مقاتلة متعددة الاغراض من طراز «ف - 5 تايغر». كما كانت ايران حصلت في الوقت نفسه على اكثر من 800 طائرة هليكوبتر اميركية من طرازات عدة، بما فيها نحو 200 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز «كوبرا»، وطرازات اخرى معدة لمهمات النقل والدعم والانزال والاقتحام الجوي، إلى جانب طائرات رصد واستطلاع ودورية بحرية بعيدة المدى مخصصة لمكافحة السفن والغواصات من طراز «ب - 3 اوريون»، وطائرات نقل استراتيجية ثقيلة من طراز «بوينغ - 747»، وطائرات نقل وتموين جوي بالوقود من طراز «بوينغ - 707»، وطائرات نقل تكتيكية متوسطة من طراز «سي - 130 هيركوليس».
وكان واضحا منذ البداية، وفي صورة معلنة كانت المصادر الرسمية الايرانية تحرص على التركيز عليها حينئذ ان الاولوية الرئيسية في جهود بناء القوات الجوية (والبحرية) الايرانية كانت معطاة لهدف «مدّ القوة»، واستخدام عناصر تلك القوة، الجوية والبحرية، اينما تدعو الحاجة، في اغراض استراتيجية الطابع، للسيطرة والتحكم، دفاعيا وهجوميا، والعمل على مسافات بعيدة في عمق اجواء المنطقة ومياهها، وامتدادا من شمال الخليج العربي، وحتى مضائق هرمز وخليج عمان وبحر العرب جنوبا، ومشارف المحيط الهندي شرقا، وصولا إلى شبه الجزيرة العربية شرقا.
مضاعفات الثورة
لكن تحقيق تلك الطموحات الايرانية لم يكتمل تماما، إذ ادى سقوط نظام الشاه وانهيار العلاقات بين طهران والولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية الاخرى، إلى وضع حد حاسم ومفاجئ لجهود البناء والتطوير العسكري التي كان النظام السابق يعمل على تنفيذها، وكان من ابرز الامثلة على ذلك مسارعة الاقطار الغربية التي كانت تشكل مصادر التسلح التقليدية لطهران، إلى إلغاء عقود وصفقات كانت لا تزال في صدد التنفيذ، مثلما حدث مع صفقة رئيسية مع واشنطن كان يفترض ان تحصل ايران بموجبها على 160 مقاتلة جديدة متعددة الاغراض من طراز «ف - 16 فالكون»، وصفقة اخرى مع بريطانيا كان يفترض ان تحصل القوات المدرعة الايرانية بموجبها على 1200 دبابة قتال رئيسية من طراز «شير ايران» (اسد ايران)، وهي طراز محسن من دبابة «تشيفتين» البريطانية، كما قامت الدول الغربية، في الوقت نفسه، بفرض حظر كامل على تصدير قطع الغيار والذخائر وخدمات الصيانة الضرورية لادامة الاسلحة الغربية العاملة لدى القوات الايرانية والاستمرار في تشغيلها بفاعلية.
وكانت القوات الجوية الايرانية الاكثر تأثرا من غيرها نتيجة للعقوبات العسكرية الاميركية والغربية التي فرضت على ايران في اعقاب قيام الجمهورية الاسلامية، وذلك نظرا لعوامل عدة.
فمن الطبيعي ان القوات الجوية، وبحكم طبيعة معداتها وانماط عملها، تكون عادة الاكثر حاجة من بين سائر فروع القوات المسلحة لقطع الغيار وخدمات الصيانة ومستلزمات التشغيل والادامة.
