د. عبداللطيف الصريخ / السياسيون ومرض «الفصام»!

1 يناير 1970 03:24 م
يقول الدكتور محمود جمال أبو العزايم في وصفه لمريض الفصام: «أحياناً يحس بشعور زائد بالعظمة... فهو يتوهم أشياء عجيبة، فهو أذكى البشر، وهو أعظم البشر، وهو قادر على اكتشاف ما في عقول الآخرين، وهو مخترع جبار. ومع هذا الشعور بالعظمة يبدأ المريض بأن يطالب بحقوقه في إدارة شؤون الدولة، ويدعي أن المخابرات تطارده، والرئاسة تضع له المؤامرات كي تتخلص منه وحتى يسلبوه حقوقه».
لقد زال العجب، وتقشعت سحب الغرابة التي خيمت أمام عيني، وأنا أقرأ هذه المقالة للدكتور أبو العزايم، فقد توصلت أخيراً إلى تفسير من كنت أتابعه من بعض تصرفات البعض من السياسيين، أو من يهيئ نفسه كـ «ناشط سياسي».
لكم أن تتخيلوا يا سادة صدق ما أقول، وأنا هنا لا أدعي شيئاً، فالدراسات والأبحاث الميدانية تقول إن نسبة الإصابة بمرض «الفصام» تصل إلى 0.85 - 3 في المئة من المجموع العام للشعب، وهي نسبة خطيرة لما لها من أثر كبير، خصوصاً إذا صادف أن يكون المصاب بالفصام قيادياً ومن أصحاب الحناجر البلاتينية!
يا الله!
الكل يطارده! الكل يلاحقه! الكل يتآمر ضده! وزارة الداخلية تتجسس عليه! المال السياسي العفن يضخ لتحطيم تاريخه السياسي! القنوات المأجورة تريد إفساد التجربة السياسية ووأد الحريات! بعض الصحافيين المأجورين ومرتزقة الصحافة الصفراء يقتاتون على وصفه بأقذع الأوصاف! وغير هذه السلسلة الطويلة من الهذيان والهلاوس والتخريفات التي لا توجد إلا في مخيلة مريض «الفصام».
وفي المقابل، نجده يوزع التهم يمنة ويسرة، لا يبالي على من تقع قنابله العنقودية التي لا تفرق بين المخلصين والمفسدين، إنها والله مأساة، تلك التي نعيشها من دون ننتبه إلى أولئك المرضى النفسيين بين ظهرانينا!
أعتقد - والله أعلم - أن نسبة المصابين بمرض «الفصام» تزداد لدينا في الكويت، لأن أجواء الحرية، ومناخ الديموقراطية، جعل من «الفصاميين» أبطالاً، وحماة للمال العام، وصنع من شخصياتهم المريضة فرسان المرحلة الذين لا يشق لهم غبار!
لقد تفاقم المرض واستشرى، ولم يعد ينفع معه أطباء مستشفى الطب النفسي، ولو استعنا بأطباء الشقيقة مصر كلهم فلن تجدي الجهود معهم، إنهم بحاجة إلى طب من نوع آخر، وليس في الكويت إلا طبيب واحد يصلح لهذه المهمة، إنهم بحاجة إلى هزة عنيفة تعيد إلى العقول المريضة توازنها، لتعرف للبشر احتراماً وحرمة.
لقد هتكوا أستار الذوق والاحترام واللباقة كلها! وأنا لا أقول هذا الكلام من باب استعداء السلطة على أحد، ولكن من باب النصيحة والمصلحة العامة؛ لأنهم أصبحوا الأنموذج الذي يجب أن يُحتذى في العمل السياسي!

في الأفق
قال الإمام الشافعي:
إذا سبني نذل تزايدت رفعة
وما العيب إلا أن أكون مساببه
ولو لم تكن نفسي علي عزيزة
مكنتها من كل نذل تحاربه


د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]