كشف في مقابلة مع «الراي» أن «جلف ميرجر» تطمح للتوسع في لبنان والسعودية في 2009

مقابلة / مهندس الاندماجات يان بافي «يعيش أيامه»: زمن «الكاش» ولى والدفع يتم اليوم بالأسهم

1 يناير 1970 10:17 ص
|كتبت كارولين أسمر|
حين أسس يان بافي شركة «جلف ميرجر»، كانت الأسواق الخليجية في عز الطفرة. وكانت النزعة السائدة هي «تفريخ الشركات». كل مجموعة تؤسس شركة للطاقة وأخرى لإدارة الأصول وأخرى عقارية... وهكذا. لكن السيولة كانت متوافرة والجميع يعمل ويربح.
يقول بافي، الكندي - اللبناني الأصل، بلغة عربية مكسّرة، إن «زمن الكاش ولى». لكنه للمفارقة يجد أسباباً كثيرة ليكون سعيداً بذلك و«يعيش أيامه» في عز الأزمة، لا لشيء إلا لأنه متخصص في هندسة الاندماجات.
ومع أن الاندماجات يفترض ألا تكون دليل علة في الاقتصاد بالضرورة، بل إنها في الغالب خيار استثماري مهم للتوسع وتكبير حجم الأعمال، فإن فترات الأزمات تزيد من أهمية مثل هذا الخيار.
وليس خافياً أن أصوات بعض السياسيين والاقتصاديين المعنيين تعالت في الايام الاخيرة، لتقدم المشورة والنصيحة للشركات المتعثرة باللجوء الى الاندماج كأحد الحلول المطروحة للتخلص من غيوم الانهيارات التي باتت تظلل سماها من كل الجوانب.
وللاطلاع أكثر عن عمليات الاندماج والاستحواذ وعن الاجراءات الصحيحة والصحية لاتمامها بطريقة حرفية، التقت «الراي» المؤسس والمدير التنفيذي في شركة «جلف ميرجر» يان بافي. الذي أكد أن البيئة الاقتصادية الكويتية مهيأة اليوم لعمليات اندماج أو استحواذات شرط أن تتم بطريقة مدروسة وعلى أيدي أخصائيين لتفادي الوقوع في الكثير من الاخطاء الشائعة. متوقعاً أن نشهد الكثير من الصفقات من هذا النوع في 2009 التي ستتم ما بين الشركات الكويتية محلياً أو مع نظيراتها الإقليمية في دول الخليج، وأن يتم الدفع من الآن وصاعداً، في هذا النوع من الصفقات عبر الاسهم، لأن أيام «الكاش» قد ولّت. ولم يحبذ بافي فكرة اندماج شركتين متعثرتين مع بعض، لأن ثمرة هذا الزواج لا بد وأن تكون عليلة.
وفي ما يلي نص المقابلة:
• ما «جلف ميرجر»؟
- تأسست شركة «جلف ميرجر» في مارس من العام 2007، بهدف التركيز أساساً على مجالي الدمج والاستحواذ، كما انها شركة الاستشارات المالية الوحيدة في الكويت التي تقوم بهذه المهمة، وقد نفذنا 10 صفقات الى الآن منذ تأسيس الشركة، وهو يعد رقماً قياسياً في الكويت لصفقات من هذا النوع. وقد كان معظمها في مجال الاتصالات، شركات مواد البناء. والصفقة الاخيرة كانت مع تلفزيون «الراي» وشركة جاسم للنقليات التي قامت ببيع حصة مؤثرة لصندوق الملكية الخاصة التابع لـ «جلوبل»، وهي كانت أكبر صفقة بيع أسهم خاصة في الكويت الى الآن. ويتألف فريق عملنا من كفاءات عملت في مجال الخدمات المصرفية الخاصة في السوقين المحلي والعالمي، كانوا يعملون في «ليمان براذرز» في نيويورك، و«كريدي سويس»، بالإضافة الى أن محللينا هم خريجو أهم الجامعات في المنطقة، وبرأيي فإن فريق عملنا هذا هو أحد أهم الاسباب وراء نجاحنا.