كما ان تلك القوات كانت الاكثر تعرضا من غيرها لعمليات التطهير والابعاد والتصفية التي شهدتها القوات الايرانية بمختلف فروعها في اعقاب الثورة، إذ نظر اركان الحكم الجديد إلى قيادات سلاح الجو وطياريه وعناصره من زاوية شديدة الحساسية والسلبية، بل اعتبروا القوات الجوية بمثابة مصدر تهديد امني حيوي على الثورة والحكم الاسلامي، بحجة العلاقة العملياتية الوثيقة التي كانت تربط ما بين تلك القوات ومصادر تسليحها الرئيسية في الولايات المتحدة والغرب، وادى ذلك بدوره إلى افقار القوات الجوية من بعض خيرة عناصرها، من طيارين مدربين وفنيين اختصاصيين، واطقم صيانة واسناد، في الوقت الذي كان معروفا ان التعويض عن هؤلاء سيكون امرا صعبا ومعقدا يستغرق فترة زمنية طويلة.
ثم جاءت الحرب العراقية - الايرانية التي ساهمت ايضا في زيادة حدة الصعوبات والمشكلات العملياتية التي واجهت القوات الجوية الايرانية. فقد وجدت هذه الاخيرة نفسها مضطرة إلى الدخول في حرب شاملة سرعان ما تحولت إلى مواجهة استنزافية طويلة الامد، تكبد فيها الجانبان العراقي والايراني على حد سواء خسائر فادحة في الارواح والمعدات.
واستنادا إلى التقديرات والاحصاءات التي توافرت في مراحل لاحقة، فإن سلاح الجو الايراني خرج من الحرب مع العراق، في اواخر الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي، وهو يعاني نقصا فادحا في العناصر البشرية الكفؤة والمؤهلة، وفي كميات العتاد المتوافرة ونوعياتها. ويذهب بعض المصادر إلى ان القوة الجوية الايرانية، اثناء الفترة المذكورة، كانت وصلت إلى مستوى لم تعد قادرة فيه على تشغيل اكثر من نسبة 15 - 20 في المئة من الطائرات والذخائر المتواجدة في حوزتها، والتي كانت تعود في غالبيتها العظمى إلى الانواع والطرازات الاميركية والغربية التي كانت طهران حصلت عليها ايام الشاه، وذلك باستثناء اعداد قليلة من الطائرات والمعدات التي تم الحصول عليها اثناء الحرب عن طريق مصادر اخرى مثل الصين وكوريا الشمالية، او من اسواق السلاح العالمية في صورة سرية، والتي كانت في معظمها قديمة العهد ومحدودة الفاعلية.
اعادة البناء
لكن الوضع تغيّر جذريا بالنسبة إلى القوة الجوية الايرانية، بفروعها وعناصرها المختلفة، بدءا من مطلع تسعينات القرن الماضي وأواسطها. ففي تلك الاثناء، كانت القيادة السياسية والعسكرية في ايران اتخذت قرارا استراتيجيا يقضي بالعمل على اعادة بناء قدرات البلاد العسكرية وتطويرها في المجالات كافة، والاعتماد في ذلك على ما وفرته الحرب مع العراق من دروس وخبرات. وكما كانت الحال عليه بالنسبة إلى البرامج النووية والصاروخية، حظيت جهود تطوير القوات الجوية واعادة بنائها وتعزيزها بأولوية متميزة، اعادت إلى الذاكرة المرتبة الخاصة التي تمتعت بها تلك القوات خلال حكم الشاه السابق، وساهمت في حصول القوات الجوية على نسبة كبيرة من المبالغ الاجمالية التي صرفتها طهران على برامجها التسليحية خلال السنوات الماضية التي اعقبت نهاية الحرب مع العراق، والتي يقدر مجموعها حتى الان بنحو 55 - 60 مليار دولار.
وكان من بين اهم العوامل التي ساعدت الايرانيين على تحقيق خططهم الهادفة إلى تطوير قواتهم الجوية خلال الفترة الماضية:
1 - العثور على مصادر تسلح دولية جديدة حلت مكان مصادر التسلح الايراني السابقة خلال عهد الشاه، وتحديدا روسيا الاتحادية واوكرانيا وغيرهما من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، اضافة إلى الصين وكوريا الشمالية.
