ذهول في الشرابية واستغراب في شبرا وارتياح في وزارة الداخلية

سذاجة «سفاح المعادي» تدهش المصريين بعد عامين من الأساطير

1 يناير 1970 04:42 ص
|القاهرة - «الراي» |
حتى الإعلان عنها كان المصريون شغوفين بمعرفة الطريقة التي أوقعت بها الشرطة بسفاح المعادي الذي ظل لأكثر من عامين أشبه بشبح يظهر وقتما يشاء ويختفي وقتما يشاء، لكن مع الكشف عن اعترافات المتهم والتفاصيل الخاصة بشخصيته صار السؤال الذي يتردد بين الجميع هو: كيف تمكن شخص بكل هذه السذاجة من إرهاق الشرطة؟ ثم كيف أدار حياته وسط المخاطر التي أحاطت به منذ وضعه قبل عامين ضمن أهم المطلوبين للعدالة؟
تقول المعلومات التي توافرت لوسائل الإعلام عن عملية إلقاء القبض على «السفاح» محمد مصطفى البالغ من العمر 23 عاما أنه رفع الراية البيضاء بمجرد أن تكاثر عليه مجموعة من المواطنين الذين اشتبهوا به في حي شبرا (شمال القاهرة)، وتذكر المعلومات أيضا أن الشاب ضبط في مدخل إحدى البنايات، بينما كان بـ«فعل فاضح»، بعدما رفض حارس البناية السماح له بالصعود بعدما اشتبه في أمره.
الحارس نفسه ذكر أنه استوقف الشاب عند مدخل البناية وسأله عن وجهته، فأخبره أنه ذاهب إلى حلاق في الدور الثالث، فلما كانت البناية خالية من أي محال حلاقة شك الحارس فيه، ثم استدعى عددا من المواطنين الذين ساعدوا في ضبطه.
أما وزارة الداخلية فقالت إن قسم شرطة شبرا في القاهرة تلقى بلاغا من حارس العقار عن اشتباه في شخص حاول صعود البناية التي يعمل بها فرده، لكنه عاد بعد وقت قصير وتسلل خلال غياب الحارس إلى المدخل حيث جلس في وضع مريب، فلما انتقل رجال المباحث للمكان ألقوا القبض على المشتبه به والذي نقل إلى مقر الشرطة التي بدأت التحقيق معه.
وخلال التحقيق قال المتهم إنه كان يريد الصعود إلى الدور الثالث في العقار لممارسة «فعل فاضح» يدمن ممارسته من «5 - 7 مرات يوميا»، وحسبما ذكر مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة اللواء فاروق لاشين، فقد بادر محمد مصطفى رجال الشرطة بقوله إنه يريد الاعتراف بشيء مهم. وبعد لحظات ترقب أقر محمد بأنه الشخص الذي تصفه أجهزة الإعلام بـ «سفاح المعادي»، مضيفا: إنه وراء حوادث الاعتداء بشيفرات حلاقة على عدد من سيدات حي المعادي بين عامي 2006، 2007.
مدير مباحث العاصمة المصرية قال للصحافيين أيضا إن المتهم يعاني من مشكلات نفسيه، ومصاب بمرض في منطقة الحوض ولديه صعوبة في التبرز الأهم أن المسؤول الأمني نقل للصحافيين قول المتهم إنه خجول لدرجة أنه لا يستطيع أن يتحدث مع فتاة ويشعر دائما أنه أقل من أقرانه، الذين أحضروا له في أحد الأيام سيدة «مومس» فلم يتمكن من التعامل معها.
ووفق ما نقل عن المتهم فإنه ذهب في أحد الأيام مع صديق له في شقته حيث شاهد معه فيلما إباحيا، تحول بعده إلى مدمن لهذه الأفلام التي تدفع بتأثيرها لممارسة الشذوذ مع صديقه، وقال مدير المباحث العامة إن حياة محمد أصبحت مركزة في مشاهدة الأفلام الإباحية وممارسة العادة السرية والشذوذ مع أقرانه، لكنه أصبح بعد فترة نهما لجسد المرأة، ففكر في كيفية تحقيق ذلك، حتى شاهد مقطع فيديو كليب أجنبي يقوم فيه شاب بشد بنطلونات وجونلات البنات والسيدات ليعريهن ثم يهرب حاول محمد تقليد هذا الكليب واختار منطقة المعادي ساحة لأفعاله.
المتهم أقر بأنه اعتدى على 11 سيدة وفتاة في مناطق المعادي والبساتين والزيتون والأزبكية، مضيفا إنه فكر أكثر من مرة في الذهاب إلى طبيب نفسي، ولكن صديقا له نصحه بعدم تنفيذ هذه الفكرة لأن واحدة ممن قام بالاعتداء عليهن في محطة مترو مبارك حررت بلاغا ضده وحددت أوصافه، ما يعني أن هناك احتمالا لإلقاء القبض عليه إذا توجه للطبيب.
