جعفر رجب / تحت الحزام / كم الحال ؟

1 يناير 1970 03:39 م
كالسؤال الأول عند مقابلة صديق هي: كيف الحال؟ وشلونكم؟ وشلون الأهل؟ ولا احد يسأل كم الحال؟ وشكمكم ؟ وكم عدد الأهل؟ وإلا أصبح بسؤاله «الكمي»، مسخرة تتداول الركبان والفرسان قصته، وقد تصبح قصة من قصص التراث، فنحن امة كيفية ولا شأن لنا بالأرقام والكميات!
الاميركان «هداهم الله» من الشعوب الرقمية، يحبون ترقيم كل شيء، وحساب كل شيء بدقة، حتى في المباريات يضـــعون إحصائية دقيقة لكل لاعب، كم تمريرة مرر لفريقــــه، كــــــــم كيــــلو متـــرا ركـــض في الساعة والنصف، وإذا أردنا تطبيق طريقة الامـــيركيين على فرقنا الوطنية، لاكتشفنا بلاء عظيما في خيبتنا الرقمية، ولذلك نبتعد عن الأرقام والإحصائيات، فهي تتعب عقولنا، وتحرق حقولنا!
ونحن حتى في الأمور التي تحركها الأرقام «كيفيون»، وهكذا يسير اقتصادنا، فالأرقام ليست مهمة المهم يا أخي الصحة والعافية والأخلاق الحميدة... لا احد يسأل عن الناتج القومي ولا مقدار العجز ولا الخطط المستقبيلة الاقتصادية بالأرقام، ولا كيفية تسديد العجز التراكمي... يسألون: ها في فلوس؟ إذا عندنا لازم نصرفها بأي طريقة!
الأرقام ليست مهمة، كم تكلفنـــا المشاريع؟ أربعين مليونا و«شوي»، مليار و«شوي»، ليس مهما لانه «الشوي» قد تصل إلى الملايين، ولكنها في النهاية «شوي»، لا تتعب نفسك كثيرا ولا تدقق يا أخي اعتبرها «نثريات» وجميع مصاريفنا «نثريات» !
فكل أمورنا كيفية وصفية لاعلاقة لها بالأرقام، إننا من امة متخرجة في التعليم «الأدبي» وليس «العلمي» ننظم الشعر، ونؤلف ألف ليلة وليلة... ولو كان «نيوتن» عربيا لما وضع قانون الجاذبية، بل لجلس يتغزل بالتفاحة التي سقطت عليه!
مهلا لا أريد المبالغة، ولا جلد الذات، فـــفي هذا البـــلد هناك شيء واحد نهتم بـ«كمه» وليس بـ«كيفه» ، وهو إنجــــاب الأولاد، فــالمهم «كم» ننجب وليس «كيف» نربي، واهتمام بعضــــنا بزيـــــادة كــــم الأولاد ناتج عن الزيادة «الخمســـــينية» لـــــكل «رأس» من الأبـــــناء...! ولــــو نحسبها بـ«الكم» لوصلنا الى النتيجة التالية: إن خمسين في المئة من الشعب الكويتــــي، أتى إلى هذه الدنيا لسبــــب بســــيط وهدف واحد، إن أباه كان يريد أن يزيد معاشه خمسين دينارا، فقط لاغير!


جعفر رجب
[email protected]