2 - الحرص على تطوير الصناعات العسكرية المحلية، والاعتماد عليها لتنفيذ جزء لا يستهان به من برامج التسلح، لاسيما في ما يختص باعادة تأهيل الطائرات والذخائر الاميركية والغربية التي لاتزال موجودة لدى الترسانة الايرانية، وادخال تحسينات وتحديثات عليها بما يتلاءم مع الدروس والخبرات العملياتية التي تم استيعابها، وبما يلبي متطلبات القتال والعمليات الجوية المعاصرة، والاستفادة في هذا الاطار من المساعدة الفنية والتقنية التي نجحت طهران في الحصول عليها من مصادرها التسليحية الجديدة، لاسيما روسيا والصين وكوريا الشمالية.
3 - «الجائزة» غير المتوقعة التي حصلت عليها ايران من نظام صدام حسين السابق، في مطلع التسعينات، عندما لجأت إلى مطاراتها وقواعدها الجوية نخبة طائرات الجو العراقي، هربا من هجمات قوات الائتلاف العربي والدولي اثناء حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1990 - 1991، والتي اشملت على 102 طائرة من احدث الطرازات التي كانت عاملة لدى سلاح الجو العراقي آنذاك، مثل المقاتلات من طراز «سوخوي - 24» و«سوخوي - 22» و«ميغ - 29» و«ميراج ف - 1»، وطائرات الرصد والانذار الجوي المبكر وادارة العمليات الجوية من طراز «عدنان - 1»، وطائرات النقل الاستراتيجية والتموين الجوي بالوقود من طراز «إليوشن - 76»، والتي عمدت طهران إلى الاحتفاظ بها وادخالها إلى الخدمة صفوف قواتها الجوية.
عقود خارجية وجهود محلية
وبفضل هذه العوامل المساعدة، وما تم تنفيذه من خطط وبرامج منذ مطلع تسعينات القرن الماضي واواسطها، وهي الجهود التي لاتزال مستمرة حتى الان، تمكن الايرانيون من تحقيق خطوات حيوية رئيسية في سعيهم الهادف إلى اعادة بناء قواتهم الجوية وتطوير قدراتها.
فعلي صعيد العقود والصفقات الخارجية، حصلت طهران من روسيا، خلال السنوات الماضية، على مقاتلات حديثة متعددة الاغراض من طراز «ميغ - 29»، ومقاتلات هجومية استراتيجية بعيدة المدى من طراز «سوخوي - 24»، وطائرات هجوم ارضي ومساندة تكتيكية ومكافحة دروع من طراز «سوخوي - 25»، كما تم الحصول من الصين على مقاتلات «ف - 7»، وهي نسخة صينية معدلة من مقاتلات «ميغ - 21» السوفياتية الشهيرة، ومقاتلات «ف - 6»، وهي بدورها نسخة صينية عن المقاتلة السوفياتية «ميغ - 19» (يستخدمها الايرانيون حاليا في صورة اساسية لمهمات التدريب والتأهيل القتالي).
وفيما تحدثت المعلومات الغربية اخيرا عن مفاوضات ايرانية - روسية تتعلق باهتمام طهران في الحصول على نحو 200 مقاتلة روسية متطورة متعددة الاغراض من طراز «سوخوي - 30»، وربما العمل على تجميعها محليا في ايران، على غرار ما حدث بالنسبة إلى طائرات النقل التكتيكية المتوسطة من طراز «انطونوف - 140» التي يتم تجميعها محليا في ايران حاليا تحت اسم «ايران - 140»، فإن المعلومات التي وردت حول هذا البرنامج، الذي تقدر قيمته الاجمالية بنحو 4 مليارات دولار، لم تتأكد تماما حتى الآن، بل انه لا يزال من المرجح ان ينتظر استكمال التفاصيل المالية والتقنية، تمهيدا لاقراره والتعاقد عليه رسميا واذا ما تم ذلك فعلا، فإن من المؤكد ان تصبح المقاتلة «سوخوي - 30» عندئذ عماد الوحدات القتالية العاملة لدى سلاح الجو الايراني مستقبلا.