وعن سبب وجوده في مدخل البناية التي ضبط بها، قال محمد مصطفى إنه كان قد شاهد فيلما إباحيا أثاره جنسيا، ثم قابل فتاة جميلة في الشارع فزادت الإثارة لديه، ووجد نفسه راغبا في ممارسة العادة السرية؛ فقرر دخول هذه البناية للقيام بتلك العادة، لكن الحارس رده فاضطر للانتظار حتى انصرف فتسلل إلى الداخل حيث ألقي القبض عليه.
وحكى المتهم عن ظروفه الشخصية فقال إنه كان يعمل حلاقا بأحد الصالونات في منطقة الدقي، لكنه ترك العمل منذ فترة، وذكر أنه يقيم مع والدته و3 أشقاء بحي الشرابية بعد وفاة والده، مشيرا إلى أنه كان يكره التعليم، ولذلك ترك المدرسة بعد حصوله على الشهادة الإعدادية ليلتحق بمهنة الحلاقة التي تنقل من خلالها بين الجيزة والدقي والمعادي.
وكشف المتهم عن سر اختياره لمنطقة المعادي تحديدا لممارسة هوايته في الاعتداء على السيدات والفتيات بقوله إنه توجه إلى هذه المنطقة في العام 2006 للعمل في صالون حلاقة، وهناك شاهد مستوى جمال الفتيات فيها فاعتدى على واحدة منهن حيث قام بقطع بنطالها بشفرة حلاقة كانت بحوزته ثم اختبأ مع صديقه في أحد المنازل القريبة.
وأضاف محمد مصطفى: إنه عاد إلى المنطقة بعد 11 يوما ليعتدي على فتاة ثانية، وعندما شاع أمره وبدأت أجهزة الأمن في البحث عنه نقل نشاطه إلى منطقة الزيتون وروض الفرج والأزبكية، موضحا أن مجموع من اعتدى عليهن بلغ 11 سيدة وفتاة.وفي سياق التحقيقات مع المتهم استدعت الشرطة واحدة ممن حررت بلاغات ضده، فتعرفت عليه وأخبرت رجال الشرطة أنه اعتدى عليها في محطة مترو مبارك فقام ابنها وصديقه بالاعتداء عليه، قبل أن تتدخل بنفسها وتطالبهما بتركه ينصرف، لتتوجه بعد ذلك إلى قسم الشرطة وتحرر ضده بلاغا، مضيفة: إنها تعاطفت معه بعدما شاهدته يتألم من ضرب ابنها وصديقه. على الجانب الآخر، أبدت أسرة المتهم شكوكها في صحة ما نشر عن محمد، فيما أصر جيرانه وأصدقاؤه على براءته من التهم المنسوبة له، وقال محمود مصطفى شقيق المتهم من داخل منزل الأسرة بشارع عبدالعاطي في منطقة أرض الشركة بحي الشرابية إن محمد تغيب عن المنزل منذ الثلاثاء 3 فبراير، وأنه قام في اليوم التالي بتحرير محضر إداري رقم 550 بقسم الشرابية عن غياب شقيقه، مضيفا ان قوة من الشرطة يقودها ضابط ـ رفض الكشف عن اسمه ـ اقتحمت المنزل، وأبلغ الأسرة بأنه تم القاء القبض على محمد للتحري العسكري عنه.
وأضاف محمود: استولت القوة على كميات من ملابس شقيقه الآخر إبراهيم، ومنها بنطلونات جينز لا تخص محمد الذي اعتاد على ارتداء بنطلونات قماش.
وأشار محمود إلى أن شقيقه لا يرتدي الجينز أبدا خلافا للأوصاف المسجلة ضد سفاح المعادي من قبل ضحاياه، وأضاف: في اليوم ذاته تم استدعائي من جانب رئيس شرطة شبرا لإغلاق المحضر، فلما رفضت حتى أطمئن على شقيقي أبلغني الضابط أنه سيحضره فور إغلاق المحضر فوقعت عليه رغما، ثم انصرفت بصحبة بعض رجال الشرطة للبحث عن محمد في وحدات الشرطة فلم أجده.
وتابع شقيق المتهم حديثه قائلا إنه ظل لمدة 5 ايام يبحث عن شقيقه في كل مكان محتمل كأقسام الشرطة ومشرحة زينهم، مضيف انهم أطلعوه في المشرحة على جثة شخص بأوصافا شقيقه المتغيب نفسه، نافيا علمه بتوجيه اتهامات لمحمد في الجرائم المنسوبة له.
أما شقيقة المتهم هبة فقالت، إن محمد قضى 9 أشهر من فترة تجنيده التي تنتهي في 2012، وأنه حصل على إجازة في 28 يناير الماضي لتنفيذ مأموريتين كلف بهما في القاهرة. وأبدى علي سالم، وهو خال المتهم، دهشته مما نسب لمحمد وقال إنه عندما قرأ الصحف وبها الاسم الرباعي «محمد مصطفى محمود السيد» باعتباره سفاح المعادي واستغرب، فكثيرا ما تتشابه الأسماء، لكن عندما تلقى اتصالا هاتفيا من أخته «والدة السفاح» أصبح الأمر عنده يقينا، وهو ما أثار دهشته للمرة الثانية.