«السقوط إلى الهاوية أوّله زلة قدم في القمة»، حكمة.
(1)
لم أكن أتوقع هذا الكم الكبير من التعليقات والرسائل الإلكترونية رداً على مقالتنا السابقة عن الاقتصاد، وللحقيقة فإن الغالبية العظمى من الردود والرسائل تتسم بالتشاؤم وترى الأوضاع سوداوية، ومن يلومهم فالأوضاع بحق سيئة جداً.
ومع أنهم بشرونا بأن طيور الفلامنغو تستوطن الكويت (ويا خوفنا يعتبرونها بدون أو مقيمين بصورة غير شرعية)، ومع أنهم بشرونا أيضاً أن حلقات زحل تظلل سماءنا، رغم ذلك كله مازالت الصورة سوداوية، ومازال للتشاؤم ما يبرره، بل يزيد عدد المتشائمين، فأوضاعنا من سيئ وأسوأ... والبركة بـ«هيك» حكومة و«هيك» مجلس مع الاعتذار للسيد، وللأسف فإن بعض الناس عظماء لأن المحيطين بهم صغار!
(2)
...والبلد ماشي!
يبقى الهم الاقتصادي سيد الهموم بلا منازع، لأنه يتعلق بحياة الناس من جوانبها كلها، فإن صلح الاقتصاد صلحت غالبية نواحي حياتنا وإن انهار - لا سمح الله - فعليه العوض ومنه العوض.
مطالعة بسيطة لأخبار الصفحات الأولى لصحفنا المحلية كفيلة برفع الضغط والسكر وإدخال القارئ في حال من التوتر و«الشيزوفرينيا» الاقتصادية، ففي الوقت الذي يئن فيه العالم كله من استراليا لأميركا من آلام الأزمة الاقتصادية تقف حكومتنا موقف الحياد «السلبي» مما يجري، والأسهم «مو خوش» والشركات المتعثرة والمرتبكة تتكاثر بشكل سرطاني لتعثرنا وتربكنا معنا، ومؤسساتنا الحكومية تدخل موسوعة «غينيس» في حجم الخسائر بسبب سوء الإدارة، و«داو كيميكال» تخرج من باب الحكومة لتعود وتدخل من باب «الهيئة العامة للاستثمار»... ومع هذا كله البلد ماشي، ومع أنه محد عارف شلون ماشي بس المهم إنه ماشي!
(3)
قروضنا والكيكة
أحد القراء وضع تعليقاً على المقالة السابقة بأنه بحث في الصحف كلها ولم يجد أي كلمة عن ديون المواطنين في كلام محافظ البنك المركزي، وهذا كلام صحيح ولا يحتاج أصلاً لأن يبحث القارئ ويعور راسه، فلو كانت الكلمة وردت مرة على لسان السيد المحافظ لكان الأمر منتهياً وموضوع كل مواطن «خالص»، لكن المصيبة أن البنك المركزي رب أسرة البنوك ويفكر فيها، وفي بنات خالتها من الشركات المتعثرة لذلك كانت نظرته الشمولية خماسية الاتجاهات لإنقاذها من «ارتباكها» وليس لإنقاذنا نحن المواطنين المساكين المتعثرين المرتبكين الذين علينا ترديد أغنية «لنا الله»، أما حكومتنا فهمها البورصة والبنوك والشركات المتعثرة وصندوق المعسرين!
أما المواطنون الذين يجب أن يكون من يحمل همومهم هم النواب الذين وصلوا إلى مجلس الأمة بأصواتهم فما لهم غير الله أولاً ثم هؤلاء النواب الذين لا يهم الموضوع بعضهم الأول. أما بعضهم الثاني فقد بحت أصواتهم، وهم يطالبون بلا فائدة، حتى أنهم وصلوا إلى إدراج هذا الموضوع في الصفقات التي تجري تحت الطاولة، وبدأوا يساومون الحكومة على شراء المديونيات كـ«دهن سير» مقابل تيسير أمور «البنوك» و«الشركات المتعثرة» والهوامير من ورائها، وهو الأمر المرفوض جملة وتفصيلاً من قبل الحكومة!
