د. وائل الحساوي / نسمات / أهلاً بشباب الكويت في الدواوين الصباحية

1 يناير 1970 01:30 ص
انتشرت في الكويت الدواوين الصباحية بكثرة وأصبحت جيوش المتقاعدين الكويتيين يؤمون تلك الدواوين وكثير منهم في الأربعينات والخمسينات من أعمارهم إما لأن إغراء التقاعد يغطي ما يتم خصمه من المتقاعد، وما تسوى الإكمال في الوظيفة، وإما لأن التقاعد يعطيهم فرصة للعمل الحر ودخول البورصة وغيرها.
المشكلة هي ان البورصة قد انهارت انهياراً أصبح لا يكتفي بطرد المتعاملين فيها بل ويسحبهم من رقابهم إلى الخارج،وتحويشة العمر للكثيرين قد أصبحت كبخار الماء الذي لا يوقفه غير غيوم السماء، أما العمل الحر فقد أصبح أصعب من ارتياد الفضاء بمكوك وكالة ناسا أو القفز من عشرين طابقاً دون مظلة، والعبارة التي تسمعها من كل من تلتقيهم يومياً هي: أمسك مالك ولا تدخل في أي نشاط تجاري فالهون أبرك ما يكون.
وفي الحقيقة فإني لست حزيناً على وضع المتقاعدين بقدر حزني على الشباب اليافع الذي دخل وسيدخل سوق العمل، فقد بذلت الحكومة طرقاً كثيرة لاستقطابه للعمل في القطاع الخاص، منها دفع العلاوة الاجتماعية له وإلزام القطاع الخاص بتوظيف نسبة معينة من الكويتيين، وجعل ترسية المناقصات على القطاع الخاص مرتبطة بنسبة العمالة الكويتية وغيرها من الأمور، ومع هذا فلم تزد نسبة العمالة الكويتية في القطاع الخاص على 2 في المئة واليوم مع الانتكاسة الاقتصادية ووصول كثير من الشركات إلى درجة الإفلاس فإن الضحية الأولى لذلك هو الشباب الكويتي الذين يعملون في القطاع الخاص، فبعضهم قد تم التخلي عنه بحجة خسائر الشركات والمؤسسات وبعضهم تم تقليل الحوافز المادية له او تقليل راتبه - ولا توجد لدي احصائية بالأعداد - ولكن مع استمرار الأزمة والتي يقدرها البعض بما لا يقل عن سنتين فإننا سنرى شباباً كويتياً ملقى في الشوارع من دون عمل وشبابا لا يملكون ما يكفي لسد حاجتهم وحاجة عائلاتهم، أما الخصخصة فستبتعد عنا كبعد المريخ عن عطارد، وستزداد طوابير العاطلين عن العمل وسيزداد رواد الدواوين الصباحية من الشباب.
لقد تحدث وزير المالية وتحدث وزير التجارة وتحدث محافظ البنك المركزي وغيرهم كثيراً عن معالجات الوضع المالي المتأزم وكانت ثمرة احاديثهم مزيداً من الهبوط في السوق، وتحدث نواب القروض كعادتهم عن اسقاط القروض كحل جذري ووحيد للأزمة المالية - يبدو لي بأن عليهم قروضاً كثيرة يريدون الخلاص منها - ولكن الواقع يؤكد بأن الشباب الكويتي الذي هو الضحية الأكبر لهذا التخبط الحكومي والنيابي سيفتح عينيه ليرى امامه مستقبلاً مظلماً وحينها سيبحث عن المتسببين في تضليله وهدر مستقبله دون ان يصل اليهم... فهل نتدارك الأمر قبل فوات الأوان؟!
اعتذار: وقع خطأ مطبعي في كتابة عنوان مقالي يوم الأحد الماضي والصحيح هو: «لا تساعدوهم حتى يتحدوا».


د. وائل الحساوي
[email protected]