•كيف تتم عملية الاندماجات؟ وما المهام التي تقومون بها لتنفيذ هذا النوع من الصفقات؟
- الشركات التي نعمل معها تعد الرائدة في مجالها. لكن طريقة اتمام عملية الاندماج والاستحواذ تعد جديدة ومتخصصة بالنسبة لهذه الشركات، وهنا يأتي دورنا لمساعدتهم في تقديم الاستشارات والتقييمات اللازمة. وهي مسألة غاية، في الاهمية، اذ من الضروري تقييم كل شركة على حدة ومعرفة قيمتها قبل الاقدام على بيعها أو شرائها وذلك لمصلحة الجانبين، ويتم ذلك عبر دراسة معمقة للشركة ومحاولة لفهمها جيداً، والاخذ بعين الاعتبار المخاطر المتوقعة، وهي مراحل تقنية جيدة جداً وبحاجة الى خبرة متخصصين في هذا المجال، تجدر الاشارة هنا الى أن أي عملية دمج أو استحواذ يرافقها مخاطر كثيرة منها معرفة مصادر القيم الموجودة في الشركة، وكيفية الحصول على المصادر، والاطلاع على تفاصيل عن مجلس الادارة وأعضائه.
• هل أصبح أمراً ملزماً، أن تتم عمليات الاندماجات والاستحواذات من خلال شركة متخصصة برأيكم؟
- في أكثر الأحيان، عندما يقصدنا العميل لتوسيع أعماله، لا يعلم ما الشركات التي يمكنه الاستحواذ عليها أو في أي دول موجودة هذه الشركات وأي قطاعات هي الانسب للاستثمار فيها. من هنا أهمية اللجوء الى شركة استشارية متخصصة تفادياً للوقوع في الاخطاء الشائعة والمتكررة. وأفظعها شراء شركة ما بسعر أعلى من قيمتها الحقيقية بكثير، أو الاستغناء عن ادارة الشركة أثناء عملية البيع أو الشراء بالرغم من أهمية هذه الادارة ومهارتها وارتباط وجودها بالسعر الذي يطرح، بالاضافة الى كل ذلك هناك من يقدم على شراء شركات ذات مشاكل قانونية متراكمة ومرتبطة بالعديد من القضايا في المحاكم وهذا يؤثر على قيمة الشركة عادةً.
• هل ترون أن البيئة الاقتصادية الكويتية حالياً مناسبة لعمليات اندماجات واستحواذات قد تكون حلاً مناسباً للعديد من الشركات المتعثرة؟ خصوصاً أن الاسهم في البورصة اليوم لا تعكس قيمتها الحقيقية؟
- أنا أرى أن الاندماجات في السوق الكويتي اليوم أمر ايجابي، شرط ألا تتم بصورة عشوائية. فدمج شركتين تعانيان من المشاكل لن يشكل حلاً جذرياً لهما، ولن يمح هذه المشاكل من الوجود. فنحن نشجع الاندماجات لخلق كيانات أكبر وأقوى في مجالها. والفكرة التي نسعى لتعميمها في الوسط الاقتصادي الكويتي، اليوم هي أن الاندماج مهم ولكن قبله يجب أن نجري عملية «تنظيف» للشركة والخطوة الاولى، في هذه العملية هو تركيز الاستثمارات في قطاعات محددة ومتقاربة، اذ ان الكثير من الشركات الكويتية وسعت استثماراتها في مجالات مختلفة واستثمرت في حصص غير مؤثرة وهي مشكلة كبيرة بالنسبة لأي مشكلة، اذ يصعب بعدها التخارج من هذه الاستثمارات لعدم امتلاك المستثمر قوة القرار وقلة الخيارات البديلة أمامه في وقت الازمات. أما الخطوة الثانية، هي التخفيف من نسبة مديونيات الشركة، لأن معظم الشركات الكويتية قطعت شوطاً كبيراً في مسألة الاقتراض. وهذه المشاكل لا تظهر بالعادة الا في أوقات الازمات المالية حين يصعب أيضاً ايجاد شار لتلك الحصص، لأن السيولة اليوم تحولت الى عملة نادرة.