وحصلت ايران من اوكرانيا ايضا على طائرات نقل تكتيكية متوسطة نفاثة من طراز «انطونوف - 72» (يتم انتاجها اصلا في اوكرانيا لحساب روسيا)، وعلى طائرات هليكوبتر متعددة الاغراض من طراز «ميل - 17»، إلى جانب اسلحة وذخائر جوية متنوعة تشتمل على صواريخ جو - جو من طراز «أ . أ - 8 أفيد»، و«أ. أ - 10 ألامو» و«أ. أ - 11 آرشر»، وصواريخ جو- سطح من طراز «أ . س - 10 كارين»، و«أ. س - 11 كيلتر»، و«أ. س -14 كيدج»، إلى جانب الحصول من الصين على صواريخ جو - جو من طراز «ب . ل - 2» و«ب. ل - 7»، وصواريخ جو - سطح مضادة للسفن من طراز «سي - 801»، وهذه الاخيرة نسخة صينية عن صواريخ «اكزوسيت» الفرنسية، يتم انتاجها في ايران محليا بنموذج سطح - سطح يعرف باسم «الكوثر»، وآخر جو - سطح تحت اسم «نور».
اما على صعيد الانتاج المحلي، فإن الاولويات الايرانية تركزت خلال السنوات الماضية على اعادة تأهيل الطائرات الاميركية الصنع التي كانت لا تزال موجودة لدى قواتها الجوية، وعلى ادخال تحسينات وتعديلات على تلك الطائرات، بما في ذلك تزويدها القدرة على حمل اسلحة وذخائر روسية وصينية، واجهزة رادارية والكترونية مكان انظمتها الاصلية التي تقادم عهدها، او لم تعد قابلة للاستخدام بسبب افتقادها إلى قطع الغيار والصيانة اللازمة.
وإلى جانب الطائرات العراقية التي تمت اعادة تأهيلها وادخلت إلى الخدمة، قام الايرانيون بجهود مماثلة في ما يختص بالمقاتلات من طراز «ف - 14» «تومكات» و«ف - 4 فانتوم»، كما عملوا على تطوير طرازين معدلين من المقاتلة «ف - 5 تايغر»، اطلقوا على الاول اسم «صاعقة»، وعلى الثاني اسم «ازاراخش» (البرق)، لكن ليس من الواضح، حتى الآن، ما اذا كانت اي طائرات من الطرازين المذكورين دخلت الخدمة الفعلية، ام ان البرنامج لا يزال في طور الاختبارات الاولية.
> القوة الجوية الإيرانية حاليا:
واستنادا إلى احدث المعلومات الدولية المتوافرة، فإن الوحدات القتالية في القوات الجوية الايرانية تضم حاليا نحو 400 طائرة قتالية، من بينها نحو 100 تابعة رسميا للوحدات الجوية في قوات «الحرس الثوري» (الباسداران»، بينما يتبع الباقي سلاح الجو الايراني النظامي. وتشتمل هذه الطائرات على ما يلي:
- 24 مقاتلة اعتراضية «ف - 14 تومكات».
- 82 مقاتلة متعددة الاغراض «ف - 4 تايغر»، بينها 20 من طراز «ف - 5 ب» تستخدم في اغراض التدريب والتأهيل القتالي.
- 24 مقاتلة متعددة الاغراض «ميراج ف - 1»، من اصل عراقي.
- 40 مقاتلة متعددة الاغراض «ميغ - 29» نصفها من اصل عراقي.
- 40 مقاتلة هجومية استراتيجية «سوخوي - 24»، حوالي نصفها من اصل عراقي.
- 20 مقاتلة هجومية «سوخوي - 20/22»، عراقية الاصل، تابعة لقوات «الحرس الثوري» (الباسداران).