بمعنى آخر وصلت التضحية عند بعض نوابنا إلى درجة تبني الموضوع وكأنه «معاملة» لأحد مفاتيحه الانتخابية، وهنا جواب تساؤل القارئ الذي لم يعلم بأن شراء المديونيات مجرد مطالبة لبعض النواب نتمنى أن يقدم الله فيها ما هو خير، مع تمنياتنا بألا تكون هي السكين التي يتم بواسطتها تقاسم «كيكة» المال العام أو السيف الذي يسبب «الحل» الدستوري أو غير الدستوري، والحكمة علمتنا أن الذين يعتقدون بأن المال هو كل شيء، يعملون من أجله أي شيء!
(4)
«الكويتية»... خربانة!
منذ أيام صدر تقرير ديوان المحاسبة الذي تم اعداده بناء على طلب مجلس الأمة عن أوضاع مؤسسة «الخطوط الجوية الكويتية»، والتقرير فضيحة بالمقاييس كلها فهو يدين الإدارات المتعاقبة كلها التي كبدت المؤسسة خسائر تزيد على رأس المال المدفوع بنسبة 128 في المئة، كما يحتوي التقرير على إحصائية مفادها أن حجم التأخير على الرحلات 32 في المئة.
والأهم في التقرير أن تخصيص المؤسسة في الوقت الراهن - وهو ما يروج له البعض - سيكبد المال العام خسائر فادحة تزيد عما خسرته خلال فترة عملها، وذلك بسبب التدني الكبير لقيمة أصولها والانحراف الكبير في مسارها، ما يعني أن الحل الذي لا حل سواه هو اختيار قيادة جديدة لها تتمكن من إصلاح أوضاعها ومعالجة اختلالاتها.
كما يذكر التقرير أن مبالغ مالية كبيرة ضاعت على المؤسسة نتيجة ضعف تحصيلها لمستحقاتها، إضافة إلى استغلال بعض الموظفين للصلاحيات الممنوحة لهم في غير محلها في ظل انعدام المساءلة، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، كذلك يورد التقرير أن بعض الموظفين يخالفون القوانين المعمول بها في بعض الدول، ما يوقع المؤسسة في مشكلات قانونية... وكأن المؤسسة «ناقصة»!
كذلك يتحدث التقرير عن تسبب التلاعب والاختلاسات المستمرة بضياع مبالغ كبيرة على المؤسسة، ويتهم المؤسسة بتكبيد المال العام خسائر بالملايين نتيجة صفقات بيع المؤسسة لطائرتين من طائراتها، إضافة إلى كميات كبيرة متراكمة من قطع الغيار باهظة الثمن، بعضها لطائرات خرجت من الخدمة!
ماسيج:
- بشرنا وزير الصحة بقرب إصدار شهادات الميلاد لأبناء البدون، والله عيب عطيتوهم جوازات ليسافروا وتوكم تعطونهم ميلاديات، كلام وزير الصحة لحاله يستاهل إدانة من حقوق الانسان!
- دشنت وزارة الأشغال خطتها لتوسيع 8 مستشفيات، أما وزارة الصحة فعاجزة عن «حسن» إدارة مستشفى واحد، شلون لي انتهت التوسعة؟
- أصبحت «البصمة» وصفة إلزامية في مستشفى الجهراء بعد البندول ودواء الكحة، والهدف ضبط حركة الدخول والخروج من وإلى المستشفى والمراكز... «منفذ حدودي» أم مستشفى؟
- الهيكل التنظيمي لإدارة التعليم الخاص بوزارة التربية حوّلها إلى إدارة «غريبة» وفريدة من نوعها، فكل من فيها هم من المديرين والمراقبين من دون وجود موظفين لإدارتهم ومراقبتهم... براءة اختراع جديدة!
- وزارة الشؤون تركت المصايب كلها في ملفات العمالة وتجارة الإقامات والتفتت إلى الحياة الزوجية لتدعو إلى كسر الحاجز الزجاجي بين الزوجين، ولله في خلقه شؤون.
- طالبت نقابة العاملين في وزارة الأشغال بإلغاء نظام البصمة، لأنه يصور جميع الموظفات، ذلك أن جهاز البصمة يتضمن كاميرا تصور الموظف أثناء وضع إصبعه في الجهاز، وتنقل الصورة «لايف» على الإنترنت... والله يستر الوزير من استجواب «لايف»!
- رفع موظفو بيت الزكاة خمس قضايا على المدير العام على خلفية قضية الترقيات الأخيرة... لا تعليق!
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
[email protected]