• هل من اندماجات مستقبلية متوقعة في السوق الكويتي؟
- سيحصل العديد من الاندماجات في السوق الكويتي، ولكنها ستكون عمليات معقدة وصعبة وبحاجة للوقت، لكي تتم بطريقة صحيحة. ولكن عليهم أن يلجأوا الى «تنظيف» الشركة قبل دمجها مع أي كيان آخر. وعملية التنظيف هذه تتم عبر عملية اعادة هيكلة تشمل التخلص من الكيانات التابعة الخاسرة، والاستفادة القصوى من الكيانات المربحة والتي تدر عوائد مجزية للشركة الأم لتتمكن من الاستحواذ على شركات أخرى محلياً او اقليمياً بنفس المجال. وقبل عملية الاندماج هذه، علينا التخلص من الحصص التي تعرف بالـ«non-core» أو غير الجوهرية عبر بيعها واستغلال أموالها لتخفيض الديون، وتكون النتيجة بذلك الحصول على شركة تركز على نشاطها الاساسي وبنسبة مديونيات أقل. مما يساعد هذه الشركات على الاندماج مع شركات قوية أخرى تعمل في المجال نفسه.أو الاستحواذ على شركات قيمتها أقل.
• بمعنى آخر، أنتم لا تحبذون فكرة اندماج شركتين متعثرتين في شركة واحدة؟
- بالطبع لا... ولذلك نحن نشدد على عملية اعادة الهيكلة قبل القيام بأي خطوة مؤثرة في مسار الشركة. لأن زواج المريضين سينتج عنه ثمرة مريضة. لأن الفكرة المشاعة في وسط الاعمال الكويتي اليوم، والتي تدفع الشركات المتعثرة للاندماج مع بعضها البعض، هي أن الحكومة أو الدولة لن تسمح بانهيار الكيانات الكبيرة. وهذا الاعتقاد السائد أثبت فشله لأننا نرى اليوم كبرى متعثرة وأخرى في طريقها للانهيار.
• هل ترون أن اندماج الشركات العاملة في قطاعات مختلفة فكرة صائبة؟
- ممكن أن نجد هذه الحال في استـــثمارات صناديق الملكية الخاصة والتي هي عبارة عن شـــركات الاستـــثمار تركز على عدة قطاعات وتـــفكر ملياً قبل الدخول للاستثمار فيها للتأكد من قوة السوق والمجالات المـــتاحة لتكوين شركة.
الا أن هذه الصناديق تركز دائماً على الشركة التي تسعى للدخول كمستثمر فيها وتستعين بالعديد من خبرات شركات الاستثمار والشركات الاستشارية المتخصصة لرفع مســـتواها من المســــــتويات المحـــلية الى الاقليمية والعالمية، أغلب الاحيان عن طريق التوسع من خلال عمليات الدمج والاستحواذ. اما اندماج شـــركتين من قطاعين مختلفـــين، فهي مـــسألة نادرة جداً، لأن الافضل أن تكون الشركتان من القطاع نفسه أو من قطاعات متقاربة لكي تكون عملية الدمج منطقية ونافعة لكلا الطرفين.
• هل من صفقات اندماج أو استحواذ جديدة في القريب العاجل؟
- يجب أن نتوقع في العام 2009 نوعين من الصفقات، أولها عمليات دمج لم نر مثيلاً لها منذ سنتين، وشركات كويتية تندمج مع شركات أخرى في الخليج سعودية أو اماراتية، ونحن نعمل حالياً لاتمام صفقة من هذا النوع ما بين شركتين كبيرتين. كما سنرى شركات تستحوذ على شركات أخرى مقابل أسهم في الشركة الأم وليس عبر الدفع نقداً، لأن أيام الدفع نقداً وتوافر السيولة وّلت.
• هل ضاعفت الازمة المالية أعمال شركتكم؟
- قبل الازمة أنجزنا أكبر عدد من الصفقات والعمليات في تاريخ الكويت. ولكن لا بد أن الازمة فتحت مجالاً جديداً أمام الاندماجات التي لم تكن موجودة في السابق، بالاضافة الى استشارات اعادة الهيكلة التي لم تكن موجودة في السابق، فأكثر عملياتنا كانت تختص بالبيع والشراء والاستحواذات. فالازمة المالية قد تكون فتحت أمامنا مجالين جديدين هما الاندماجات والاستحواذات. وهو مؤشر جيد يدل على أن الشركات أصبحت تمتلك رؤى جديدة في هذا المجال لم تكن تملكها سابقاً، كما انها ستجبر اليوم على اتباع طرق والوسائل المتخصصة وطلب استشارات معينة قبل الاقدام على أي عملية شراء أو ما شابه ذلك. ولكن على المدى الطويل، لا أظن أنه من الممكن لأحد أن يستفيد من هذه الازمة.