- 24 طائرة هجوم ومساندة «سوخوي - 25»، بعضها من اصل عراقي، وجميعها تابعة لقوات «الحرس الثوري».
- 40 مقاتلة «ف - 7 اير غارد»، من بينها 16 تستخدم لمهمات التدريب والتأهيل القتالي، وجميعها تابعة لقوات «الحرس».
- 18 مقاتلة «ف - 6»، تستخدم لمهمات التدريب والتأهيل القتالي، وهي تابعة ايضا لقوات «الحرس الثوري».
وتضاف إلى هذه الوحدات القتالية طائرات هليكوبتر هجومية تضم اكثر من 50 من طراز «كوبرا»، مزودة بصواريخ مضادة للدروع، وطائرات هليكوبتر بحرية مسلحة بصواريخ مضادة للسفن وللغواصات، من طرازي «سي كينغ» و«سي ستاليون»، ومئات من طائرات الهليكوبر الناقلة والمساندة، من بينها هليكوبترات ثقيلة من طراز «تشينوك»، واخرى متوسطة من طراز «ميل - 17» و«بل - 214» و«بل - 205»، وطائرات رصد وانذار وادارة عمليات جوية (اواكس) من طراز «عدنان - 1» وطائرات رصد ودورية بحرية مضادة للسفن وللغواصات من طراز «ب - 3 اوريون» و«انطونوف - 72»، وطائرات تموين جوي بالوقود (صهريج) من طراز «بوينغ - 707»، و«إليوشن - 76» إلى جانب اسطول من طائرات النقل يضم اكثر من 100 طائرة، من بينها طائرات استراتيجية ثقيلة «بوينغ - 747»، و«بوينغ - 707» و«إليوشن - 76»، وطائرات تكتيكية متوسطة من طراز «سي - 130 هيركوليس» و«انطونوف - 72» و«إيران - 140» و«فوكر - 27».
ويتضمن تجهيز هذه الوحدات الجوية القتالية اسلحة وذخائر متنوعة، من صواريخ جو - جو اميركية وروسية وصينية الصنع، قادرة على العمل على مختلف المسافات والارتفاعات، وصواريخ جو - ارض وجو - سطح، وقنابل موجهة بالليزر، وصواريخ مضادة للدروع، واخرى مضادة للسفن حتى مسافات تزيد على 100 كلم، وهي تشتمل بدورها على طرازات اميركية وروسية واوكرانية وصينية، واخرى تم تعديلها وانتاجها في ايران على يد الصناعات العسكرية المحلية.
الاهداف الاستراتيجية
والملاحظ، في صورة اساسية، ان برامج تطوير القوات الجوية الايرانية وتعزيزها، واعادة بنائها، خلال عهد الجمهورية الاسلامية، لم تكن مختلفة كثيرا عن تلك الجهود التي سعت إلى تحقيق الهدف نفسه ايام حكم الشاه السابق.
فهذه الجهود تهدف، في الدرجة الأولى، إلى «مدّ القوة الايرانية»، وتمكينها من التحرك والعمل في المناطق والاجواء والمياه المحيطة بالجمهورية الاسلامية، كما انها تشكل جزءا من عملية متكاملة وشاملة حرصت طهران على تنفيذها خلال السنوات الماضية لبناء قدراتها العسكرية في شتى المجالات، وتكريس مواقعها كقوة استراتيجية رئيسية في المنطقة وجوارها.
وكما هي الحال بالنسبة إلى برامج التطوير النووية والصاروخية، وما يتم تنفيذه من جهود وخطط على صعيد القوات البحرية والبرية ووحدات «الحرس الثوري» والقوات الخاصة، فإن بناء القوات الجوية وتعزيزها يتم في اطار هذه العملية التسليحية الشاملة التي تبدو ايران عازمة على الاستمرار فيها خلال المرحلتين الحالية والمقبلة.