• سعر الاسهم المدرجة حالياً في البورصة الكويتية لا يعكس قيمتها الحقيقية؟ كيف تحددون قيمة الشركة في أوضاع الازمات الراهنة؟
- هناك حالتان نقوّم فيها الشركات في أوضاع مماثلة، فإذا كانت الشركتان اللتان يتم دمجهما مدرجتين في البورصة وسعر سهميهما منخفض، هنا تكون العملية سهلة نوعاً ما بسبب تشابه العوامل المؤثرة في انخفاض هذين السهمين. وأحياناً تكون المشكلة عند دمج شركة مدرجة في السوق وشركة أخرى خاصة، عندها نطلب من الشركتين تركيز نظرتيهما المستقبلية، ونعد تصوراً مستقبلياً لمدة 5 أو 10 سنوات لتوقعاتهم على الايرادات المحتملة للشركة وأرباحها، وبناء على ذلك يستند تقييمنا حول هاتين الشركتين، وعليه يتم التفاوض حول الصفقة.بالاضافة للاستناد الى المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال، وهناك طرق معتمدة لابقاء المعادلة قائمة بين الشركتين.
• هل من السهل للشركات المتعثرة ايجاد شار يملك السيولة في ظل الاوضاع القائمة؟
- للأسف... فإن الازمة المالية جعلت من النقد والسيولة عملة نادرة من الصعب الحصول عليها، ومن الصعب جداً اليوم الحصول على السيولة من دون اللجوء الى اعادة الهيكلة واعادة ترتيب الاوضاع الداخلية لكي يشجعوا مستثمري القطاع الخاص وحتى الدولة لشراء حصص والدفع نقداً لانقاذ الوضع، وأول ما على الشركات فعله هو بيع الاصول غير الجوهرية أو الـ «non core assets»،.
أما كيف السبيل للتخلص من هذه الاسهم والحصص فهناك العديد من الوسائل، وليس بالضرورة التركيز على بيع هذه الاسهم، فمن الممكن الاستعاض عن البيع عبر نقلها الى شركة أخرى تعنى بادارة هذا النوع من الاصول او الاســـهمم غــير المؤثرة.
• كم تستغرق هذه الاجراءات من الوقت؟ في الحالات العادية والطارئة المستعجلة؟
- في الحالات الطبيعية تستغرق عملية الدرس والتدقيق ما بين 3 و 4 أشهر، أما في الحالات الطارئة التي يشعر فيها الطرفان بالضغط فمن الممكن أن نخرج بنتيجة من الدراسة بفترة شهرين. وكل ما أسرعت الاطراف الراغبة في الاندماج بعملية اعادة الهيكلة، كل ما كان أفضل وأحسن.
• هل من مشاريع أو صفقات جديدة تنجزها «جلف ميرجر» حالياً؟
- «جلف ميرجر» تطمح للتوسع في لبنان والسعودية كخطوة أولى في 2009 أو بداية 2010، في حين أن خطتنا الاساسية هي التواجد في جميع أنحاء المنطقة العربية ومنطقة الخليج ككل. أما من ناحية الدائرة التي سنعمل فيها، فان تركيزنا الاول سيكون على عمليتي الاندماج والاستحواذ. أما عن الصفقات التي نعمل عليها، فنحن نعمل على صفقات في السعودية، لبنان، الامارات، الكويت في مجالات متعددة وتخص شركات مهمة متوسطة وصغيرة في المنطقة قيمة رأسمالها أو حجمها لا تتعدى الـ 50 مليون دولار.
الا أن الشركات الاكبر منذ ذلك، تتجه الى شركات كبرى أمثال «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» و «كريدي سويس». وهناك شركة كويتـــية حالياً تقوم بالاستحواذ على شركة اقليمية.


نوعان من الهيكلة


شرح بافي أن هناك نوعين من اعادة الهيكلة الخاصة بالشركات عموماً، فهناك اعادة هيكلة مالية أو financial restructuring عبر بيـــع الاصول التي ليست بحاجة اليها واستخدام أموالها لدفع ديون أخرى، وأخرى عملية operational restructuring، وتشمل تخفيض عدد الموظفين، اقفال الوحدات العاملة أو دمجـــها لتخـــفيف المصـــاريف، التركيز على دولة واحدة